للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيهَا تفاوض كَاتب السِّرّ شرف الدّين عبد الْوَهَّاب بن فضل الله والتاج بن سعيد الدولة: وَسبب ذَلِك أَن التَّاج تزايد تحكمه فِي الدولة بِحَيْثُ اٍ نه لم يكْتب لأحد توقيع برزقه أَو براتب أَو استخدم فِي وَظِيفَة حَتَّى يكْتب عَلَيْهِ ثمَّ شَارك كَاتب السِّرّ فِي معرفَة أجوبة النواب وَغَيرهم فَامْتنعَ ابْن فضل الله من ذَلِك ورد عَلَيْهِ الْجَواب وَفِيه وَلَا كَرَامَة أَن يكون مطلعاً على أسرار المملكة. ثمَّ حدث ابْن فضل الله الْأَمِير سلار النَّائِب فِي ذَلِك وقبح عِنْده أَن يطلع رجل قبْطِي على أسرار المملكة وأخبار الْعَدو وَأَنه لَا يُوَافق على ذَلِك بِوَجْه. فشق على سلار مَا قصد التَّاج وَقَامَ فِي مساعدة ابْن فضل الله وَمَا زَالَ بالسلطان إِلَى أَن منع التَّاج من الإطلاع على شَيْء من أَمر ديوَان الْإِنْشَاء فَاشْتَدَّ غَضَبه وباين ابْن فضل الله. وَقد قَامَ الْبَرِيد بِإِبْطَال سَائِر الخمارات فسر السُّلْطَان بِهَذَا وعزم على أَن يفعل مثل ذَلِك بديار مصر. وَندب لذَلِك الْأَمِير سيف الدّين الشيخي أحد البرجية وَتقدم إِلَيْهِ أَلا يُرَاعِي أحدا من خشداشيته وَلَا يدع بَيْتا بِمصْر والقاهرة من بيُوت أَعلَى النَّاس وأدناهم يبلغهُ أَن فِيهِ خمرًا إِلَّا ويكبسه وَيكسر مَا فِيهِ. وَكَانَ الشيخي فِيهِ شدَّة وَقُوَّة نفس فَطلب وَالِي الْقَاهِرَة ومقدميها وَأَصْحَاب الأرباع وسألهم عَن مَوَاضِع الْخمر فَلم يُجِيبُوهُ أخفوا سَائِر الْمَوَاضِع وَضرب جمَاعَة مِنْهُم بالمقارع حَتَّى دلوه على عصر الْعِنَب أَو من عِنْده خمر وَكتب أسمائهم فَكَانَ فيهم عدَّة من الْأُمَرَاء وَالْكتاب والأجناد والتجار وَأخذ فِي كبس الْبيُوت: فَكَانَ الرجل لَا يشْعر إِلَّا بِهِ فِي مماليكه وَقد هجم عَلَيْهِ وَمَعَهُ النجارون والبناءون لتفقد مطامير الْخمر وإخراجها فَإِذا ظفر بهَا كسر سَائِر مَا فِيهَا. فَنزل بِالنَّاسِ من ذَلِك بلَاء شَدِيد وَافْتَضَحَ كثير من المستورِين وَنهب من بُيُوتهم أَشْيَاء لِكَثْرَة مَا كَانَ يجْتَمع من الْعَامَّة ولفرار صَاحب الْبَيْت خوفًا على نَفسه وَأخذ الأجناد وَغَيرهم من ذَلِك مَا أغناهم. وَأخذ النَّاس يدل بَعضهم على بعض وتشفي جمَاعَة من أعاديهم بنلك. وكبست أَيْضا دور الْيَهُود وَالنَّصَارَى وأريق مَا فِيهَا من الْخُمُور وتعدي الْأَمر دون الْأُمَرَاء فكبست دور من عرف بِشرب الْخمر مِنْهُم وَمِنْهَا دَار الْأَمِير عَلَاء الدّين مغلطاي المَسْعُودِيّ أحد أُمَرَاء الألوف من البرجية. فأزال

<<  <  ج: ص:  >  >>