سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة فِيهَا قصد السُّلْطَان عَلَاء الدّين كيقباد بن كيخسرو السلجوقي صَاحب بِلَاد الرّوم مَدِينَة خلاط فَخرج الْملك الْكَامِل من الْقَاهِرَة بعسكره لَيْلَة السبت خَامِس شعْبَان واستناب ابْنه الْملك الْعَادِل فوصل إِلَى دمشق وَكتب إِلَى مُلُوك بني أَيُّوب يَأْمُرهُم بالتجصز للمس! ر بعساكرهم إِلَى بِلَاد الرّوم وَخرج الْكَامِل من دمشق فَنزل على سليمَة فِي شهر رَمَضَان ورتب عساكره وَسَار إِلَى منبج فَقدم عَلَيْهِ عَسْكَر حلب وَغَيره من العساكر فَسَار وَقد صَار مَعَه سِتَّة عشر دهليزاً لسِتَّة عشر ملكا - وَقيل بل كَانُوا ثَمَانِيَة عشر ملكا فعرضهم الْكَامِل على إلبيرة أطلابا بأسلحتهم فلكثرة مَا أعجب بِنَفسِهِ قَالَ: هَذِه العساكر لم تَجْتَمِع لأحد من مُلُوك الْإِسْلَام. وَأمر بهَا فسارت شَيْئا بعد شَيْء نَحْو الدربند وَقد جد السُّلْطَان عَلَاء الدّين فِي حفظ طرقاته بالمقاتله وَنزل الْكَامِل على النَّهر الْأَزْرَق وَهُوَ بِأول بلد الرّوم وَنزل عَسَاكِر الرّوم فِيمَا بَينه وَبَين الدربند وأخفوا عَلَيْهِ رَأس الدربند وبنوا علمه سوراً يمْنَع العساكر من الطُّلُوع وقاتلوا من اعلاه فَقلت الأقوات عِنْد عَسْكَر الْكَامِل وَاتفقَ - مَعَ قلَّة الأقوات وَامْتِنَاع الدربند - نفور مُلُوك بني أَيُّوب من الْملك الْكَامِل بِسَبَب أَنه حفظ عَنهُ أَنه لما أَعْجَبته كَثْرَة عساكره بالبيرة قَالَ لخواصه: إِن صَار لنا ملك الرّوم فَإنَّا نعوض مُلُوك الشَّام والشرق مملكة الرّوم بدل مَا بِأَيْدِيهِم ونجعل الشَّام والشرق مُضَافا إِلَى ملك مصر. فحذر من ذَلِك الْمُجَاهِد صَاحب حمص وَأعلم بِهِ الْأَشْرَف مُوسَى صَاحب دمشق فأوجس فِي نَفسه خيفة مُوسَى وأحضر بني عَمه وأقاربه من الْمُلُوك وأعلمهم ذَلِك فاتفقوا على الْملك الْكَامِل وَكَتَبُوا إِلَى السُّلْطَان عَلَاء الدّين بالميل مَعَه وخذلان الْكَامِل وسيروا الْكتب بذلك فاتفق وُقُوعهَا فِي يَد الْملك الْكَامِل فكتمها ورحل رَاجعا فَأخذ السُّلْطَان عَلَاء الدّين طيقباد - ملك الرّوم - قلعة خرتبرت وست قلاع أخر كَانَت مَعَ الْمُلُوك الأرتقية فِي ذِي الْقعدَة فَاشْتَدَّ حنق الْملك الْكَامِل لما حصل على أمرائه وعساكره من صَاحب الرّوم فِي قلاع خرتبرت وَنسب ذَلِك إِلَى أَهله من الْمُلُوك فتنكر مَا بَينه وَبينهمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute