طرابلس وَكَانَ ولي مُنْذُ أَيَّام رجل من أهل دمشق يعرف بِابْن الزُّهْرِيّ وَتوجه من الْقَاهِرَة فعزل بِابْن الباعوني قبل وُصُوله إِلَى طرابلس وَكِلَاهُمَا تكلّف مَالا وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه. وَقدم الْخَبَر بَان دوكات ميلان يَعْنِي صَاحب ميلان وَهِي طَائِفَة من الفرنج تجَاوز مملكة البندقية وَلم يزَالُوا يحاربونهم ولدوكات هَذَا مملكة متسعة وَله سطوة ويوصف بعقل وَمَعْرِفَة وَكَانَ قد ملك جنوه مُدَّة ثمَّ إنتزعت مِنْهُ فِي سنة أَرْبَعِينَ وَثَمَانمِائَة فَلَمَّا كَانَ فِي هَذِه الْأَيَّام كتب إِلَى البابا برومية يسائه ويرغب إِلَيْهِ فِي أَن يجْتَمع بِهِ فِي محفل يجْتَمع فِيهِ القسيسون والرهبان وأعيان الرّوم والفرنج ليتفقوا جَمِيعًا على أَمر ديني يعقدوه فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك فَسَارُوا جَمِيعًا حَتَّى توافوا على فرارة وهى فِي طرف مملكة دوكات ميلان يجوار مملكة فرنتين وَكَانَ ذَلِك جمعا عَظِيما بِحَيْثُ ضَاقَ بهم الفضاء فَسَارُوا بأجمعهم ونزلوا أَرض مَدِينَة فرنتين وَذَلِكَ فِي فصل الصَّيف وَفصل الخريف ثمَّ إفترقوا وَعَاد كل مِنْهُم إِلَى وَطنه فَبَيْنَمَا الدوك سَائِر إِذْ طرقه البنادقة على حِين غَفلَة فَكَانَت بَينهمَا وقْعَة عَظِيمَة قتل فِيهَا مَا شَاءَ الله وإنهزم دوكات أقبح هزيمَة وَقد فني مُعظم عسكره ونهبت أَمْوَاله وَللَّه الْحَمد فَإِنَّهُ يُقَال إِن إجتماعه بالبابا كَانَ بِسَبَب محاربته للْمُسلمين وَأَن يُفَوض إِلَيْهِ التَّصَرُّف وَالْحكم فكفي الله أمره. وَفِي ثَالِث عشره: خلع على القَاضِي عَلَاء الدّين على بن مُحَمَّد بن سعد الْمَعْرُوف بِابْن خطب الناصرية وأعيد إِلَى قَضَاء حلب وَكَانَ قدم الْقَاهِرَة وعزل ابْن الْجَزرِي. وَفِي يَوْم الْجُمُعَة: إستقر وجود الْخبز بحوانيت الْأَسْوَاق بعد مَا كَانَ تعذر وجوده خَمْسَة عشر يَوْمًا بعامة أسواق الْقَاهِرَة ومصر والجيزة وتكالب النَّاس على طلبَ الدَّقِيق من الطواحين وَكثر إزدحامهم على أَبْوَابهَا وَقل وجود الغلال وإرتفع سعرها حَتَّى بلغ سعر الْقَمْح ثَلَاثمِائَة دِرْهَم الأردب. وتجاوزت البطة من الدَّقِيق مائَة دِرْهَم وَقل مَعَ ذَلِك وجود الشّعير والفول والتبن فقلق أَرْبَاب الدَّوَابّ وعزت المأكولات لاسيما الألبان فَإنَّا لم نعهد فِيمَا أدركناه من الغلوات أَن اللَّبن قل كَمَا قل فِي هَذِه السّنة وَللَّه عَاقِبَة الْأُمُور. والقمح بثلاثمائة وَثَلَاثِينَ درهما الأردب والبطة من الدَّقِيق بِمِائَة عشرَة دَرَاهِم والخيول مرتبطة على البراسيم وَقد بلغ الفدان البرسيم زِيَادَة على ألفي دِرْهَم وَقل وجود اللَّحْم من الضَّأْن بالأسواق عدَّة أَيَّام فِي هَذَا الشَّهْر وَلم يكد يُوجد السّمن وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute