للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَحمل قطز بعد ذَلِك إِلَى الْقَاهِرَة فَدفن بِالْقربِ من زَاوِيَة الشَّيْخ تَقِيّ الدّين قبل أَن تعمر ثمَّ نَقله الْحَاج قطز الظَّاهِرِيّ إِلَى القرافة وَدفن قَرِيبا من زَاوِيَة ابْن عبود. وَيُقَال إِن اسْمه مَحْمُود بن مَمْدُود وَإِن أمه أُخْت السُّلْطَان جلال الدّين خوارزم شاه وَإِن أَبَاهُ ابْن عَم السُّلْطَان جلال الْملك الظَّاهِر ركن الدّين بيبرس البندقداوي كَانَ بيبرس تركي الْجِنْس فَاشْتَرَاهُ الْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب وترقى فِي خدمته واستفاد من أخلاقه. فَلَمَّا مَاتَ الْملك الصَّالح قَامَ بيبرس فِي خدمَة ابْنه الْملك الْمُعظم تورانشاه إِلَى أَن قتل فَلم يزل يترقى إِلَى أَن قتل الْفَارِس أقطاي فَخرج من الْقَاهِرَة وتنقل فِي بِلَاد الشَّام. ثمَّ عَاد إِلَى مصر وَخرج مَعَ الْملك المظفر قطز إِلَى قتال التتر. فَلَمَّا قتل قطز سَار الْأُمَرَاء الَّذين قَتَلُوهُ إِلَى الدهليز السلطاني بالصالحية وَاتَّفَقُوا على سلطنة الْأَمِير بيبرس. فَقَامَ الْأَمِير أقطاي المستعرب الأتابك - وَكَانَ بالدهليز - وَقَالَ لِلْأُمَرَاءِ عِنْد حضورهم: من قَتله مِنْكُم. فَقَالَ الْأَمِير بيبرس: أَنا قتلته. فَقَالَ الْأَمِير أقطاي: يَا خوندا اجْلِسْ فِي مرتبَة السلطنة مَكَانَهُ. فَجَلَسَ بيبرس وَبَايَعَهُ أقطاي وَحلف لَهُ ثمَّ تلاه الْأَمِير بلبان الرَّشِيدِيّ والأمير بدر الدّين بيسري والأمير سيف الدّين قلاوون والأمير بيليك الخازندار ثمَّ بَقِيَّة الْأُمَرَاء على طبقاتهم. وتلقب بيبرس بِالْملكِ القاهر وَذَلِكَ فِي يَوْم السبت سَابِع عشر ذِي الْقعدَة الْمَذْكُور. فَقَالَ لَهُ الْأَمِير أقطاي الأتابك: لَا تتمّ السلطنة إِلَّا بدخولك إِلَى قلعة الْجَبَل. فَركب بيبرس لوقته وَمَعَهُ الْأَمِير أقطاي والأمير قلاوون والأمير بيسري والأمير بلبان والأمير بيليك ومماليكه. وَتوجه إِلَى قلعة الْجَبَل فَلَقِيَهُ الْأَمِير عز الدّين أيدمر الْحلِيّ نَائِب السلطنة بديار مصر وَكَانَ قد خرج إِلَى لِقَاء الْملك المظفر قطز. فَأعلمهُ بيبرس بِمَا جرى فَحلف لَهُ الْحلِيّ وتقدمه إِلَى القلعة ووعد من فِيهَا من الْأُمَرَاء بمواعيد جَيِّدَة عَن بيبرس فَلم يُخَالف مِنْهُم أحد. وَجلسَ الْأَمِير عز الدّين أيدمر الْحلِيّ على بَاب القلعة حَتَّى قدم بيبرس والأمراء فِي اللَّيْل فتسلم القلعة لَيْلَة الِاثْنَيْنِ تَاسِع عشر ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وسين وسِتمِائَة وَحضر إِلَيْهِ الصاحب الْوَزير زين الدّين يَعْقُوب بن الزبير وَأَشَارَ عَلَيْهِ أَن يجر اللقب بِالْملكِ القاهر فَإِنَّهُ مَا تلقب بِهِ أحد فأفلح فاستقر لقبه الْملك الظَّاهِر.

<<  <  ج: ص:  >  >>