للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَجَب. وَقصد السُّلْطَان أَن يحاكى بِهِ قصر الْملك الظَّاهِر بيبرس بطاهر دمشق، واستدعى لَهُ الصناع من دمشق، وَجمع صناع مصر، فكمل، وَأَنْشَأَ بجانبه جنينة. وَعمل السُّلْطَان عِنْده سماطا لِلْأُمَرَاءِ، وخلع عَلَيْهِم، وَحمل إِلَى كل أَمِير مائَة ألف دِينَار، وَإِلَى كل أَمِير طبلخاناه عشرَة آلَاف دِرْهَم، وَلكُل مقدم حَلقَة خَمْسمِائَة دِرْهَم فَكَانَ جملَة مَا فرق فِي هَذَا المهم خَمْسمِائَة ألف ألف وَخَمْسمِائة ألف دِرْهَم. وَصَارَ السُّلْطَان يجلس فِيهِ سَائِر الْأَيَّام، مَا عدا يومى الْإِثْنَيْنِ وَالْخَمِيس فَإِنَّهُ يجلس فيهمَا بالإيوان. وفيهَا أخرب السُّلْطَان مناظر اللوق بالميدان الظَّاهِرِيّ، وعملها بستانا، وأحضر إِلَيْهِ سَائِر أَصْنَاف الزراعات، واستدعى حولة الشَّام والمطعمين، فجَاء من أبدع الْبَسَاتِين، وَعرف أهل جَزِيرَة الْفِيل مِنْهُ صناعَة تطعيم الشّجر، واغتنوا بهَا. وفيهَا ركب السُّلْطَان إِلَى الجيزة، وَندب بدر الدّين بن التركماني لعمل جسورها وقناطرها، واستدعى المهندسين. فَأَنْشَأَ ابْن التركماني لكل بلد جِسْرًا متقنا وَعمل جِسْرًا من الْبَحْر إِلَى أمدنيار، وَخرج الْعَسْكَر جَمِيعه والأمراء بمضافيهم للْعَمَل فِي ذَلِك، فَكَانَ مهما عَظِيما، وَصَارَ السُّلْطَان يركب إِلَيْهِ كل قَلِيل حَتَّى كمل، وعمرت القناطر من حِجَارَة الْهَرم الصَّغِير، وَمن حجار القناطر الظَّاهِرَة الَّتِي تعرف بالأربعين قنطرة. وَأكْثر السُّلْطَان من العمائر، وَولى آقسنقر أَمِير آخور شاد العمائر، وأحضر العتالين من سَائِر الْبِلَاد الشامية، وأفرد للعمائر ديوانا بلغ مصروفه فِي كل يَوْم اثنى عشر ألف دِرْهَم إِلَى ثَمَانِيَة آلَاف، وَهِي أقل مَا كَانَ يصرف فِي الْيَوْم الْوَاحِد. وَأَنْشَأَ السُّلْطَان دَار الْبَقر الَّتِي كَانَت برسم بقر السواقي السُّلْطَانِيَّة، بِبَاب القلعة بجوار إسطبل الطَّوِيل، وَندب لذَلِك كريم الدّين الْكَبِير، فأنفق عَلَيْهَا مَا ينيف على ألف ألف دِرْهَم وَأَنْشَأَ دَارا للأمير سيف الدّين طاش تمر " حمص أَخْضَر " بحدرة اليقر، وَاشْترى لَهُ بُسْتَان ابْن المغربي بِجَزِيرَة الْفِيل بتسعين ألف دِرْهَم. فامتدت أَيدي النَّاس إِلَى الْعِمَارَة، وكأنما نُودي فِي النَّاس أَلا يبْقى أحد حَتَّى يعمر، وَذَلِكَ أَن النَّاس على دين ملكهم. وأنعم السُّلْطَان على الْأَمِير سيف الدّين طغاي دبار الْملك الْمَنْصُور قلاوون بِالْقَاهِرَةِ. وفيهَا ابْتَدَأَ النَّاس بعمارة نَاحيَة اللوق خَارج المقس، وَعمارَة أَرَاضِي بُسْتَان الخشاب فِيمَا بَين اللوق ومنشأة المهراني على النّيل. وفيهَا قدم الْبَرِيد بإجراء الْأَمِير علم الدّين سنجر الجاولي عين مَاء إِلَى الْخَلِيل، وَأَنه عمر بِمَسْجِد إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام عمائر حَسَنَة وَجعل عَلَيْهَا أوقافا.

<<  <  ج: ص:  >  >>