قدم عَلَيْهِ التقاه وأجله وَضرب لَهُ دهليز السلطة وَاجْتمعَ عَلَيْهِ مماليكه وَأَصْحَابه الَّذين عنوا عِنْد النَّاصِر: مِنْهُم الْأَمِير شهَاب الدّين بن كَعْب كوجبا وشهاب الدّين الْغَرْس وكاتبه بهاء الدّين زُهَيْر وَتقدم النَّاصِر للخطيب بنابلس فِي يَوْم عيد الْفطر فَدَعَا الْملك الصَّالح وأشاع ذكره وَسَار النَّاصِر دَاوُد والصالح نجم الدّين إِلَى الْقُدس وتحالفا على أَن تكون ديار مصر للْملك الصَّالح وَالشَّام والشرق للناصر وَأَن يُعْطه مِائَتي ألف دِينَار فَكَانَت مُدَّة اعتقال الْملك الصَّالح سَبْعَة أشهر وأياماً ثمَّ سارا إِلَى غَزَّة فورد الْخَبَر بذلك على الْملك الْعَادِل بِمصْر فانزعج وَأمر بِخُرُوج الدهليز السلطاني والعساكر وبرز إِلَى بلبيس فِي نصف ذِي الْعقْدَة وَكتب إِلَى الصَّالح عماد الدّين أَن يخرج بعساكر دمشق فَخرج الصَّالح عماد الدّين بعساكره إِلَى الغوار فخاف الْملك الصَّالح وَالْملك النَّاصِر من التقاء عَسَاكِر مصر وَالشَّام عَلَيْهِمَا ورجعا من غَزَّة إِلَى نابلس ليتحصنا بالكرك وَكَانَ الْملك الْعَادِل قد شَره فِي اللّعب وَأكْثر من تَقْدِيم الصّبيان والمساخر وَأهل اللَّهْو حَتَّى حسبت نفقاته فِي هَذَا الْوَجْه خَاصَّة فَكَانَت سِتَّة آلَاف ألف وَعشْرين ألف ألف دِرْهَم وَأعْطى الْعَادِل عبدا أسوداً عمله طشت دَاره يعرف بِابْن كرسون منشوراً بِخَمْسِينَ فَارِسًا فَلَمَّا خرج بِهِ من بَاب الْقلَّة بقلعة الْجَبَل وجده الْأَمِير ركن الدّين الهيجاري أحد الْأُمَرَاء الأكابر فَأرَاهُ المنشور فحنق وَمَكَّة فِي وَجهه وَأخذ مِنْهُ المنشور وَصَارَ بَين الْأُمَرَاء وَبَين الْملك الْعَادِل وَحْشَة شَدِيدَة ونفرة عَظِيمَة وَاتفقَ مَا تقدم ذكره إِلَى أَن نزل الْعَادِل ببلبيس فَقَامَ الْأَمِير عز الدّين أيبك الأسمر - مقدم الأشرقية - وباطن عدَّة من الْأُمَرَاء والمماليك الأشرفية على خلع الْعَادِل وَالْقَبْض عَلَيْهِ وَوَافَقَهُمْ على هَذَا جَوْهَر التوبي وشمس الْخَواص - وهما من الخدام الكاملية وَجَمَاعَة أخر من الكاملية وهم مسرور الكاملي وكافور الفائزي وركبوا لَيْلًا وَأَحَاطُوا بدهليز الْملك الْعَادِل ورموه وقبضوا عَلَيْهِ ووكلوا بِهِ من يحفظه فِي خيمة فَلم يَتَحَرَّك أحد لنصرته إِلَّا أَن الأكراد هموا بِالْقيامِ لَهُ فَمَال عَلَيْهِم الأتراك والخدام ونهبوهم فَانْهَزَمَ الأكراد إِلَى الْقَاهِرَة وَيُقَال إِنَّه بلغ أيبك الأسمر أَن الْملك الْعَادِل سكر مَعَ شبابه وخواصه وَقَالَ لَهُم: عَن قَلِيل تشربون من دم أيبك الأسمر وَهَؤُلَاء العبيد السوء فلَان وَفُلَان وَسَمَّاهُمْ فَاجْتمعُوا على خلعه لاسيما لما طلب ابْن كرسون مِنْهُ أَن يُسلمهُ الْأَمِير شجعاع الدّين بن بزغش - وَإِلَى قوص - فأمكنه مِنْهُ وعاقبه أَشد عُقُوبَة وتنوع فِي عَذَابه وَلم يقبل فِيهِ شَفَاعَة أحد من الْأُمَرَاء وَكَانَ الْملك الْعَادِل قد قربه تَقْرِيبًا زَائِدا حَتَّى كَانَ يقْضِي عِنْده الْحَوَائِج الجليلة فأنفت الْأَنْفس من ذَلِك وخلع الْعَادِل فِي يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع شَوَّال فَكَانَت مُدَّة ملكه سنتَيْن وشهرين وَثَمَانِية عشر يَوْمًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute