فحاربوهم، واستمرت الْحَرْب بَينهم وَبَين أهل عكا مُدَّة أَيَّام. وَكتب إِلَى السُّلْطَان بذلك، فَأخذ فِي الاستعداد لحربهم. فشرع الْأَمِير شمس الدّين سنقر الأعسر فِي عمل ذَلِك، وَقرر على ضيَاع المرج وغوطه دمشق مَالا على كل رجل مَا بَين ألفي دِرْهَم إِلَى خَمْسمِائَة دِرْهَم، وجبى أَيْضا من ضيَاع بعلبك وَالْبِقَاع. وَسَار إِلَى وَاد بَين جبال عكا وبعلبك لقطع أخشاب المجانيق، فَسقط عَلَيْهِ ثلج عَظِيم كَاد أَن يهلكه، فَركب وسَاق وَترك أتقاله وخيامه لينجو بِنَفسِهِ، فطمها الثَّلج تَحْتَهُ إِلَى زمن الصَّيف، فَتلف أَكْثَرهَا. وَفِي سادس شَوَّال: أفرج عَن الْأَمِير الْكَبِير علم الدّين سنجر الْحلَبِي، فَكَانَت مُدَّة اعتقاله خمس سِنِين وَتِسْعَة أشهر وأياماً. وَفِي آخر شَوَّال: برز السُّلْطَان بِظَاهِر الْقَاهِرَة، وَنزل بمخيمه بِمَسْجِد تبر، يُرِيد فتح عكا. فَأَصَابَهُ وعك فِي أول لَيْلَة وَأقَام يَوْمَيْنِ بِغَيْر ركُوب، ثمَّ اشْتَدَّ مَرضه وَصَارَ الْأَشْرَف ينزل إِلَيْهِ كل يَوْم من القلعة وَيُقِيم عِنْده إِلَى بعد الْعَصْر وَيعود. فكثرت القالة وانتشرت حَتَّى ورد الْخَبَر بحركة الْعَرَب بِبِلَاد الصَّعِيد، فَأخْرج النَّائِب طرنطاي قراقوش الظَّاهِرِيّ والأمير [ ... . .] أَبَا شامة لتدراك ذَلِك. وَاشْتَدَّ مرض السُّلْطَان إِلَى أَن مَاتَ بمخيمة تجاه مَسْجِد تبر خَارج الْقَاهِرَة فِي لَيْلَة السبت سادس ذِي الْقعدَة، فَحمل إِلَى القلعة لَيْلًا، وعادت الْأُمَرَاء إل بيوتها. وَكَانَت مُدَّة سلطنته إِحْدَى عشرَة سنة وشهرين وَأَرْبَعَة وَعشْرين يَوْمًا، وعمره نَحْو سبعين سنة. وَترك ثَلَاثَة أَوْلَاد ذُكُورا اشهر وأياماً: وهم الْملك الْأَشْرَف خَلِيل الَّذِي ملك بعده، وَالْملك الناصار مُحَمَّد وَملك أَيْضا، والأمير أَحْمد وَقد مَاتَ فِي سلطنة أَخِيه الْأَشْرَف. وَترك من الْبَنَات ابْنَتَيْن: وهما ألتطمش وتعرف بدار مُخْتَار وَأُخْتهَا دَار عنبر، وَزَوْجَة وَاحِدَة وَهِي أم النَّاصِر مُحَمَّد. وناب عَنهُ بِمصْر الْأَمِير عز الدّين أيبك الأفرم ثمَّ استعفى. فاستقر بعده حسام الدّين طرنطاي حَتَّى مَاتَ السُّلْطَان. وَكَانَ نائبة بِدِمَشْق بعد سنقر الْأَمِير حسام الدّين لاجين السِّلَاح دَار الْمَعْرُوف بالصغير، ونوابه بحلب الْأَمِير جمال الدّين أقش الشمسي، فَلَمَّا مَاتَ جمال الدّين اسْتَقر الْأَمِير علم الدّين سنجر الباشقردي، وَصرف بالأمير قراسنقر الجو كندار. وناب عَنهُ بحضن الأكراد بلبان الطباخي، وبصفد عَلَاء الدّين الكلبلي، وبالكرك أيبك الموصلى اثم بيبرس الدودار. ووزر لَهُ الصاحب برهَان الدّين خضر السنجاري مرَّتَيْنِ، وفخر الدّين إِبْرَاهِيم بن لُقْمَان، وَنجم الدّين حَمْزَة الأصفوني، وقاضي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين عبد الرَّحْمَن ابْن بنت الْأَعَز، ثمَّ الْأَمِير علم الدّين سنجر الشجاعي وَكَانَ يَلِي شدّ الدَّوَاوِين. فَإِذا لم يكن فِي الدولة وَزِير تحدث فِي الوزارة، ثمَّ اسْتَقل بالوزارة بعد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute