للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيهَا رَحل هولاكو عَن حلب يُرِيد الرُّجُوع إِلَى الشرق وَجعل كتبغا نوين نَائِبا عَنهُ بحلب وبيدرا نَائِبا بِدِمَشْق. وَأخذ هولاكو مَعَه من البحرية سَبْعَة مِنْهُم: سنقر الْأَشْقَر وسكز وفيهَا وصلت رسل هولاكو إِلَى مصر بِكِتَاب نَصه: من ملك الْمُلُوك شرقاً وغرباً القان الْأَعْظَم بِاسْمِك اللَّهُمَّ باسط الأَرْض وَرَافِع السَّمَاء يعلم الْملك المظفر قطز الَّذِي هُوَ من جنس المماليك الَّذين هربوا من سُيُوفنَا إِلَى هَذَا الإقليم يتنعمون بإنعامه وَيقْتلُونَ من كَانَ بسلطانه بعد ذَلِك. يعلم الْملك المظفر قطز وَسَار أُمَرَاء دولته وَأهل مَمْلَكَته بالديار المصرية وَمَا حولهَا من الْأَعْمَال أَنا نَحن جند الله فِي أرضه خلقنَا من سخطه وسلطنا على من حل بِهِ غَضَبه. فلكم بِجَمِيعِ الْبِلَاد مُعْتَبر وَعَن عزمنا مزدجر فاتعظوا بغيركم وَأَسْلمُوا إِلَيْنَا أَمركُم قبل أَن ينْكَشف الغطاء فتندموا وَيعود عَلَيْكُم الْخَطَأ. فَنحْن مَا نرحم من بَكَى وَلَا نرق لمن شكى وَقد سَمِعْتُمْ أننا قد فتحنا الْبِلَاد وَطَهِّرْنَا الأَرْض من الْفساد وقتلنا مُعظم الْبِلَاد فَعَلَيْكُم بالهرب وعلينا بِالطَّلَبِ. فَأَي أَرض تأويكم وَأي طَرِيق تنجيكم وَأي بِلَاد تحميكم. فَمَا من سُيُوفنَا خلاص وَلَا من مهابتنا مناص. فخيولنا سوابق وسهامنا خوارق وسيوفنا صواعق وقلوبنا كالجبال وعددنا كالرمال. فالحصون لدينا لَا تمنع والعساكر لقتالنا لَا تَنْفَع ومطركم علينا لَا يسمع فَإِنَّكُم أكلْتُم الْحَرَام وَلَا تعفون عِنْد الْكَلَام وخنتم العهود والأيمان وَفَشَا فِيكُم العقوق والعصيان. فأبشروا بالمذلة والهوان فاليوم تُجْزونَ عَذَاب الْهون بِمَا كُنْتُم تستكبرون فِي الأَرْض بِغَيْر الْحق وَبِمَا كُنْتُم تفسقون وَسَيعْلَمُ الَّذين ظلمُوا أَي مُنْقَلب يَنْقَلِبُون فَمن طلب حربنا نَدم وَمن قصد أماننا سلم. فَإِن أَنْتُم لشرطنا ولأمرنا أطعتم فلكم مَا لنا وَعَلَيْكُم مَا علينا وَإِن خالفتم هلكتم فَلَا تهلكوا نفوسكم بِأَيْدِيكُمْ. فقد حذر من أنذر وَقد ثَبت عنْدكُمْ أَن نَحن الْكَفَرَة وَقد ثَبت عندنَا أَنكُمْ الفجرة وَقد سلطنا عَلَيْكُم من لَهُ الْأُمُور الْمقدرَة وَالْأَحْكَام الْمُدبرَة فكثيركم عندنَا قَلِيل وعزيزكم عندنَا ذليل وَبِغير الأهنة لملوككم عندنَا سَبِيل. فَلَا تطلوا الْخطاب وأسرعوا برد الْجَواب قبل أَن تضرم الْحَرْب نارها وترمى نحوكم شِرَارهَا فَلَا تَجِدُونَ منا جاهاً وَلَا عزا وَلَا كَافِيا وَلَا حرْزا. وتدهون منا بأعظم داهية وتصبح بِلَادكُمْ مِنْكُم خَالِيَة. فقد أنصفنا إِذْ راسلناكم وأيقظناكم إِذْ حذرناكم فَمَا بَقِي لنا مقصد سواكم. وَالسَّلَام علينا وَعَلَيْكُم وعَلى من أطَاع الْهدى وخشي عواقب الردى وأطاع الْملك الْأَعْلَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>