للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

منكوتمر. وصدمت ميمنة التتر ميسرَة الْمُسلمين فَانْكَسَرت الميسرة وَانْهَزَمَ من كَانَ فِيهَا وانكسر جنَاح الْقلب الْأَيْسَر. وسَاق التتر خلف الْمُسلمين حَتَّى انتهو إِلَى تَحت حمص وَقد غلقت أَبْوَابهَا ووقعوا فِي السوقة والعامة والرجالة والمجاهدين والغلمان بِظَاهِر حمص فَقتلُوا مِنْهُم خلقا كثيرا وأشرف النَّاس على التلاف. وَلم يعلم الْمُسلمُونَ من أهل الميسرة. بِمَا جري للْمُسلمين أهل الميمنة من النَّصْر وَلَا علم التتار الَّذين ساقوا خلف الْمُسلمُونَ مَا نزل. بميسرتهم من الْكسْوَة وَوصل إِلَى بعض المنهزمين إِلَى صفد وَكثير مِنْهُم دخل دمشق وَمر بَعضهم إِلَى غَزَّة فاضطرب النَّاس بِهَذِهِ الْبِلَاد وانزعجوا انزعاجاً عَظِيما. وَأما التتر الَّذين ساقوا خلف المنهزمين من الْمُسلمين أَصْحَاب الميسرة فَإِنَّهُم نزلُوا عَن خيولهم وأيقنوا بالنصر وَأَرْسلُوا خيولهم توعي فِي مرج حمص وأكلوا ونهبوا الأثقال والوطاقات والخزانة وهم يحسبون أَن أَصْحَابهم ستدركهم فَلَمَّا أبطأوا عَلَيْهِم بعثوا من يكْشف الْخَبَر فَعَادَت كشافتهم وَأَخْبَرتهمْ أَن منكوتمر هرب فَرَكبُوا وردوا رَاجِعين. هَذَا مَا كَانَ من أَمر ميمنة التتار وميسرة الْمُسلمين. وَأما ميمنة الْمُسلمين فَإِنَّهَا ثبتَتْ وهزمت ميسرَة التتار حَتَّى انْتَهَت إِلَى الْقلب إِلَّا الْملك الْمَنْصُور قلاوون فَإِنَّهُ ثَبت تَحت الصناجق وَلم يبْق مَعَه غير ثَلَاثمِائَة فَارس والكوسات تضرب. وَتقدم سنقر الْأَشْقَر وبيسري وطيبرس الوزيري وأمير سلَاح وأيتمش السَّعْدِيّ ولاجين نَائِب دمشق وطرنطاي نَائِب مصر والدواداري وأمثالهم من أَعْيَان الْأُمَرَاء إِلَى التتار وأتاهم عيسي بن مهنا فِيمَن مَعَه فَقتلُوا من التتار مقتلة عَظِيمَة. وَكَانَ منكوتمر مقدم التتار قَائِما فِي جَيْشه فَلَمَّا أَرَادَهُ الله من هزيمته نزل عَن فرسه وَنظر من تَحت أرجل الْخَيل فرأي الأثقال وَالدَّوَاب فَاعْتقد أَنَّهَا عَسَاكِر وَلم يكن الْأَمر كَذَلِك بل كَانَ السُّلْطَان قد تَفَرَّقت عَنهُ عساكره مَا بَين مُنْهَزِم وَمن تقدم الْقِتَال حَتَّى بَقِي مَعَه نَحْو الثلاثمائة فَارس لَا غير. فَنَهَضَ منكوتمر من الأَرْض ليركب فتقنطر عَن فرسه فَنزل التتر كلهم لأَجله وأخذوه. فعندما رَآهُمْ الْمُسلمُونَ قد ترجلوا حملُوا عَلَيْهِم وَاحِدَة كَانَ الله مَعَهم فِيهَا فانتصروا على التتار. وَقيل إِن الْأَمِير عز الدّين أزدمر الْحَاج حمل فِي عَسْكَر التتار وَأظْهر أَنه من المنهزمين فَقَدمهُمْ وسال أَن يُوصل إِلَى منكوتمر فَلَمَّا قرب مِنْهُ حمل عَلَيْهِ وألقاه عَن فرسه إِلَى الأَرْض فَلَمَّا سقط نزل التتار إِلَيْهِ من أجل إِنَّه وَقع فَحمل الْمُسلمُونَ عَلَيْهِم عِنْد ذَلِك

<<  <  ج: ص:  >  >>