للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سنة ثَلَاث وَتِسْعين وسِتمِائَة فِي ثَالِث الْمحرم: عدي السُّلْطَان النّيل إِلَى بر الجيزة يُرِيد الْبحيرَة للصَّيْد وَمَعَهُ الْأَمِير بيدرا والوزير ابْن السلعوس. واستخلف بقلعة الْجَبَل الْأَمِير على الدّين سنجر الشجاعي وَقد اشتدت الْعَدَاوَة بَين الْأَمِير بيدرا وَبَين ابْن السلعوس. فوصل السُّلْطَان إِلَى تروجة وَنزل بهَا وَتوجه الْوَزير إِلَى الاسكندرية ليعبي القماش وَيحصل الْأَمْوَال بَعْدَمَا خلع السُّلْطَان عَلَيْهِ طرد وَحش. فَوجدَ الْوَزير أَن نواب بيدرا قد استولوا على المتاجر والاستعمالات فَكتب يعرف السُّلْطَان ذَلِك ويغريه ببيدرا وَأَنه لم يجد بالثغر مَا يَكْفِي الإطلاقات على جاري الْعَادة. فَاشْتَدَّ غضب السُّلْطَان وَطلب بيدرا وسبه بِحَضْرَة الْأُمَرَاء وتوعده بِأَنَّهُ لابد أَن يُمكن ابْن السلعوس من ضربه بِمَا لَا يذكر. فتلطف بيدرا حَتَّى خرج إِلَى مخيمه وَقد اشْتَدَّ خَوفه فَجمع أَعْيَان الْأُمَرَاء من خشداشيته وَمِنْهُم الْأَمِير لاجين والأمير قرا سنقر وَمن يُوَافقهُ وَقرر مَعَهم قتل السُّلْطَان فَإِنَّهُ كَانَ قد أذن لِلْأُمَرَاءِ الأكابر أَن يخرجُوا إِلَى إقطاعاتهم فَسَارُوا إِلَيْهَا وَبَقِي فِي خواصه إِلَى يَوْم تاسوعاء. فتوصل الْأَمِير بيدرا إِلَى أَن أُشير على السُّلْطَان بتقدم الْعَسْكَر إِلَى الْقَاهِرَة فَبعث الْأَمِير سيف الدّين أَبَا بكر بن الجمقدار نَائِب أَمِير جاندار إِلَى بيدرا يَأْمُرهُ أَن يسير تَحت الصناجق بالأمراء والعسكر فَلَمَّا بلغه نَائِب أَمِير جاندار الرسَالَة نفر فِيهِ ثمَّ قَالَ لَهُ السّمع وَالطَّاعَة وَقد تبين الْغَضَب فِي وَجهه فَرجع ابْن أَمِير جاندار وَحمل الزردخاناه وَسَار ورحل الدهليز والعسكر. وَأصْبح السُّلْطَان يَوْم عَاشُورَاء فَبَلغهُ أَن بتروجة طيراً كثيرا فساق وَضرب حَلقَة صيد وَعَاد إِلَى مخيمه آخر النَّهَار. ثمَّ لما كَانَ الْحَادِي عشر توجه النَّاس إِلَى الْقَاهِرَة وَحضر بيدرا وَمن قرر مَعَه قتل السُّلْطَان إِلَى الدهليز فَلم يخرج السُّلْطَان وَأَعْطَاهُمْ دستوراً فتوجهوا إِلَى خيامهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>