وفيهَا قدم الْبَرِيد من حلب بِأَن الْأَمِير سرتاي استنابه الْملك خربندا بديار بكر وَأَنه حَارب طقطاي فَقتل طقطاي وعزم على الْمسير إِلَى حلب. فَخرج الْأَمِير جمال الدّين أقوش قتال السَّبع والأمير حسام الدّين لاجين الجاشنكير وعدة الطبلخاناه والعشراوات فِي ألفي فَارس وَسَارُوا فِي جماد الأولى إِلَى حلب. وَكتب الْأَمِير سلار للأمير جمال الدّين أقوش بأَرْبعَة آلَاف غرارة من الْقَمْح وَثَمَانِينَ ألف دِرْهَم من مَاله بِدِمَشْق مَعُونَة لَهُ وَلمن مَعَه. وفيهَا ابْتَدَأَ اضْطِرَاب دولة السُّلْطَان الْملك المظفر: وَذَلِكَ أَنه كثر توهمه من الْملك النَّاصِر وخيله الْأُمَرَاء وحذروا السُّلْطَان مِنْهُ. وحسنوا لَهُ الْقَبْض عَلَيْهِ فجبن بيبرس عَن ذَلِك ثمَّ مازالوا بِهِ حَتَّى بعث الْأَمِير مغلطاي إِلَى الْملك النَّاصِر ليَأْخُذ مِنْهُ الْخَيل والمماليك الَّتِي عِنْده. وتغلظ مغلطاي فِي القَوْل فَغَضب الْملك النَّاصِر من ذَلِك غَضبا شَدِيدا وَقَالَ لَهُ: أَنا خليت ملك مصر وَالشَّام لبيبرس وَمَا يَكْفِيهِ حَتَّى ضَاقَتْ عينه على فرس عِنْدِي أَو مَمْلُوك لي ويكرر الطّلب ارْجع إِلَيْهِ وَقل لَهُ وَالله لَئِن لم يتركني وَإِلَّا دخلت بِلَاد التتر وأعلمتهم أَنِّي قد تركت ملك أبي وَأخي وملكي لمملوكي وَهُوَ يَتبعني وَيطْلب مني مَا أخفته. فجافاه مغلطاي وخشن فِي القَوْل بِحَيْثُ اشْتَدَّ غضب الْملك النَّاصِر وَصَاح بِهِ: وَيلك! وصلنا إِلَى هُنَا وَأمر أَن يجر ويرمى من سور القلعة. فثار بِهِ المماليك يَسُبُّونَهُ ويلعنونه وأخرجوه إِلَى السُّور فَلم يزل الْأَمِير أرغون الدوادار والأمير طغاي إِلَى أَن عَفا عَنهُ النَّاصِر وحبسه ثمَّ أخرجه مَاشِيا إِلَى الْغَوْر وامتعض مغلطاي عِنْد ذَلِك مِمَّا حل بِهِ. وَكتب النَّاصِر ملطفات إِلَى نواب الشَّام بحلب وحماة وطرابلس وصفد وَإِلَى أُمَرَاء مصر مِمَّن يَثِق بِهِ. مِمَّا كَانَ فِيهِ من ضيق الْيَد وَقلة الْحُرْمَة وَأَنه لأجل هَذَا ترك ملك مصر وقنع بِالْإِقَامَةِ فِي الكرك وَأَن السُّلْطَان الْملك المظفر فِي كل قَلِيل يُرْسل يُطَالِبهُ بِالْمَالِ ثمَّ بِالْخَيْلِ ثمَّ بالمماليك وَقَالَ لَهُم: أَنْتُم مماليك أبي وربيِتموني. فإمَّا أَن تردوه عني وَإِلَّا أَسِير إِلَى بِلَاد التتار وتلطف فِي مخاطبتهم غَايَة التلطف وسير إِلَيْهِم العربان بهَا فأوصلوها إِلَى أَرْبَابهَا. وَكتب الْأَمِير قبجق المنصوري نَائِب حماة الْجَواب: باً ني مَعَ الْأَمِير قرا سنفر نَائِب حلب وَكتب الْأَمِير قرا سنقر الْجَواب: باً ني مَمْلُوك السُّلْطَان فِي كل مَا يرسم بِهِ وساْل أَن يتَوَجَّه إِلَيْهِ أحد المماليك السُّلْطَانِيَّة فَبعث النَّاصِر مَمْلُوكه أيتمش المحمدي وَكتب مَعَه ملطفًا إِلَى الْأَمِير سيف الدّين قطلوبك المنصوري والأمير بكتمر الحسامي الْحَاجِب بِدِمَشْق. وَأما بكتمر الجوكندار نَائِب صفد فَإِنَّهُ طرد القاصد وَلم يجْتَمع لَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute