للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بيبرس الجاشنكير وَسَائِر الْأُمَرَاء واشتوروا فِيمَن يَلِي السلطنة. فَقَالَ الْأَمِير أقوش قتال السَّبع والأمير بيبرس الدواداري والأمير أيبك الخازندار وهم أكَابِر المنصورية: يَنْبَغِي استدعاء الْخَلِيفَة والقضاة وإعلامهم. كلا وَقع فَخرج الطّلب لَهُم وحضروا فقرئ عَلَيْهِم كتاب السُّلْطَان وَشهد عِنْد قَاضِي الْقُضَاة زين الدّين عَليّ بن مخلوف الْمَالِكِي الأميران عز الدّين الخطيري والحاج آل ملك وَمن كَانَ مَعَهم من الْأُمَرَاء بنزول الْملك النَّاصِر عَن المملكة وَترك سلطنة مصر وَالشَّام فَأثْبت ذَلِك. وأعيد الْكَلَام فِيمَن يصلح فَأَشَارَ الْأُمَرَاء الأكابر بالأمير سلار فَقَالَ: نعم! على شَرط أَن كل مَا أُشير بِهِ لَا تخالفوه وأحضر الْمُصحف وحلفهم على مُوَافَقَته وَألا يخالفوه فِي شَيْء. فقلق البرجية وَلم تبْق إِلَّا إقامتهم الْفِتْنَة فكفهم الله عَن ذَلِك وانقضى الْحلف. فَقَالَ سلار: وَالله يَا أُمَرَاء أَنا مَا أصلح للْملك وَلَا يصلح لَهُ إِلَّا أخي هَذَا وَأَشَارَ إِلَى بيبرس الجاشنكير ونهض قَائِما إِلَيْهِ فَتسَارع البرجية وَقَالُوا بأجمعهم: صدق الْأَمِير وَأخذُوا بيد بيبرس وأقاموه كرها وصاحوا بالجاوشية فصرخوا باسمه. وَكَانَ فرس النّوبَة عِنْد الشباك. فألبسوه تشريف الْخلَافَة: وَهِي فرجية أطلس أسود وطرحة وتقلد بسيفين على الْعَادة. وَمَشى سلار وَالنَّاس بَين يَدَيْهِ من دَار النِّيَابَة بعد الْعَصْر حَتَّى ركب وَعبر بَاب القلعة إِلَى الإيوان وَجلسَ على التخت ولقب بِالْملكِ المظفر وَصَارَ يبكي بِحَيْثُ يرَاهُ النَّاس. ثمَّ قَامَ إِلَى الْقصر وتفرق النَّاس بَعْدَمَا ظنُّوا كل ظن من وُقُوع الْحَرْب بَين السلارية والبيبرسية. فَكَانَت مُدَّة سلطنة الْملك النَّاصِر هَذِه عشر سِنِين وَخَمْسَة أشهر وَسَبْعَة عشر يَوْمًا. وَلما اسْتَقر الْملك المظفر فِي مملكة مصر اجْتمع الْأُمَرَاء بِالْخدمَةِ على الْعَادة فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ خَامِس عشريه فأظهر التغمم بِمَا صَار إِلَيْهِ وخلع على الْأَمِير سلار خلعة النِّيَابَة على عَادَته بَعْدَمَا استعفى وَطلب أَن يكون من جملَة الْأُمَرَاء حَتَّى قَالَ لَهُ: إِن لم تكن أَنْت نَائِبا فَلَا أعمل أَنا السلطنة وَقَامَت عَلَيْهِ الْأُمَرَاء. ثمَّ كتب إِلَى الْأَعْمَال باستقرار الْملك المظفر فِي السلطنة وَتوجه الْأَمِير بيبرس الأحمدي إِلَى حلب والأمير بلاط إِلَى حماة والأمير عز الدّين أيبك الْبَغْدَادِيّ وَزِير بَغْدَاد وَسيف الدّين ساطي إِلَى دمشق على الْبَرِيد. وَطلب التَّاج بن سعيد الدولة وَعرضت عَلَيْهِ الوزارة فَامْتنعَ مِنْهَا وصمم وَأَشَارَ باستمرار الصاحب ضِيَاء الدّين النشائي فَخلع عَلَيْهِ وعَلى التَّاج. وَاسْتمرّ ابْن سعيد الدولة فِي نظر الْجَيْش وَالْإِشَارَة فِي أَمر الوزارة والتوقيع وَنزلا. وَقد عظم أَمر التَّاج حَتَّى كَانَت تعرض عَلَيْهِ أجوبة النواب وَلَا يكْتب السُّلْطَان على شَيْء مَا لم ير خطه

<<  <  ج: ص:  >  >>