وَقيل يَوْم الْخَمِيس ثامن عشرَة بعد عُقُوبَة شَدِيدَة، وَترك بعد قَتله فِي قَتله فِي مَجْلِسه ثَمَانِيَة أَيَّام، ثمَّ أخرج لَيْلَة الْجُمُعَة سادس عشريه فِي حَصِير على جنوبة إِلَى الفراقة، فَغسل بزاوية أبي السُّعُود وكفنه شَيخنَا صَدَقَة عَنهُ، وَدَفنه بِظَاهِر الزاوية لَيْلًا. فَلَمَّا تسلطن كتبغا نَقله إِلَى مدرسته بِالْقَاهِرَةِ وَدَفنه بهَا، وَهُوَ إِلَى الْيَوْم هُنَاكَ. وَكَانَ سَبَب قَتله كَرَاهَة الْأَشْرَف لَهُ من أَيَّام أَبِيه، فَإِن طرنطاي كَانَ يطْرَح الشّرف، ويهين نوابه وَمن ينْسب غليه، ويرجح أَخَاهُ الْملك الصَّالح عَلَيْهِ. وَلم يتلاف ذَلِك بعد موت الصَّالح، بل جرى على عَادَته فِي إهانة من ينْسب غليه، وأغرى الْملك الْمَنْصُور بشمس الدّين السلعوس نَاظر ديوَان الْملك الْأَشْرَف حَتَّى ضربه وَصَرفه. ثمَّ وشى بِهِ إِلَى الْأَشْرَف أَنه يُرِيد الْقَبْض عَلَيْهِ عِنْد ركُوبه إِلَى الميدان، وَيُقَال إِنَّه لما دخل عَلَيْهِ وجد لابساً عدَّة الْحَرْب، وعندما قبض على طرنطاي نزل الشجاعي - وَكَانَ عدوه - إِلَى دَاره، وأوقع الحوطة على مَوْجُودَة، فَوجدَ لَهُ من الذَّهَب الْعين ألف ألف وسِتمِائَة ألف دِينَار مصرية، وَمن الْفضة سَبْعَة عشر ألف رَطْل وَمِائَة رَطْل بالمصري، وَمن الْعدَد والقماش والخيول والمماليك وَالْبِغَال وَالْجمال والغلال، والآلات والأملاك والنحاس المكفت والمطعم والزردخاناه والسروج واللجم، وقماتش الطشتخاناه والركاب خاناه والفراش خاناه، والحوائص والبضائع والمقاوضات والودائع، والقنود والأعسال مَا لَا يحضر. وَلما حملت أَمْوَال طرنطاي إِلَى الْأَشْرَف قَالَ: ((من عَاشَ بعد عدوه يَوْمًا فقد بلغ المنى)) ، وَبعد أَيَّام من مقتل طرنطاي سُئِلَ وَلَده الْحُضُور، فَلَمَّا وَقع بَين يَدي الْأَشْرَف إِذْ هُوَ أعمي، فَبكى وَمد يَده كَهَيئَةِ السُّؤَال وَقَالَ: ((شَيْء)) وَذكر أَن لأَهله أَيَّامًا مَا عِنْدهم مَا يَأْكُلُون، فرق لَهُ السُّلْطَان، وَأَفْرج عَن أَمْلَاك طرنطاي، وَقَالَ: ((تبلغوا بريعها)) . وَفِيه ولي وَشرف الدّين الْحُسَيْن بن قدامَة فِي قَضَاء الْحَنَابِلَة بِدِمَشْق، بعد موت نجم الدّين أَحْمد بن قدامَة، وتحدث الْأَمِير علم الدّين سنجر الشجاعي فِي النِّيَابَة بعد طرنطاي، من غير أَن يخلع عَلَيْهِ، وَلَا كتب لَهُ تَقْلِيد النِّيَابَة، ثمَّ اسْتَقر فِي نِيَابَة السلطنة الْأَمِير بدر الدّين بيدرا، وخلع عَلَيْهِ. وَفِي تَاسِع عشر ذِي الْقعدَة: طلب الْأَمِير سنقر الأعسر شاد الدواوينك بِالشَّام، فَحَضَرَ فِي ذِي الْحجَّة، فَأمر الْأَشْرَف بضربه فَعُوقِبَ مرَارًا. وَاسْتقر عوضه سيف الدّين طوغان المنصوري، وأعيد تَقِيّ الدّين تَوْبَة إِلَى وزارة الشَّام، فأوقع الحوطة على مَوْجُود سنقر الأعسر.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute