بلبان والأمير حسام الدّين لُؤْلُؤ المَسْعُودِيّ والأمير سيف الدّين بِشَطْر الْخَوَارِزْمِيّ والأمير عز الدّين قضيب البان الْعَادِل والأمير شمس الدّين سنقر الدنيسري - فِي عدَّة كَبِيرَة من أتباعهم وأجنادهم وَخلق من مقدمي الْحلقَة والمماليك السُّلْطَانِيَّة وَسَارُوا يُرِيدُونَ الْملك الصَّالح بِدِمَشْق. وَذَلِكَ أَن الْملك الْعَادِل تقدم بتوجه الْعَسْكَر إِلَى السَّاحِل وَقدم عَلَيْهِ الرُّكْن الهيجاري وَأنْفق فيهم فَلَمَّا نزلُوا بلبيس اخْتلفُوا وخامر جُمُعَة من الْأُمَرَاء على الْعَادِل وعزموا على الْمسير إِلَى الْملك الصَّالح فَبعث الْعَادِل إِلَيْهِم الْأَمِير فَخر الدّين بن شيخ الشُّيُوخ وبهاء الدّين مليكيشو ليطيب خواطرهم فَلم يجيبوا وَخرج من الْقَاهِرَة عدَّة من الْحلقَة وَمَعَهُمْ طَائِفَة وَمنعُوا من غلق بَاب النَّصْر وَسَارُوا طَائِفَة بعد طَائِفَة على حمية فبطق الْعَادِل إِلَى من بَقِي مَعَه من الْأُمَرَاء الأكراد بمحاربة من خامر عَلَيْهِ ببلبيس قبل قدوم هَؤُلَاءِ عَلَيْهِم فاقتتل الأكراد مَعَ الأتراك ببلبيس وانكسر الأتراك المخامرون وَأخذ مِنْهُم أَمِير وَانْهَزَمَ باقيهم وهم فِي طَلَبهمْ إِلَى نَاحيَة سنيكسة. فلحق بهم من خرج من الْحلقَة ومضوا جَمِيعًا إِلَى تل العجول وعادت الخزانة الَّتِي كَانَت مَعَهم سَالِمَة إِلَى الْقَاهِرَة ثمَّ بعثوا يطْلبُونَ من الْعَادِل الْعَفو فَأَمنَهُمْ وَحلف لَهُم فَلم يرجِعوا وَسَارُوا إِلَى الْملك الصَّالح فَلَمَّا بلغُوا غَزَّة أَمر الْملك الصَّالح أستاداره بِالْعودِ إِلَى خوبة اللُّصُوص وَخرج هُوَ بِبَقِيَّة عسكره من دمشق لليلتين بَقِيَتَا من شهر رَمَضَان وَنزل الْملك الصَّالح الخربة وَوصل الْأَمِير نور الدّين بن فَخر الدّين بِمن مَعَه فسر بهم سُرُورًا كثيرا وَأخذُوا فِي تَقْوِيَة عزمه على قصد مصر فَرَحل وَاسْتولى على نابلس والأغوار. وأعمال الْقُدس والسواحل وَبعث ابْنه الْملك المغيث فتح الدّين عمر إِلَى دمشق وأقطع من قدم عَلَيْهِ من أُمَرَاء مصر نابلس وأعمالها ليتقووا بمغلها فَخرج النَّاصِر دَاوُد من مصر وَصَارَ إِلَى الكرك فانزعج الْملك الْعَادِل وَأمه لقدوم الصَّالح انزعاجاً عَظِيما وخافاه خوفًا كَبِيرا واضطربت مصر اضطراباً زَائِدا وَخرج فَخر الْقُضَاة فِي الدّين بن بصاقة فِي الرسَالَة إِلَى الْملك الصَّالح من الكرك عَن النَّاصِر دَاوُد بِأَنَّهُ فِي نصْرَة الْملك الصَّالح ومعاونته ويسأله دمشق وَجَمِيع مَا كَانَ لِأَبِيهِ فَلم تقع مُوَافقَة على ذَلِك فَسَار النَّاصِر إِلَى الْملك الْعَادِل وَنزل بدار الوزراة من الْقَاهِرَة ليعينه على محاربة أَخِيه الْملك الصَّالح فَقدم فِي ذِي الْحجَّة الصاحب محيي الدّين بن الْجَوْزِيّ برسالة الْخَلِيفَة إِلَى الْملك الصَّالح لصالح أَخَاهُ الْملك الْعَادِل فأجل الْملك الصَّالح قدومه إجلالاً كثيرا وَمَعَ ذَلِك فَإِن كتب الْأُمَرَاء - وَغَيرهم - ترد فِي كل قَلِيل على الْملك الصَّالح من مصر تعده بِالْقيامِ مَعَه وَأَن الْبِلَاد فِي يَده لِاتِّفَاق الْكَلِمَة على سلطنته.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute