الَّذين يرْمونَ الْفِتَن فَامْتنعَ من ذَلِك وَاشْتَدَّ فمازال بِهِ بيبرس الدوادار وبرلغي حَتَّى أخرج بهم إِلَى الْأُمَرَاء وهم يبلغَا الترجماني وأيدمر الْمُرْتَد وخاص ترك. فهددهم بيبرس وسلار ووبخاهم وقصدا تقييدهم فَلم توَافق الْأُمَرَاء على ذَلِك رِعَايَة لخاطر السُّلْطَان وأخرجوا إِلَى الْقُدس من وقتهم على الْبَرِيد. وَدخل جَمِيع الْأُمَرَاء على السُّلْطَان وقبلوا الأَرْض ثمَّ قبلوا يَده فأفيضت عَلَيْهِم الْخلْع وعَلى الْأَمِير بيبرس وسلار فِي ثالثه. ثمَّ سَأَلَ الْأُمَرَاء السُّلْطَان أَن يركب فِي أمرائه إِلَى الْجَبَل الْأَحْمَر: حَتَّى تطمئِن قُلُوب الْعَامَّة ويعلموا أَن الْفِتْنَة خمدت فَأجَاب وَخَرجُوا. وَبَات السُّلْطَان فِي قلق زَائِد وكرب عَظِيم لإِخْرَاج مماليكه وَركب من الْغَد بالأمراء إِلَى قبَّة النَّصْر تَحت الْجَبَل الْأَحْمَر وَعَاد بَعْدَمَا قَالَ بيبرس وسلار: إِن سَبَب الْفِتْنَة إِنَّمَا كَانَ من بكتمر الجوكندار وَذَلِكَ إِنَّه رَآهُ قد ركب يجانب الْأَمِير بيبرس وحادثه فَتذكر غدره بِهِ وشق عَلَيْهِ ذَلِك. فتلطفوا بِهِ فِي أمره فَقَالَ: وَالله مَا بقيت لي عين تنظر إِلَيْهِ وَمَتى أَقَامَ فِي مصر لَا جَلَست على كرْسِي الْملك أبدا فَأخْرج من وقته إِلَى قلعة الصبيبة فِي خَامِس عشره وَاسْتقر عوضه أَمِير جاندار بدر الدّين بكتوت الفتاح فَلَمَّا مَاتَ سنقر شاه نَائِب صفد اسْتَقر عوضه بكتمر الجوكندار. وَتوجه الْأَمِير كراي المنصوري إِلَى بَلْدَة أدفو بالصعيد وَهُوَ حنق على الْأَمِير بيبرس الجاشنكير. وفيهَا عمر الْأَمِير بيبرس الجاشنكير الخانكاه الركنية مَوضِع دَار الوزارة برحبة بَاب الْعِيد من الْقَاهِرَة ووقف عَلَيْهَا أوقافاً جليلة فَمَاتَ قبل فتحهَا وأغلقها الْملك النَّاصِر مُدَّة ثمَّ أَمر بِفَتْحِهَا ففتحت ورتب فِيهَا عدَّة من الصُّوفِيَّة. وَبنى بيبرس أَيْضا تربة بهَا فاستمرت مغلقة إِلَى آخر سنة خمس وَعشْرين وَسَبْعمائة. وَأَنْشَأَ الْأَمِير عز الدّين أيبك الأفرم نَائِب دمشق جَامعا بصالحية دمشق وَبعث يسْأَل فِي أَرض يوقفها عَلَيْهِ فَأُجِيب بِأَنَّهُ يعين مَا يخْتَار. وَقدم الْبَرِيد من حلب بوصول الْأَمِير فتح الدّين بن صبرَة وَقد خلص من بِلَاد التتار وَمَعَهُ جمَاعَة مِمَّن أسر من الأجناد فِي نوبَة سيس فأعيد لَهُ إقطاعه على عَادَته. وَورد كتاب الْأَمِير كراي المنصوري بالشكوى من وَالِي قوص وَمن غده قدم كتاب مُتَوَلِّي قوص بِأَن كراي ظلم فلاحيه بأدفو وَأخذ دوابهم وَعمل زاداً كَبِير ليتوجه إِلَى بِلَاد السودَان فَكتب لكراي بالحضور سَرِيعا وَكتب لوالي قوص بالاحتراس على كراي وَأخذ الطرقات من كل وفيهَا أحضرت خاصية السُّلْطَان من الْقُدس وَذَلِكَ أَن الْأَمِير أقوش الأفرم نَائِب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute