للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سنة سِتّ وَسبعين وسِتمِائَة فِي خَامِس الْمحرم: دخل السُّلْطَان من أنطاكية إِلَى دمشق بعساكره وَنزل بِالْقصرِ الأبلق فكثرت الْأَخْبَار بقدوم أبغا إِلَى الأبلستين وَأَنه يُرِيد بِلَاد الشَّام فَضرب الدهليز على الْقصر ليخرج السُّلْطَان إِلَى لِقَائِه فورد الْخَبَر بِرُجُوع ألبغا إِلَى بِلَاده فَرد الدهليز إِلَى دمشق. وَلما كَانَ فِي يَوْم الْخَمِيس رَابِع عشره: جلس السُّلْطَان لشرب القمز وَقد عظم سروره وفرحه وتناهي سعده فَأكْثر من الشّرْب وانقضي الْمجْلس فتوعك بدنه وَأصْبح يشكو فتقيأ وَركب بعد الصَّلَاة إِلَى الميدان ثمَّ عَاد إِلَى الْقصر الأبلق آخر النَّهَار وَبَات فِيهِ فَلَمَّا أصبح وَهُوَ يشكو حرارة فِي بَاطِنه اسْتعْمل دَوَاء لم يكن عَن رَأْي طَبِيب فَلم ينجح وتزايد ألمه فاستدعى الْأَطِبَّاء فانكروا اسْتِعْمَاله الدَّوَاء وَاتَّفَقُوا على أَخذ مسهل وسقوه فَلم يفد فحركوه بدواء آخر فأفرط بِهِ الإسهال وتضاعفت الحمي وَرمي دَمًا يُقَال إِنَّه كبده فعولج بجواهر وَمَات. وَقَالَ الشَّيْخ قطب الدّين اليونيني فِي تَارِيخه: إِن الظَّاهِر كَانَ مُولَعا بِعلم النُّجُوم فَقيل لَهُ أَنه يَمُوت بِدِمَشْق فِي سنة سِتّ وَسبعين هَذِه ملك بالسم فاهتم من ذَلِك وَيُقَال إِنَّه كَانَ فِيهِ حد فَلَمَّا دخل مَعَه إِلَى بِلَاد الرّوم الْملك القاهر بهاء الدّين عبد الْملك بن الْملك الْمُعظم عيسي بن الْعَادِل أبي بكر بن أَيُّوب أبلي فِي المصاف بلَاء عَظِيما أنكي بِهِ الْعَدو وتعجب النَّاس لعظم شجاعته فأثر ذَلِك عِنْد السُّلْطَان. وَاتفقَ أَن السُّلْطَان كَانَ مِنْهُ ذَلِك الْيَوْم فتور وَظهر عَلَيْهِ الْخَوْف والندم على مَا فعله من تورط نَفسه وعساكره بِبِلَاد الرّوم فَأنْكر عَلَيْهِ الْملك القاهر وقبح فعله فَأسر لَهُ السُّلْطَان ذَلِك إِلَى أَن قدم فِي دمشق فَسمع السُّلْطَان النَّاس تلهج مِمَّا فعله الْملك القاهر فِي وَقت المصاف فَاشْتَدَّ حنقه وَأخذ يتحيل فِي سمه ليَصِح فِيهِ مَا دلّت عَلَيْهِ النُّجُوم من موت ملك بِالشَّام فَإِنَّهُ يُطلق عَلَيْهِ اسْم الْملك فَعمل دَعْوَة لشرب القمز حضرها الْملك

<<  <  ج: ص:  >  >>