واستمرت الزلزلة خمس درج إِلَّا أَن الأَرْض أَقَامَت عشْرين يَوْمًا ترجف وَهلك تَحت الرَّدْم خلائق لَا تحصى. وَكَانَ الزَّمَان صيفاً فَتَوَلّى بعد ذَلِك سموم شَدِيدَة الْحر عدَّة أَيَّام. واشتغل النَّاس بِالْقَاهِرَةِ ومصر مُدَّة فِي رم مَا تشعث وَبني مَا هدم وغلت أَصْنَاف الْعِمَارَة لِكَثْرَة طلبَهَا فَإِن الْقَاهِرَة ومصر صَارَت بِحَيْثُ إِذا رَآهَا الْإِنْسَان يتخيل أَن الْعَدو أغار عَلَيْهَا وخربها فَكَانَ فِي ذَلِك لطف من الله بعباده فَإِنَّهُم رجعُوا عَن بعض مَا كَانُوا عَلَيْهِ من اللَّهْو وَالْفساد أَيَّام الزِّينَة وَفِيهِمْ من أقلع عَن ذَلِك لِكَثْرَة توارد الْأَخْبَار من بِلَاد الفرنج وَسَائِر الأقطار. مِمَّا كَانَ من هَذِه الزلزلة. وَاتفقَ فِيهَا من الْأَمر العجيب أَن الْأَمِير بيبرس الجاشنكير لما رم مَا تشعت من الزلزلة بالجامع الحاكمي وجد فِي ركن من المأذنة كف إِنْسَان بزنده قد لف فِي قطن وَعَلِيهِ أسطر مَكْتُوبَة لم يدر مَا هِيَ والكف طرى. ونبشت دكان لبان مِمَّا سقط فِي الزلزلة فَإِذا أخشابها قد تصلبت على اللبان وَهُوَ حَيّ وَعِنْده جرة لبن يتقوت مِنْهَا مُدَّة أَيَّام فَأخْرج حَيا لم يمسهُ سوء. وَفِي هده السّنة: اسْتَقر فِي نِيَابَة صفد الْأَمِير سنقر شاه المنصوري عوضا عَن بدخاص وأنعم على بدخاص بإمرة بديار مصر. وَنقل قبجق من نِيَابَة الشوبك إِلَى نِيَابَة حماة عوضا عَن الْعَادِل كتبغا بعد مَوته. وَاسْتقر بلبان الجوكندار فِي نِيَابَة حمص بعد موت سيف الدّين البكي. ثمَّ استعفي بلبان فولى عز الدّين أيبك الْحَمَوِيّ نَائِب قلعة دمشق عوضه وَاسْتقر عوضه فِي نِيَابَة قلعة دمشق بيبرس التلاوي. وَبلغ النّيل ثَمَانِيَة عشر ذِرَاعا. وَمَات فِي هَذِه السّنة مِمَّن لَهُ ذكر برهَان الدّين إِبْرَاهِيم بن فلاح بن مُحَمَّد بن حَاتِم السكندري الشَّافِعِي فِي رَابِع عشرى شَوَّال بِدِمَشْق ومولده بالإسكندرية سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَكَانَ مَشْهُورا بِالْعلمِ والديانة نَاب فِي خطابة جَامع بنى أُميَّة وباشر الحكم مُدَّة بِدِمَشْق ودرس بهَا وَأفَاد زَمَانا. وَمَات كَمَال الدّين أَحْمد بن أبي الْفَتْح بن مَحْمُود بن أبي الْوَحْش أَسد بن سَلامَة ببن سلمَان بن فتيَان الْمَعْرُوف بِابْن الْعَطَّار أحد كتاب الدرج بِدِمَشْق فِي رَابِع عشرى ذِي الْقعدَة ومولده سنة سِتّ وَعشْرين وسِتمِائَة وَكَانَ كثير التِّلَاوَة لِلْقُرْآنِ محباً لسَمَاع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute