للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَشدَّة ضَبطه فاتفقوا مَعَ الْوَزير على أَن يحققوا فِي جِهَته وجهات مماليكه من الْأَمْوَال الديوانية مبلغا كثيرا فَتحدث الْوَزير فِي ذَلِك مَعَ الْأَمِير سلار النَّائِب لعلمه بكراهته فِي ابْن الشيخي. فَطلب ابْن الشيخي والدواوين وَحضر الْأُمَرَاء وانتدب لمحاققته التَّاج الطَّوِيل مُسْتَوْفِي الدولة. وأفحش التَّاج الطَّوِيل فِي مخاطبته وَهُوَ يخرج مِمَّا يلْزم بِهِ بحجج يظهرها ثمَّ اشْتَدَّ حنقه وَقَامَ على قَدَمَيْهِ وَقَالَ: وَحقّ نعْمَة مَوْلَانَا السُّلْطَان هَؤُلَاءِ {الأقباط أكلُوا الْأَمْوَال وَإِن تسلمتهم لآخذن مِنْهُم للسُّلْطَان ثَلَاثمِائَة ألف دِينَار أكتب بهَا خطي. فَقَالَ لَهُ التَّاج: صرت أَنْت تَأمر وتنهي يَا نَاصِر الدّين وَلَو طلعت رَأسك فِي السَّمَاء كنت عِنْدِي ضَامِنا بتقارير مكتتبة عَلَيْك كَسَائِر الضَّمَان. فَغَضب الْأَمِير بيبرس الجاشنكير وَقَالَ للتاج: والك مَا كفي كذبكم حَتَّى تجْعَل أَمِيرا مثل ضَامِن وَالله مَا يَأْكُل مَال السُّلْطَان غَيْركُمْ وَأمر بإقامته من الْمجْلس. وَقَالَ الْأَمِير بيبرس لِابْنِ الشيخي: إيش قلت تحمل من جِهَة هَؤُلَاءِ ماقلت قَالَ: نعم} فرسم للوزير والحجاب بِجمع الدَّوَاوِين وتسليمهم لَهُ وانفضوا فَلم يبت أحد من الْكتاب عِنْده فا خلا ناظري الدولة وهما تَاج الدّين عبد الرَّحِيم بن السنهوري وشهاب الدّين غَازِي بن الوَاسِطِيّ وألزمهم بِعَمَل حِسَاب الدولة لثلاث سِنِين وضيق عَلَيْهِم وأهان التَّاج الطَّوِيل وَنكل بِهِ. وَأخذ التَّاج بن سعيد الدولة فِي مساعدة ابْن الشيخي وَصَارَ يَأْتِيهِ فِي اللَّيْل ويرتبه طهر فِي جِهَة الْكتاب شىء كثير فشكره بيبرس وَعرف الْأُمَرَاء بذلك فرعوا لَهُ بعقوبة الْكتاب واستخراج المَال مِنْهُم فَقَامَ الشهَاب بن الوَاسِطِيّ فِي الْحَط على ابْن الشيخي قيَاما زَائِدا وَقَالَ: يَا أُمَرَاء! هَذَا مَا يحل وَمَا بلغ قدر هَذَا الرجل بالْأَمْس وَهُوَ فِي دكان يخيط الأقباع ثمَّ فَقير دائر يستعطي ثمَّ ضَامِن فِي سَاحل الْغلَّة قد صَار فِي حفدة ومماليك وَعمل ولَايَة الْقَاهِرَة بأقبح سيرة. فَبلغ ذَلِك ابْن الشيخي فأوقع الحوطة عَلَيْهِ وَسَأَلَ الْأَمِير بيبرس فِيهِ فسلمها لَهُ فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ مَعَ الرُّسُل أخرق بِهِ وَأمر أَن يعرى من ثِيَابه فمازال بِهِ الْحَاضِرُونَ حَتَّى عَفا عَنهُ من خلع ثِيَابه وضربه تَحت رجلَيْهِ ثَلَاث ضربات. ثمَّ خَافَ الْعَاقِبَة فَأكْرم ابْن الوسطي وتلطف بِهِ وبالكتاب وَحمل مِنْهُم ثَلَاثمِائَة ألف دِرْهَم وَأَفْرج عَنْهُم بعد مُشَاورَة الْأَمِير بيبرس. فشق ذَلِك على الْوَزير وسعى فِي السّفر إِلَى الْحجاز مَعَ الْأَمِير سلار فَأُجِيب إِلَى ذَلِك. وسعى ابْن الشيخي بالأمير بكتمر أَمِير جندار والأمير برلغي وينجار وَوَعدهمْ أَنه يؤجرهم الْبِلَاد والدواليب وَيقوم عَنْهُم بكلفها وَأهْدى إِلَيْهِم حَتَّى مَلأ أعين أعدائه

<<  <  ج: ص:  >  >>