جُمَادَى الْآخِرَة بصاعقة سَقَطت على حصنة قَوَارِير خَارج مَدِينَة زبيد فارتاع وَأقَام أَيَّام لما بِهِ. وأقيم من بعده فِي مملكة الْيمن ابْنه الْمَنْصُور عبد الله وَكَانَ من شرار مُلُوك الأَرْض فسقاً وظلماً وَطَمَعًا. وَمَات ملك الْمغرب صَاحب فاس السُّلْطَان الْمُنْتَصر أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أبي سَالم إِبْرَاهِيم بن أبي إِسْحَق المريني فِي شهر رَجَب. وأقيم بعده ابْن أَخِيه أَبُو زيد عبد الرَّحْمَن. وَتُوفِّي الشَّيْخ الْملك أَبُو عبد الله الْمَعْرُوف بالعطار فِي ثامن عشْرين الْمحرم بِمَدِينَة النحريرية وَهُوَ آخر من بَقِي من أَصْحَاب الشَّيْخ يُوسُف العجمي. وَتُوفِّي قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين مُحَمَّد بن عبد الله بن سعد الْعَبْسِي الْقُدسِي الديري الْحَنَفِيّ بالقدس. وَقد توجه إِلَيْهِ زَائِرًا فِي يَوْم عرفه. ومولده سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة تخميناً. وَله معرفَة بالفقه وَالْأُصُول وَالتَّفْسِير والعربية وَفِيه شهامة وَقُوَّة. نَشأ بالقدس وَولي قَضَاء الْحَنَفِيَّة بديار مصر فَاشْتَدَّ فِيهِ وأجرى أُمُوره على السداد بِحَسب الْوَقْت. ثمَّ نقل من الْقَضَاء إِلَى مشيخة الْجَامِع المؤيدي رَحمَه الله. وَتُوفِّي زاهد الْوَقْت أبي بكر بن عمر بن مُحَمَّد الطريني الْفَقِيه الْمَالِكِي فِي يَوْم النَّحْر بِمَدِينَة الْمحلة. وَكَانَ قد ترك أكل اللَّحْم مُدَّة أَعْوَام تورعاً لما حدث من نهب الْبِلَاد وغارتها وقنع بِمَا يُقيم بِهِ أوده من أَرض يَزْرَعهَا فَكَانَ يقْتَصر فِي قوته وملبسه على مَا لَا يطيقه سواهُ. وَلَو قبل من النَّاس مَا يحبوه بِهِ لكنز قناطير مقنطرة من الذَّهَب وَالْفِضَّة لكنه أعرض عَن زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا ولذاتها حَتَّى لَعَلَّه مَاتَ من قلَّة الْغذَاء مَعَ مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ مَعَ ذَلِك من آثَار جميلَة وأيادي مشكورة وَعلم وَعمل مرضِي رفع الله درجاته فِي عليين.