الخليقة فيعاقب عَلَيْهِ وَعمل شخص دَعْوَة بِبَغْدَاد وَغسل يَده قبل أضيافه فَعلم الْخَلِيفَة بذلك من أَصْحَاب أخباره فَكتب فِي الْجَواب: سوء أدب من صَاحب الْبَلَد وفضول من كَاتب المطالعة. وَكَانَ رَدِيء السِّيرَة فِي رَعيته ظَالِما عسوفاً خرب الْعرَاق فِي أَيَّامه وتفرق أَهله فِي الْبِلَاد فَأخذ أملاكهم وَأَمْوَالهمْ وَكَانَ يحب جمع المَال ويباشر الْأُمُور بِنَفسِهِ ويركب بَين النَّاس ويجتمع بهم مَعَ سفكه للدماء وَفعله للأشياء المتضادة: فيغتصب الْأَمْوَال وَيتَصَدَّق وشغف برمي الطير بالبندق وَلبس سراويلات الفتوة وَحمل أهل الْأَمْصَار على ذَلِك وَعمل سَالم بن نصر الله بن وَاصل الْحَمَوِيّ فِي ذَلِك رِسَالَة بديعة وصنف النَّاصِر لدين الله كتابا فِي مروياته سَمَّاهُ روح العارفين وأعده للفقهاء بِمصْر وَالشَّام وَله شعر وَفِي خِلَافَته خرب التتر بِلَاد الْمشرق حَتَّى وصلوا إِلَى همذان وَكَانَ هُوَ السَّبَب فِي ذَلِك فَإِنَّهُ كتب إِلَيْهِم بالعبور إِلَى الْبِلَاد خوفًا من السُّلْطَان عَلَاء الدّين مُحَمَّد بن خوارزم شاه لما هم بِالِاسْتِيلَاءِ على بَغْدَاد وَأَن يَجْعَلهَا دَار ملكه كَمَا كَانَت السلجوقية وَلم يمت الْخَلِيفَة النَّاصِر لدين الله حَتَّى عمي وَقيل كَانَ يبصر بِإِحْدَى عَيْنَيْهِ وَقَامَ من بعده فِي الْخلَافَة ابْنه الظَّاهِر بِأَمْر الله أَبُو نصر مُحَمَّد - بِعَهْد من أَبِيه - يَوْم مَاتَ أَبوهُ وعمره مَا ينيف على خمسين سنة وَكَانَ يَقُول من يفتح دكانه الْعَصْر مَتى يستفتح. وَلما ولي أظهر الْعدْل وأزال عدَّة مظالم وَأطلق أهل السجون وَظهر للنَّاس وَكَانَ من قبله من الْخُلَفَاء لَا يظهرون إِلَّا نَادرا. وفيهَا وصل الْملك المسعود من الْيمن إِلَى مَكَّة وَمضى إِلَى الْقَاهِرَة من طَرِيق عيذاب فَقدم على أَبِيه الْكَامِل بقلعة الْجَبَل وَمَعَهُ هَدَايَا جليلة. وفيهَا مَاتَ الْوَزير الصاحب صفي الدّين عبد الله بن أبي الْحسن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عبد الْخَالِق بن الْحُسَيْن بن الْحسن بن مَنْصُور بن إِبْرَاهِيم بن عمار بن مَنْصُور بن عَليّ الشيبي أَبُو مُحَمَّد الْمَعْرُوف بِابْن شكر الْفَقِيه الدَّمِيرِيّ الْمَالِكِي فِي يَوْم الْجُمُعَة ثامن شعْبَان - وَقيل شَوَّال - بِالْقَاهِرَةِ وَدفن برباطه مِنْهَا وَكَانَ مولده بدميرة إِحْدَى قرى مصر البحرية فِي تَاسِع صفر سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَجمع من ابْن عَوْف وَغَيره وَحدث وَكَانَ جباراً جباها عاتياً عانيا بتقدمة الأراذل وَتَأَخر الأماثل أفقر علقاً كثيرا. وفيهَا قدم الشريف قَاسم الْحُسَيْنِي أَمِير الْمَدِينَة بعسكر إِلَى مَكَّة وحصرها نَحْو شهر وَبهَا نواب الْملك الْكَامِل فَلم يتَمَكَّن مِنْهَا بل قتل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute