للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أَن كتب إِلَى جَمِيع الْوُلَاة بالنداء إِلَّا يحرج أحد إِلَى عمل عيد الشَّهِيد. فشق ذَلِك على النَّصَارَى واجتمعوا مَعَ الأقباط الَّذين أظهرُوا الْإِسْلَام وصاروا إِلَى التَّاج بن سعيد الدولة لتمكنه من الْأَمِير بيبرس فَصَارَ إِلَيْهِ وخيله من انكسار الْخراج بِإِبْطَال الْعِيد وَمن عدم طُلُوع النّيل فَلم يلْتَفت إِلَيْهِ وصمم على إِبْطَاله فَبَطل. وفيهَا جهز صَاحب سيس مراكب إِلَى نَحْو قبرص فِيهَا بضائع قيمتهَا قريب من مائَة ألف دِينَار فألقاها الرّيح على مينة دمياط فَأخذت برمتها. وفيهَا قدم الْخَبَر بقحط بِلَاد تقطاي مُدَّة ثَلَاث سِنِين ثمَّ أعقبه موتان فِي الْخَيل وَالْغنم حَتَّى فنيت وَلم يبْق عِنْدهم مَا يُؤْكَل فباعوا أَوْلَادهم وأقاربهم للتجار فقدموا بهم إِلَى مصر وَغَيرهَا. وفيهَا كَانَت الزلزلة الْعَظِيمَة: وَذَلِكَ إِنَّه حصل بِالْقَاهِرَةِ ومصر فِي مُدَّة نصب القلاع والزينة من الْفساد فِي الْحَرِيم وَشرب الْخُمُور مَا لَا يُمكن وَصفه من خَامِس شهر رَمَضَان إِلَى أَن قلعت فِي فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْخَمِيس ثَالِث عشرى ذِي الْحجَّة: عِنْد صَلَاة الصُّبْح اهتزت الأَرْض كلهَا وَسمع للحيطان قعقة وللسقوف أصوات شَدِيدَة وَصَارَ الْمَاشِي يمِيل والراكب يسْقط حَتَّى تخيل النَّاس أَن السَّمَاء أطبقت على الأَرْض فَخَرجُوا فِي الطرقات رجَالًا وَنسَاء قد أعجلهم الْخَوْف والفزع عَن ستر النِّسَاء وجوههن وَاشْتَدَّ الصُّرَاخ وَعظم الضجيج والعويل وتساقطت الدّور وتشققت الجدران وتهدمت مأذن الْجَوَامِع والمدارس وَوضع كثير من النِّسَاء الْحَوَامِل مَا فِي بطونهن وخرحت ريَاح عَاصِفَة فَفَاضَ مَاء النّيل حَتَّى ألْقى المراكب الَّتِي كَانَت بالشاطئ قدر رمية سهم وَعَاد المَاء عَنْهَا فَصَارَت على اليبس وتقطعت مراسيها واقتلع الرّيح المراكب السائرة فِي وسط المَاء وحذفها إِلَى الشاطئ. وفقد للنَّاس من الْأَمْوَال شيىء كثير: فَإِنَّهُم لما خَرجُوا من دُورهمْ فزعين تركوها من غير أَن يعوا على شيىء مِمَّا فِيهَا فَدَخلَهَا أهل الدعارة وَأخذُوا مَا أَحبُّوا. وَصَارَ النَّاس إِلَى خَارج الْقَاهِرَة وَبَات أَكْثَرهم خَارج بَاب الْبَحْر ونصبوا الخيم من بولاق إِلَى الرَّوْضَة. وَلم تكد دَار بِالْقَاهِرَةِ ومصر تسلم من الْهدم أَو تشعث بَعْضهَا وَسَقَطت الزروب الَّتِي بِأَعْلَى الدّور وَلم تبْق دَار إِلَّا وعَلى بَابهَا التُّرَاب والطوب وَنَحْوه. وَبَات النَّاس لَيْلَة الْجُمُعَة بالجوامع والمساجد يدعونَ الله إِلَى وَقت صَلَاة الْجُمُعَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>