الْملك النَّاصِر وَهُوَ على بَرزَة. فَكَتَبُوا بذلك إِلَى هولاكو فسير طَائِفَة من التتر وأوصاهم بِأَهْل دمشق ونهاهم أَن يَأْخُذُوا لأحد درهما فَمَا فَوْقه. فَلَمَّا كَانَ لَيْلَة الِاثْنَيْنِ تَاسِع عشر صفر: وصل رسل هولاكو صُحْبَة القَاضِي محيى الدّين بن الزكي وَكَانَ قد توجه من دمشق إِلَى هولاكو بحلب فَخلع عَلَيْهِ وولاه قَضَاء الشَّام وسيره إِلَى دمشق وَمَعَهُ الْوَالِي. فسكن النَّاس وجمعوا من الْغَد بالجامع فَلبس ابْن الزكي خلعة هولاكو وَجمع الْفُقَهَاء وَغَيرهم وَقَرَأَ عَلَيْهِم تَقْلِيد هولاكو. وقرئت فرمانات هولاكو بِأَمَان أهل دمشق وَفِي سادس عشر ربيع الأول: وصل نواب هولاكو فِي جمع من التتر صُحْبَة كتبغا نوين فقرئ فرمان بالأمان. وَورد فرمان على القَاضِي كَمَال الدّين عمر التفليسي نَائِب الحكم عَن قَاضِي الْقُضَاة صدر الدّين أَحْمد بن سني الدولة بِأَن يكون قَاضِي الْقُضَاة بمدائن الشَّام والموصل وماردين وميافارقين وَفِيه تَفْوِيض نظر الْأَوْقَاف إِلَيْهِ من جَامع وَغَيره فقرئ بالميدان الْأَخْضَر. وَغَارَتْ جمائع التتر على بِلَاد الشَّام حَتَّى وصلت أَطْرَاف بِلَاد غَزَّة وَبَيت جِبْرِيل والخليل وبركة زيزاء والصلت فَقتلُوا وَسبوا وأخفوا مَا قشروا عَلَيْهِ وعادوا إِلَى دمشق فباعوا بهَا الْمَوَاشِي وَغَيرهَا. واستطال النَّصَارَى بِدِمَشْق على الْمُسلمين وأحضروا فرمانا من هولاكو بالاعتناء بأمرهم وَإِقَامَة دينهم: فتظاهروا بِالْخمرِ فِي نَهَار رَمَضَان ورشوه على ثِيَاب الْمُسلمين فِي الطرقات وصبوه على أَبْوَاب الْمَسَاجِد وألزموا أَرْبَاب الحوانيت بِالْقيامِ إِذا مروا بالصليب عَلَيْهِم وأهانوا من امْتنع من الْقيام للصليب وصاروا يَمرونَ بِهِ فِي الشوارع إِلَى كَنِيسَة مَرْيَم ويقفون بِهِ ويخطبون فِي الثَّنَاء على دينهم وَقَالُوا جَهرا: ظهر الدّين الصَّحِيح دين الْمَسِيح. فقلق الْمُسلمُونَ من ذَلِك وَشَكوا أَمرهم لنائب هولاكو وَهُوَ كتبغا فأهانهم وَضرب بَعضهم وَعظم قدر قسوس النَّصَارَى وَنزل إِلَى كنائسهم وَأقَام شعارهم. وَجمع الزين الحافظي من النَّاس أَمْوَالًا جزيلة وَاشْترى بهَا ثيابًا وقدمها لكتبغا نَائِب هولاكو وليبيدرا وَسَائِر الْأُمَرَاء والمقدمين من التتر وواصل حمل الضيافات إِلَيْهِم كل يَوْم ثمَّ خرج كتبغا وبيدرا إِلَى مرج برغوث.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute