للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَاء الدّين بن هِلَال الدولة وَالصَّلَاح الشرابيشي فَحسب لَهُ أَخذ حَاصِل المارستان المنصوري والاقتراض من تجار الكارم بَقِيَّة الْمبلغ وَكَانَت تجار الكارم بِمصْر حِينَئِذٍ فِي عدَّة وافرة وَلَهُم أَمْوَال عَظِيمَة. وَمضى من الْأَجَل يَوْمَانِ وَأصْبح فِي الْيَوْم الثَّالِث آخر الْأَجَل فَأَتَاهُ الفرنج وَقت الظّهْر لقبض المَال فَاشْتَدَّ قلقه وَأَبْطَأ عَلَيْهِ حُضُور الكارم. وَبينا هُوَ فِي ذَلِك إِذْ أَتَاهُ تجار الكارم فَنظر بَعضهم إِلَى وَاحِد من الفرنج لَهُ عِنْده مبلغ عشْرين ألف دِينَار قراضا فَسَأَلَ التُّجَّار الفرنج عَن سَبَب جلوسهم على بَاب كريم الدّين فَقَالُوا: لنا عَلَيْهِ حِوَالَة من قبل السُّلْطَان بِمَال وَقد وعدنا بِقَبْضِهِ الْيَوْم. فطالبهم الكارمي بِمَالِه من مبلغ الْقَرَاض فوعدوه بِأَدَائِهِ. وَبلغ ذَلِك كريم الدّين فسر بِهِ سُرُورًا زَائِدا وكتمه وَأمر بالكارم والفرنج فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَلم يعرف الكارم بِشَيْء من أمره وَلَا أَنه طَلَبهمْ ليقترض مِنْهُم مَالا بل قَالَ: مَا بالكم من الفرنج فعرفوه أَمر الْقَرَاض الَّذِي عِنْد الافرنجي فَقَالَ لَهُم: مهما كَانَ عِنْد الإفرنجي هُوَ عِنْدِي. ففرح الفرنج بذلك وأحالوا الكارمي على كريم الدّين بِسِتَّة عشر ألف دِينَار وَهِي الَّتِي وَجَبت عَلَيْهِ بحوالة السُّلْطَان ودفعوا أَرْبَعَة آلَاف تَتِمَّة عشْرين ألف دِينَار للكارمي. وَقَامَ الفرنج وَقد خلص كريم الدّين من تَبِعَهُمْ بِغَيْر مَال وَالْتزم للكارمي بالمبلغ فَمضى هُوَ وَبَقِيَّة التُّجَّار من غير أَن يقترض مِنْهُم شَيْئا فعد هَذَا من غرائب الِاتِّفَاق. وفيهَا قبض على الْأَمِير قطلوبك نَائِب صفد. وأنعم على الصاحب نجم الدّين البصروي بإمرة. وفيهَا قرر على أَمْلَاك دمشق وأوقافها ألف وَخَمْسمِائة فَارس وَهِي الَّتِي كَانَت تسمى مُقَرر الخيالة فَلَمَّا ورد المرسوم بذلك على الْأَمِير كراي نَائِب دمشق أعسف بِالنَّاسِ فِي الطّلب وَضرب جمَاعَة وَأخذ مَالا كَبِيرا فتجمع النَّاس مَعَ الْخَطِيب جلال الدّين مُحَمَّد الْقزْوِينِي وَكَبرُوا وَرفعُوا الْمَصَاحِف والأعلام ووقفوا للنائب فأمله بهم فَضربُوا وطردوا طرداً قبيحا فَكثر عَلَيْهِ الدُّعَاء فَلم يُمْهل بعْدهَا غير تِسْعَة أَيَّام. وَقدم أرغون الدوادار من مصر إِلَى دمشق يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَانِي عشرى جُمَادَى الأولى على الْبَرِيد وعَلى يَده مراسيم لِلْأُمَرَاءِ بِالْقَبْضِ على الْأَمِير سيف الدّين كراي وَوصل أَيْضا فِي هَذَا الْيَوْم مَمْلُوك كراي وصحبته تشريف وحياصة وَسيف لمخدومه وَاتفقَ قدوم رسل التتر. فأوصل الْأَمِير أرغون الْكتب إِلَى الْأُمَرَاء وَأصْبح كراي يَوْم الْخَمِيس فَركب الْمركب وَنزل وَقد احتفل لأجل لبس التشريف ولقدوم الرُّسُل. فَلَمَّا فرغ الْأكل وانصرفت الرُّسُل أحَاط الْأُمَرَاء بكراي وأخرجوا مرسوم السُّلْطَان بمسكه

<<  <  ج: ص:  >  >>