وَفِي هَذِه السّنة: أنشأ السُّلْطَان قنطرة على بَحر أبي المنجا بِنَاحِيَة ببسوس وتولي عَملهَا الْأَمِير عز الدّين أيبك الأفرم فَجَاءَت من أعظم القناطر. وفيهَا أنشأ السُّلْطَان الْقصر الأبلق بِدِمَشْق بالميدان الْأَخْضَر على نهر بردي فتولي عمل ذَلِك الْأَمِير أقوش النجيبي نَائِب دمشق فعمره بالرخام الْأَبْيَض وَالْأسود وَجعل جانبا عَظِيما مِنْهُ تحف بِهِ الْبَسَاتِين والأنهار من كل نَاحيَة وَلم يعْمل بِدِمَشْق قبله مثله. ومازال عَامِرًا تنزله الْمُلُوك إِلَى أَن هَدمه تيمورلنك فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة عِنْد حريق دمشق وخرابها. وفيهَا جلس منكوتمر بن طغان بن باتوتان بن دوشي خَان بن جنكيزخان على كرْسِي مملكة القفجاق صراي عوضا عَن الْملك بركَة خَان بن دوشي خَان بن جنكيزخان بعد وَفَاته هَذِه السّنة. وَكَانَ بركَة خَان قد مَال إِلَى دين الْإِسْلَام وَهُوَ أعظم مُلُوك التتر وكرسي مَمْلَكَته مَدِينَة صراي. وفيهَا مَاتَ قَاضِي الْقُضَاة تَاج الدّين أَبُو مُحَمَّد عبد الْوَهَّاب بن خلف بن أبي الْقَاسِم العلامي الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بِابْن بنت الْأَعَز فِي سَابِع عشري شهر رَجَب من إِحْدَى وَخمسين سنة فولي قَضَاء الْقَاهِرَة وَالْوَجْه البحري تَقِيّ الدّين مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن رزين الشَّافِعِي وَولي قَضَاء مصر محيي الدّين عبد الله بن شرف الدّين مُحَمَّد بن عبد الله بن الْحسن بن عبد الله بن على بن صَدَقَة بن حَفْص الْمَعْرُوف بِابْن عين الدولة فِي يَوْم الْخَمِيس تَاسِع شعْبَان. بمرسوم ورد عَلَيْهِ عقيب وَفَاة تَاج الدّين ابْن بنت الْأَعَز بِأَن يتَوَلَّى قَضَاء مصر وَالْوَجْه القبلي. وفيهَا حج الْأَمِير الْحلِيّ وَتصدق بِمَال بَعثه بِهِ السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر وَحج الصاحب محيي الدّين بن الصاحب بهاء الدّين بن حنا. وَمَات فِي هَذِه السّنة الْأَمِير نَاصِر الدّين حسن بن عَزِيز القيمري نَائِب السلطنة بالسَّاحل. وَتُوفِّي شهَاب الدّين أَبُو الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان الْمَعْرُوف بِأبي شامة الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي بِدِمَشْق عَن سِتّ وَسِتِّينَ سنة.