للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمِمَّا يجب أَيْضا تَقْدِيم ذكره أَمر الْجِهَاد الَّذِي أضحى على الْأمة فرضا وَهُوَ الْعَمَل الَّذِي يرجع بِهِ مسود الصحائف مبيضاً. وَقد وعد الله الْمُجَاهدين بِالْأَجْرِ الْعَظِيم وَأعد لَهُم عِنْده الْمقَام الْكَرِيم وخصهم بِالْجنَّةِ الَّتِي لَا لَغْو فِيهَا وَلَا تأثيم. وَقد تقدّمت لَك فِي الْجِهَاد بَيْضَاء أسرعت فِي سَواد الحساد وَعرفت مِنْك عَزمَة هِيَ أمضى مِمَّا تجنه ضمائر الأغماد وأشهى إِلَى الْقُلُوب من الأعياد. وَبِك صان الله حمى الْإِسْلَام من أَن يتبدل وبعزك حفظ على الْمُسلمين نظام هَذِه الدول وسيفك أثر فِي قُلُوب الْكَافرين قروحا لَا تندمل وَبِك يُرْجَى أَن يرجع مقرّ الْخلَافَة إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الْأَيَّام الأول. فأيقظ لنصرة الْإِسْلَام جفناً مَا كَانَ غافياً وَلَا هاجعاً وَكن فِي مجاهدة أَعدَاء الله إِمَامًا متبوعاً لَا تَابعا وأيد كلمة التَّوْحِيد فَمَا تَجِد فِي تأييدها إِلَّا مُطيعًا سَامِعًا. وَلَا تخل الثغور من اهتمام بأمرها تَبَسم لَهُ الثغور واحتفال يُبدل مَا دجى من ظلماتها بِالنورِ. وَاجعَل أمرهَا على الْأُمُور مقدما وشيد مِنْهَا كل مَا غَادَرَهُ الْعَدو مِنْهُمَا فَهَذِهِ حصون بهَا يحصل الِانْتِفَاع وَهِي على الْعَدو دَاعِيَة افْتِرَاق لَا اجْتِمَاع. وأولاها بالاهتمام مَا كَانَ الْبَحْر لَهُ مجاوراً والعدو لَهُ ملتفتاً نَاظرا لاسيما الديار المصرية فَإِن الْعَدو وصل إِلَيْهَا رابحاً وَرَاح خاسراً واستأصلهم الله فِيهَا مَا أقَال مِنْهُم عاثراً. وَكَذَلِكَ أَمر الأسطول الَّذِي تزجي خيله كالأهلة وركائبه سَابِقَة بِغَيْر سائق مُسْتَقلَّة. وَهُوَ أَخُو الْجَيْش السُّلَيْمَانِي فَإِن ذَاك غَدَتْ الرِّيَاح لَهُ حاملة وَهَذَا تكلفت بِحمْلِهِ الْمِيَاه السائلة. وَإِذا لحظها جَارِيَة فِي الْبَحْر كَانَت كالأعلام وَإِذا شبهها قَالَ هَذِه لَيَال تقلع بِالْأَيَّامِ. وَقد سني الله لَك من السَّعَادَة كل مطلب وأتاك من أَصَالَة الرَّأْي الَّذِي يُرِيك الْمَعِيب وَبسط بعد الْقَبْض مِنْك الأمل ونشط بالسعادة مَا كَانَ من كسل وهداك إِلَى مناهج الْحق وَمَا زلت مهتدياً إِلَيْهَا وألزمك المراشد وَلَا تحْتَاج إِلَى تَنْبِيه عَلَيْهَا. وَالله يمدك بِأَسْبَاب نَصره ويوزعك شكر نعمه فَإِن النِّعْمَة ستتم بشكره. وَلما فرغ من قِرَاءَته ركب السُّلْطَان بالخلعة والطوق الذَّهَب والقيد الذَّهَب وَكَانَ الطالع برج السنبلة. وَحمل التَّقْلِيد الْأَمِير جمال الدّين التجِيبِي أستادار السُّلْطَان ثمَّ حمله الصاحب بهاء الدّين وَسَار بِهِ بَين يَدي السُّلْطَان وَسَائِر الْأُمَرَاء وَمن دونهم مشَاة سوي الْوَزير. وَدخل السُّلْطَان من بَاب النَّصْر وشق الْقَاهِرَة وَقد زينت وَبسط أَكثر الطَّرِيق بِثِيَاب فاخرة مَشى عَلَيْهَا فرس السُّلْطَان. وضج الْخلق بِالدُّعَاءِ. بإعزاز أَيَّامه وإعزاز

<<  <  ج: ص:  >  >>