فَلَمَّا قدم ابْن العديم إِلَى الْقَاهِرَة فِي يَوْم ٠٠٠ عقد مجْلِس بالقلعة عِنْد الْملك الْمَنْصُور وَحضر قَاضِي الْقُضَاة بدر الدّين حسن السنجاري وَالشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام: وسئلا فِي أَخذ أَمْوَال الْعَامَّة ونفقتها فِي العساكر فَقَالَ ابْن عبد السَّلَام: إِذا لم يبْق فِي بَيت المَال شَيْء أَو أنفقتم الحوائض الذَّهَب وَنَحْوهَا من الزِّينَة وساويتم الْعَامَّة فِي الملابس سوى آلَات الْحَرْب وَلم يبْق للجندي إِلَّا فرسه الَّتِي يركبهَا سَاغَ أَخذ شَيْء من أَمْوَال النَّاس فِي دفع الْأَعْدَاء. إِلَّا أَنه إِذا دهم الْعَدو وَجب على النَّاس كَافَّة دَفعه بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم وانفضوا. فَوجدَ الْأَمِير سيف الدّين قطز سَبِيلا إِلَى القَوْل وَأخذ يُنكر على الْملك الْمَنْصُور وَقَالَ: لابد من سُلْطَان ماهر قاهر يُقَاتل هَذَا الْعَدو وَالْملك الْمَنْصُور صبي صَغِير لَا يعرف تدبر المملكة. وَكَانَت قد كثرت مفاسد الْملك الْمَنْصُور عَليّ بن الْمعز أيبك واستهتر فِي اللّعب وتحكمت أمه فاضطربت الْأُمُور. وطمع الْأَمِير يُوسُف الدّين قطز فِي أَخذ السلطنة لنَفسِهِ وانتظر خُرُوج الْأُمَرَاء للصَّيْد: فَلَمَّا خرج الْأَمِير علم الدّين سنجر الغتمي والأمير سيف الدّين بهادر وَغَيره من المعزية لرمي البندق - وَكَانَ يَوْم السبت رَابِع عشري ذِي الْقعدَة - قبض قطز على الْمَنْصُور وعَلى أَخِيه قاقان وعَلى أمهما واعتقلهم فِي برج بقلعة الْجَبَل. فَكَانَت مُدَّة الْمَنْصُور سنتَيْن وَثَمَانِية أشهر وَثَلَاثَة أَيَّام. الْملك المظفر سيف الدّين قطز جلس على سَرِير بقلعة الْجَبَل يَوْم السبت الرَّابِع وَالْعِشْرين من ذِي الْقعدَة سنة سبع وَخمسين وسِتمِائَة. وَهُوَ ثَالِث مُلُوك التّرْك بِمصْر. وَفِي خامسه: ولي الوزراء زين الدّين يَعْقُوب بن عبد الرفيع بن يزِيد بن الزبير وَصرف تَاج الدّين عبد الْوَهَّاب ابْن بنت الْأَعَز فَبلغ ذَلِك الْأُمَرَاء فقدموا إِلَى قلعة الْجَبَل وأنكروا مَا كَانَ من قبض قطز على الْملك الْمَنْصُور وتوثبه على الْملك. فخافهم وَاعْتذر إِلَيْهِم بحركة التتار إِلَى جِهَة الشَّام ومصر والتخوف مَعَ هَذَا من الْملك النَّاصِر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute