وَقدم على السُّلْطَان وَهُوَ بطرابلس رسل سيس يسْأَلُون مزاحمة فَطلب مِنْهُم مرعش وبهنا وَالْقِيَام بالقطيعة على الْعَادة وأعادهم وَقد خلع عَلَيْهِم. وَخرج الْأَمِير طرنطاي نَائِب السلطنة إِلَى حلب. وَأقَام الْأَمِير سنجر الشجاعي متحدثا فِي الْأَمْوَال بِدِمَشْق فأوقع الحوطة على تَقِيّ الدّين تَوْبَة وَأخذ حواصله وباعها على النَّاس بأغلى الْأَثْمَان حَتَّى جمع من ذَلِك خَمْسمِائَة ألف دِرْهَم فخاف مِنْهُ النَّاس وفر كثير. مِنْهُم وَعَاد طرنطاي فِي سَابِع رحب. وَورد على السُّلْطَان كتاب وَلَده الْأَشْرَف بِأَن سلامش وخضرا ابْني السُّلْطَان الظَّاهِر بيبرس قد راسلا الظَّاهِرِيَّة وَأَنه يخْشَى عَاقِبَة ذَلِك. فَكتب السُّلْطَان بِأَن يخرجَا وأمهما إِلَى ثغر الْإسْكَنْدَريَّة ويحملوا فِي الْبَحْر إِلَى بِلَاد الأشكري فأخرجوا لَيْلًا. وَكَانَ فِي ذَلِك أعظم عِبْرَة: فَإِن الظَّاهِر بيبرس أخرج قاقان وعليا ابْني الْمعز أيبك إِلَى بِلَاد الأشكري ومعهما أمهما فَعُوقِبَ. بِمثل ذَلِك وَأخرج ولداه وأمهما ليجزي الله كل نفس بِمَا وَخرج السُّلْطَان من دمشق فِي ثَانِي شعْبَان وَمَعَهُ تَقِيّ الدّين تَوْبَة مُقَيّدا وَقد نَالَ أهل دمشق ضَرَر كَبِير. فَدخل السُّلْطَان قلعة الْجَبَل فِي آخر شعْبَان وجرد الْأَمِير عز الدّين أيبك الأفرم أَمِير جاندرا إِلَى بِلَاد النّوبَة وَمَعَهُ من الْأُمَرَاء قبجاق المنصوري وبكتمر الجوكندار وأيدمر وَإِلَى قوص وأطلاب كثير من الْأُمَرَاء وَسَائِر أجناد المراكز بِالْوَجْهِ القبلي ونواب الْوُلَاة وَمن عربان الْوَجْهَيْنِ القبلي والبحري عدَّة أَرْبَعِينَ ألف راجل وَمَعَهُمْ متملك النّوبَة وجريس فَسَارُوا فِي ثامن شَوَّال وصحبتهم خَمْسمِائَة مركب مَا بَين حراريق ومراكب كبار وصغار تحمل الزَّاد وَالسِّلَاح والأثقال. فَلَمَّا وصلوا ثغر أسوان مَاتَ متملك النّوبَة فَدفن باسوان. فطالع الْأَمِير عز الدّين الأفرم السُّلْطَان بِمَوْتِهِ فَجهز إِلَيْهِ من أَوْلَاد أُخْت الْملك دَاوُد رجلا كَانَ بِالْقَاهِرَةِ ليملكه فَأدْرك الْعَسْكَر على خيل الْبَرِيد بأسوان وَسَار مَعَه. وَقد انقسموا نِصْفَيْنِ: أَحدهمَا الْأَمِير عز الدّين الأفرم وقبجاق فِي نصف الْعَسْكَر من التّرْك وَالْعرب فِي الْبر الغربي وَسَار الْأَمِير أيدمر وَإِلَى قوص والأمير بكتمر بالبقية على الْبر الشَّرْقِي وتقدمهم جريش نَائِب ملك النّوبَة وَمَعَهُ أَوْلَاد الْكَنْز ليؤمن أهل الْبِلَاد ويجهز الإقامات. فَكَانَ الْعَسْكَر إِذا قدم إِلَى بلد خرج إِلَيْهِ الْمَشَايِخ والأعيان وقبلوا الأَرْض وَأخذُوا الْأمان وعادوا وَذَلِكَ من بلد الدو إِلَى جزائر مِيكَائِيل وَهِي ولَايَة جريس وَأما مَا عدا ذَلِك من الْبِلَاد الَّتِي لم يكن لجريس عَلَيْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute