سنة أَربع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة فِي الْمحرم: عقد الْأَمِير سيف الدّين قلاوون عِنْده على ابْنة الْأَمِير سيف الدّين كرمون التتري الْوَافِد. فَنزل السُّلْطَان من قلعة الْجَبَل وَضرب الدهليز بسوق الْخَيل عِنْدَمَا دخل الْأَمِير قلاوون عَلَيْهَا. وَقَامَ السُّلْطَان بِكُل مَا يتَعَلَّق بالأسمطة وَجلسَ على الخوان وَلم يبْق أحد من الْأُمَرَاء حَتَّى بعث إِلَى قلاوون الْخَيل وبقج الثِّيَاب وَأرْسل إِلَيْهِ السُّلْطَان تعابى قماش وخيلا وَعشرَة مماليك فَقبل قلاوون الْمُتَقَدّمَة واستعفى من المماليك وَقَالَ: هَؤُلَاءِ خوشداشيتي فِي خدمَة السُّلْطَان فأعفي. وَفِيه كتب إِلَى دمشق بِثَلَاثَة تقاليد: أَحدهَا بتقليد شمس الدّين عبد الله مُحَمَّد بن عطا الْحَنَفِيّ قَاضِي الْقُضَاة وَالْآخر بتقليد زين الدّين أبي مُحَمَّد عبد السَّلَام بن على بن عمر الزواوي الْمَالِكِي قَاضِي الْقُضَاة الْمَالِكِيَّة وَالثَّالِث بتقليد شمس الدّين عبد الرَّحْمَن بن الشَّيْخ أبي عمر مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن قدامَة الْحَنْبَلِيّ قَاضِي الْقُضَاة الْحَنَابِلَة. فَصَارَ بِدِمَشْق أَرْبَعَة قُضَاة وَكَانَ قَاضِي الْقُضَاة الشَّافِعِي شمس الدّين أَحْمد بن خلكان فَصَارَ الْحَال كَمَا هُوَ بديار مصر وَاسْتمرّ ذَلِك. وَاتفقَ إِنَّه لما قدمت عهود الْقُضَاة الثَّلَاثَة لم يقبل الْمَالِكِي وَلَا الْحَنْبَلِيّ وَقبل الْحَنَفِيّ فورد مرسوم السُّلْطَان بإلزامهما بذلك وَأخذ مَا بأياديهما من الْوَظَائِف إِن لم يفعلا فأجابا. ثمَّ أصبح الْمَالِكِي وعزل نَفسه عَن الْقَضَاء والوظائف فورد المرسوم بإلزامه فَأجَاب وَامْتنع هُوَ والحنبلي من تنَاول جامكية على الْقَضَاء. وَقَالَ بعض أدباء دمشق لما رَأْي اجْتِمَاع قُضَاة كل وَاحِد مِنْهُم لقبه شمس الدّين: أهل دمشق استرابوا من كَثْرَة الْحُكَّام