كَاتب الْأَمِير مَحْمُود وَكَانَ قد تنكر مَا بَينه وَبَين مخدومه الْأَمِير مَحْمُود وَظَاهر عَلَيْهِ ابْن الطبلاوي وَصَارَ يكاشفه بالعداوة فَجعله ابْن الطبلاوي من أكبر أعوانه على إِزَالَة مَحْمُود حَتَّى تمّ لَهُ ذَلِك فَكَانَ هَذَا ابْتِدَاء ظُهُور ابْن غراب واشتهار ذكره وَلم يبلغ الْعشْرين سنة. وَهَذِه أول غدراته فَإِن مَحْمُود أَخذه من الْإسْكَنْدَريَّة وَهُوَ طِفْل صَغِير ورباه عِنْده وَعلمه الْكِتَابَة ورتبه فِي كِتَابَة خَاص أَمْوَاله. فَلَمَّا كبر وَبلغ مبالغ الرِّجَال سمت نَفسه إِلَى الرِّئَاسَة وَرَأى أَنه يبْدَأ بمحمود ولي نعْمَته فيزيله أَولا وَكَانَ ابْن الطبلاوي قد كثر اخْتِصَاصه بالسلطان فَصَارَ إِلَيْهِ وساعده على مَحْمُود ودله على عوراته ومت إِلَيْهِ بِمَعْرِِفَة حواصل أَمْوَاله فَجمع بَينه وَبَين السُّلْطَان وأخلاه بِهِ فَعرفهُ من حَال مَحْمُود مَا أوجب لَهُ أَن صَارَت لَهُ بذلك الْيَد عِنْد السُّلْطَان وَكَانَ مَا يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَفِيه اسْتَقر مُحَمَّد بن العالي فِي ولَايَة المنوفية عوضا عَن آيدمر المظفري. وَفِي يَوْم السبت سادس شَوَّال: ابْتَدَأَ السُّلْطَان بِالْجُلُوسِ فِي الميدان تَحت القلعة للْحكم بَين النَّاس. وَكَانَت عَادَته أَن يجلس فِي يومي الْأَحَد وَالْأَرْبِعَاء فَغير بذلك بيومي الثُّلَاثَاء والسبت وَجعل الْأَحَد وَالْأَرْبِعَاء لمعاقرة الشَّرَاب مَعَ الْأُمَرَاء فاستمر ذَلِك. واستدعى مباشري الْأُمَرَاء وَقَالَ: لقد بَلغنِي أَنكُمْ تحمون الْبِلَاد فَمن سَمِعت أَنه حمى بَلَدا ضَربته بالمقارع وسمرته بل ساووا الأجناد فِي المغارم على النواحي. وَكتب إِلَى وُلَاة الْوَجْهَيْنِ القبلي والبحري بِأَن يكون الْأُمَرَاء والأجناد سَوَاء فِي المغرم. وَلَا تحمى بلد أَمِير عَن إِخْرَاج المغرم وَلَا يحمر فلاح الْبَتَّةَ. وَاتفقَ فِي زِيَادَة النّيل أَمر غَرِيب وَهُوَ أَن الزِّيَادَة استمرت مُنْذُ أَخذ القاع حَتَّى كملت ثَمَانِيَة أَذرع ثمَّ زَاد فِي سِتَّة أَيَّام ثَمَانِيَة أَذْرع وإصبعين وَهِي من يَوْم الْخَمِيس رَابِع شَوَّال إِلَى يَوْم الثُّلَاثَاء تاسعه وَهُوَ ثَالِث مسرى. وَفِيه كَانَ الْوَفَاء وَركب السُّلْطَان حَتَّى عدى النّيل إِلَى المقياس ثمَّ فتح الخليج على الْعَادة. وَفِي ثامن عشره: توجه الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد جمق بن الْأَمِير الْكَبِير أيتمش إِلَى الْحَج وَهُوَ أَمِير الركب فَكَانَ يَوْمًا مشهوداً. وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء أول ذِي الْقعدَة: قدم الْخَبَر من الْحجاز بِأَن الْحَرْب ثارت بَين بني
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute