وَقد صَار مَاء النّيل على ثَمَانِيَة عشر ذِرَاعا وَثَلَاثَة وَعشْرين إصبعاً. وَاتفقَ من الغرائب أَن يَوْم الْخَمِيس أول السّنة وَافقه أول يَوْم من تشرين وَهُوَ رَأس سنة الْيَهُود فاتفق أول سنة الْيَهُود مَعَ أول سنة الْمُسلمين وَيَوْم الْجُمُعَة وَافقه أول توت - وَهُوَ أول سنة النَّصَارَى القبط - فتوالت أَوَائِل سِنِين الْملَل الثَّلَاث فِي يَوْمَيْنِ متوالين وَاتفقَ ذَلِك أَن طَائِفَة الْيَهُود الربانيين يعْملُونَ رُءُوس سنينهم وشهورهم بِالْحِسَابِ وَطَائِفَة القرائين يعْملُونَ رُءُوس سنينهم وشهورهم بِرُؤْيَة الْأَهِلّة. كَمَا هُوَ عِنْد أهل الْإِسْلَام فَيَقَع بَين طائفتي الْيَهُود فِي رُءُوس السنين والشهور اخْتِلَاف كَبِير فاتفق فِي هَذِه السّنة مُطَابقَة حِسَاب الربانيين والقرائين للرؤيا فَعمل الطائفتان جَمِيعًا رَأس سنتهمْ يَوْم الْخَمِيس. وَهَذَا من النَّوَادِر الَّتِي لَا تقع إِلَّا فِي الأعوام المتطاولة. يَوْم الْأَحَد ثامن عشره: وَافقه سَابِع عشر توت وَهُوَ يَوْم عيد الصَّلِيب عِنْد أقباط مصر. وَنُودِيَ فِيهِ على النّيل بِزِيَادَة إِصْبَع لتتمة عشْرين ذِرَاعا تنقص إصبعاً وَاحِدًا. وَهَذَا أَيْضا مِمَّا ينْدر من كَثْرَة مَاء النّيل. وَفِي ثَالِث عشرينه: قدم الركب الأول من الْحجَّاج وَقدم الْمحمل من الْغَد بِبَقِيَّة الْحَاج. وَفِي سادس عشرينه: ضرب السُّلْطَان الْأَمِير أقبغا الجمالي أستادار وأنزله على حمَار إِلَى ييت الْأَمِير التَّاج وَالِي الْقَاهِرَة ليعاقبه على اسْتِخْرَاج المَال. وخلع من الْغَد يَوْم الثُّلَاثَاء سَابِع عشرينه على الْوَزير كريم الدّين ابْن كَاتب المناخ وَأَعَادَهُ إِلَى الأستادارية. وَرفعت يَده من مُبَاشرَة كِتَابَة السِّرّ فاستقل بالوزارة والأستادارية ورسم لشرف الدّين الْأَشْقَر نَائِب كَاتب السِّرّ بِمُبَاشَرَة كِتَابَة السِّرّ حَتَّى يسْتَقرّ أحد وَعين جمَاعَة لكتابة السِّرّ فَوَقع الِاخْتِيَار مِنْهُم على قَاضِي وَفِي ثامن عشرينه - الْمُوَافق لسابع عشْرين توت -: نُودي على النّيل بِزِيَادَة إِصْبَع لتتمة عشْرين ذِرَاعا وَخَمْسَة أَصَابِع. وَفِي هَذَا الشَّهْر: طرق الفرنج ميناء طرابلس الشَّام فِي يَوْم السبت عاشره وَأخذُوا مركبا فِيهِ عدد كثير من الْمُسلمين وبضائع لَهَا قيمَة جليلة. وَبينا هم فِي ذَلِك إِذْ قدمت مركب من دمياط فَأَخَذُوهَا أَيْضا بِمَا فِيهَا وَسَارُوا فَلَمَّا ورد الْخَبَر بذلك كتب بإيقاع الحوطة على أَمْوَال الفرنج الجنوية والقطلان دون البنادقة فأحيط بِأَمْوَالِهِمْ الَّتِي بِالشَّام والإسكندرية.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute