سنة سِتّ وَعشْرين وسِتمِائَة فِيهَا غلت الأسعار بالسَّاحل ودمشق ووصلت نجدة من حلب إِلَى الْغَوْر. وفيهَا قفز الْأَمِير عز الدّين أيدمر المعظمي إِلَى الْملك الْكَامِل فَأحْسن إِلَيْهِ. فَفَارَقَ النَّاصِر دَاوُد من نابلس لما بلغه اتِّفَاق الْأَشْرَف مَعَ الْكَامِل عَلَيْهِ وَعَاد إِلَى دمشق فَبلغ الْأَشْرَف وَهُوَ بتل العجول ذَلِك فَسَار ليدركه فوافاه بقصير ابْن معِين الدّين من الْغَوْر تَحت عقبَة فيق وأعلمه الْأَشْرَف - بِحُضُور الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل وَالْملك المغيث والأمير عز الدّين أيبك المعظمي - أَنه اجْتمع بِالْملكِ الْكَامِل للإصلاح بَينهمَا. وَأَنه اجْتهد وحرص على أَن يرجع عَنْك فَامْتنعَ وَأبي إِلَّا أَن يَأْخُذ دمشق وَأَنت تعلم أَنه سُلْطَان الْبَيْت وَكَبِيرهمْ وَصَاحب الديار المصرية وَلَا يُمكن الْخُرُوج عَمَّا يَأْمر بِهِ وَقد وَقع الِاتِّفَاق على أَن تسلم إِلَيْهِ دمشق وتعوض عَنْهَا من الشرق كَذَا وَذكر مَا وَقع الِاتِّفَاق عَلَيْهِ فَلَمَّا فرغ الْأَشْرَف من كَلَامه قَامَ الْأَمِير عز الدّين أيبك وَهُوَ أكبر أَمِير مَعَ النَّاصِر دَاوُد وَقَالَ: لَا كيد وَلَا كَرَامَة وَلَا نسلم من الْبِلَاد حجرا وَاحِدًا وَنحن قادرون على دفع الْجَمِيع ومقاومتهم ومعنا العساكر المتوافرة وَأمر الْملك النَّاصِر بالركوب فركبا وقوضت الْخيام وسارا إِلَى دمشق وتحالف على النَّاصِر عَمه الصَّالح وَابْن عَمه المغيث وَلما وصل النَّاصِر إِلَى دمشق استعد للحصار وَقَامَ مَعَه أهل الْبَلَد لمحبتهم فِي أَبِيه وَسَار الْأَشْرَف بِمن مَعَه وحاصر دمشق وَقطع عَنْهَا أنهارها - باناس والقنوات وَيزِيد وثورا - فَخرج إِلَيْهِ الْعَسْكَر وَأهل الْبَلَد وحاربوه وَفِي أثْنَاء ذَلِك كثر تردد الْأَمِير فَخر الدّين بن شيخ الشُّيُوخ والشريف شمس الدّين الأرموي قَاضِي الْعَسْكَر بَين الإمبراطور فردريك ملك الفرنج إِلَى أَن وَقع الِاتِّفَاق أَن ملك الفرنج يَأْخُذ الْقُدس من الْمُسلمين ويبقيها على مَا هِيَ من الخراب وَلَا يجدد سورها وَأَن يكون سَائِر قوى الْقُدس للْمُسلمين لَا حكم فِيهَا للفرنج وَأَن الْحرم بِمَا حواه من الصَّخْرَة وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى - يكون بأيدي الْمُسلمين لَا يدْخلهُ الفرنج إِلَّا للزيارة فَقَط ويتولاه قوام من الْمُسلمين ويقيمون فِيهِ شعار الْإِسْلَام من الْأَذَان وَالصَّلَاة وَأَن تكون الْقرى الَّتِي فِيمَا بَين عكا وَبَين يافا وَبَين الْقُدس بأيدي الفرنج دون مَا عَداهَا من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute