للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وسِتمِائَة فِي الْخَمِيس ثامن الْمحرم: جلس الْملك الظَّاهِر مَجْلِسا عَاما جمع فِيهِ النَّاس. وحضره التتار الَّذين وفدوا من الْعرَاق وَالرسل المتوجهون إِلَى الْملك بركَة. وَجَاء الْأَمِير أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن أبي بكر عَليّ بن أبي بكر بن أَحْمد بن المسترشد بِاللَّه العباسي وَهُوَ رَاكب إِلَى الإيوان الْكَبِير بقلعة الْجَبَل وَجلسَ إِلَى جَانب السُّلْطَان وَقُرِئَ نسبه على النَّاس بَعْدَمَا ثَبت على قَاضِي الْقُضَاة تَاج الدّين عبد الْوَهَّاب ابْن بنت الْأَعَز ولقب بِالْإِمَامِ الْحَاكِم بِأَمْر الله أَمِير الْمُؤمنِينَ وَتَوَلَّى قِرَاءَة نسبه القَاضِي محيى الدّين بن عبد الظَّاهِر كَاتب السِّرّ. فَلَمَّا ثَبت ذَلِك مد السُّلْطَان يَده وَبَايَعَهُ على الْعَمَل بِكِتَاب الله وَسنة رَسُوله وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَجِهَاد أَعدَاء الله وَأخذ أَمْوَال الله بِحَقِّهَا وصرفها فِي مستحقها وَالْوَفَاء بالعهود وَإِقَامَة الْحُدُود وَمَا يجب على الْأَمِير فعله فِي أُمُور الدّين وحراسة الْمُسلمين. فَلَمَّا تمت الْبيعَة أقبل الْخَلِيفَة على السُّلْطَان وقلده أُمُور الْبِلَاد والعباد وَجعل إِلَيْهِ تَدْبِير الْخلق وإقامه قسيمه فِي الْقيام بِالْحَقِّ وفوض إِلَيْهِ سَائِر الْأُمُور وعلق بِهِ صَلَاح الْجُمْهُور. ثمَّ أَخذ النَّاس على اخْتِلَاف طبقاتهم فِي مبايعته فَلم يبْق ملك وَلَا أَمِير وَلَا وَزِير وَلَا قَاض وَلَا مشير وَلَا جندي وَلَا فَقِيه إِلَّا وَبَايَعَهُ. فَلَمَّا تمت الْبيعَة تحدث السُّلْطَان مَعَه فِي إِنْفَاذ الرُّسُل إِلَى الْملك بركَة وانفض النَّاس. فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي هَذَا الْيَوْم: اجْتمع النَّاس وَحضر الرُّسُل المذكورون وبرز الْخَلِيفَة الْحَاكِم بِأَمْر الله وَعَلِيهِ سوَاده وَصعد الْمِنْبَر لخطة الْجُمُعَة فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي أَقَامَ لكل الْعَبَّاس ركنا وظهيراً وَجعل لَهُم من لَدَيْهِ سُلْطَانا ونصيراً. أَحْمَده على السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَأَسْتَنْصِرهُ على دفع الْأَعْدَاء وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى آله وَصَحبه نُجُوم الاهتداء وأئمة الِاقْتِدَاء الْأَرْبَعَة الْخُلَفَاء وعَلى الْعَبَّاس عَمه وَكَاشف غمه أبي السَّادة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَالْأَئِمَّة المهتدين وعَلى بَقِيَّة الصَّحَابَة التَّابِعين لَهُم بِإِحْسَان إِلَى يَوْم الدّين. أَيهَا النَّاس اعلموا أَن الْإِمَامَة فرض من فروض الْإِسْلَام وَالْجهَاد محتوم على جَمِيع الْأَنَام وَلَا يقوم علم الْجِهَاد إِلَّا باجتماع كلمة الْعباد وَلَا سببت الْحرم إِلَّا بإنتهاك الْمَحَارِم وَلَا سفكت الدِّمَاء إِلَّا بارتكاب المآثم. فَلَو شاهدتم أَعدَاء الْإِسْلَام حِين دخلُوا دَار السَّلَام

<<  <  ج: ص:  >  >>