للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغَالِبَةِ لِأَمْثَالِهِ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ لَهُ جُبَّةٌ مَكْفُوفَةُ الْفَرْجَيْنِ وَالْكُمَّيْنِ بِالدِّيبَاجِ» وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الطِّرَازِ بِأَنَّهُ مَحَلُّ حَاجَةٍ وَقَدْ يَحْتَاجُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ أَصَابِعَ بِخِلَافِ التَّطْرِيزِ فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ زِينَةٍ فَتَقَيَّدَ بِالْوَارِدِ، وَيَجُوزُ لُبْسُ الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ بِأَيِّ لَوْنٍ كَانَ إلَّا الْمُزَعْفَرَ فَحُكْمُهُ: - وَإِنْ لَمْ يَبْقَ لِلَوْنِهِ رِيحٌ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لِلَوْنِهِ لَا لِرِيحِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ فِيهِ أَصْلًا إذْ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ تَشَبُّهٌ؛ لِأَنَّ النِّسَاءَ لَمْ يَتَمَيَّزْنَ بِنَوْعٍ مِنْهُ بِخِلَافِ اللَّوْنِ - حُكْمُ الْحَرِيرِ فِيمَا مَرَّ حَتَّى لَوْ صَبَغَ بِهِ أَكْثَرَ الثَّوْبِ حَرُمَ، وَكَذَا الْمُعَصْفَرُ عَلَى مَا صَحَّتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ وَاخْتَارَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَمْ يُبَالُوا بِنَصِّ الشَّافِعِيِّ عَلَى حِلِّهِ تَقْدِيمًا لِلْعَمَلِ بِوَصِيَّتِهِ وَلَا بِكَوْنِ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ سَلَفًا وَخَلَفًا عَلَى حِلِّهِ لِأَحَادِيثَ تَقْتَضِيهِ بَلْ تُصَرِّحُ بِهِ كَخَبَرِ «كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ بِالزَّعْفَرَانِ قَمِيصَهُ وَرِدَاءَهُ وَعِمَامَتَهُ»

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْبَيْهَقِيّ وَلِلشَّافِعِيِّ نَصٌّ بِحُرْمَتِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا بَعْدَ النَّسْجِ، وَالْأَوَّلُ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَبِهِ تَجْتَمِعُ الْأَحَادِيثُ الدَّالَّةُ عَلَى حِلِّهِ وَالدَّالَّةُ عَلَى حُرْمَتِهِ، وَيُرَدُّ بِمُخَالَفَتِهِ لِإِطْلَاقِهِمْ الصَّرِيحِ فِي الْحُرْمَةِ مُطْلَقًا وَلَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ وَهُوَ أَنَّ الْمَصْبُوغَ بِالْعُصْفُرِ مِنْ لِبَاسِ النِّسَاءِ الْمَخْصُوصِ بِهِنَّ فَحَرُمَ لِلتَّشَبُّهِ بِهِنَّ كَمَا أَنَّ الْمُزَعْفَرَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا جَرَى الْخِلَافُ فِي الْمُعَصْفَرِ دُونَ الْمُزَعْفَرِ؛ لِأَنَّ الْخُيَلَاءَ وَالتَّشَبُّهَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْهُمَا فِي الْمُعَصْفَرِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ لَمْ يُفَرِّقْ فِيهِ بَيْنَ مَا قَبْلَ النَّسْجِ وَبَعْدَهُ كَمَا فَرَّقَ فِي الْمُعَصْفَرِ، وَاخْتُلِفَ فِي الْوَرْسِ فَأَلْحَقَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ بِالزَّعْفَرَانِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ حِلُّهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّأْنِيثُ بِاعْتِبَارِ) كَذَا بِأَصْلِ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا تَأْنِيثَ إذَا جَعَلَ تَقَيَّدَ مَاضِيًا، وَمَعَ ذَلِكَ سَقَطَ بَعْدُ بِاعْتِبَارِ شَيْءٍ وَلَعَلَّ السَّاقِطَ الصَّنْعَةُ وَقَلَمُهُ سَبَقَ مِنْ الْمُضَارِعِ إلَى الْمَاضِي فِي قَوْلِهِ بِصِيغَةِ الْمَاضِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ مِنْ هَامِشٍ.

ــ

[حاشية الشرواني]

عَادَةِ أَمْثَالِهِ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ إبْقَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ وُضِعَ بِغَيْرِ حَقٍّ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ اشْتَرَى الْمُسْلِمُ دَارَ الْكَافِرِ وَكَانَتْ عَالِيَةً عَلَى بِنَاءِ الْمُسْلِمِ شَيْخُنَا وَعِ ش

(قَوْلُهُ الْغَالِبَةِ لِأَمْثَالِهِ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ جَاوَزَ أَرْبَعَ أَصَابِعَ أَوْ لَا نِهَايَةٌ عِبَارَةُ شَيْخِنَا فَالْعِبْرَةُ بِعَادَةِ أَمْثَالِهِ وَإِنْ زَادَ وَزْنُهُ، فَإِنْ خَالَفَ عَادَةَ أَمْثَالِهِ وَجَبَ قَطْعُ الزَّائِدِ اهـ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَ وَزْنُهُ فِيهِ وَقْفَةٌ ظَاهِرَةٌ بَلْ لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِذَلِكَ إلَّا بِنَقْلٍ صَرِيحٍ عَنْ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: «مَكْفُوفَةَ الْفَرْجَيْنِ» إلَخْ) الْمَكْفُوفُ مَا جُعِلَ لَهُ كُفَّةٌ بِضَمِّ الْكَافِ أَيْ سِجَافٌ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي الطِّرَازِ) أَيْ مِنْ اعْتِبَارِ أَرْبَعِ أَصَابِعَ مُغْنِي (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ التَّطْرِيفُ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ يَحْتَاجُ لِأَكْثَرَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّرْقِيعَ لَوْ كَانَ لِحَاجَةٍ جَازَتْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَإِطْلَاقُ الرَّوْضَةِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ شَرْحُ م ر أَقُولُ قَدْ يُقَالُ إنَّ التَّرْقِيعَ لِحَاجَةٍ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ التَّطْرِيفِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ أَتَمُّ وَنَفْعُهُ أَقْوَى سم وَهَذَا وَجِيهٌ، وَإِنْ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر يَقْتَضِي الْمَنْعَ مُعْتَمَدٌ اهـ

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ زِينَةٍ) قَدْ يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْحَاجَةُ كَالرَّفْوِ فَلَعَلَّهُ كَالتَّطْرِيفِ سم وَقَدْ يُقَالُ بَلْ هُوَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَتَقَيَّدَ إلَخْ) بِصِيغَةِ الْمَاضِي الْمَبْنِيِّ لِلْفَاعِلِ أَوْ الْمَفْعُولِ وَالتَّأْنِيثُ بِاعْتِبَارِ عِبَارَةِ الْمُغْنِي فَيَتَقَيَّدُ وَالنِّهَايَةُ فَيُقَيَّدُ (قَوْلُهُ: حُكْمُ الْحَرِيرِ فِيمَا مَرَّ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ صَبَغَ بَعْضَ ثَوْبِهِ بِزَعْفَرَانٍ هَلْ هُوَ كَالتَّطْرِيفِ فَيَحْرُمُ مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ أَصَابِعَ أَوْ كَالْمَنْسُوجِ مِنْ الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ فَيُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ الْأَوْجَهُ أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ الْعُرْفُ، فَإِنْ صَحَّ إطْلَاقُ الْمُزَعْفَرِ عَلَيْهِ عُرْفًا حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَتْ اهـ سم وَاعْتَمَدَهُ ع ش وَكَذَا شَيْخُنَا عِبَارَتُهُ نَعَمْ يَحْرُمُ الْمُزَعْفَرُ وَهُوَ الْمَصْبُوغُ بِالزَّعْفَرَانِ كُلُّهُ وَكَذَا بَعْضُهُ لَكِنْ بِقَيْدِ صِحَّةِ إطْلَاقِ الْمُزَعْفَرِ عَلَيْهِ عُرْفًا بِخِلَافِ مَا فِيهِ نُقَطٌ مِنْ الزَّعْفَرَانِ اهـ وَقَوْلُ النِّهَايَةِ كَالتَّطْرِيفِ حَقُّهُ كَالتَّطْرِيزِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمُعَصْفَرُ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَوَافَقَهُمَا شَيْخُنَا وَفِي الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ مَالَ الشَّارِحِ هُنَا كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ إلَى حُرْمَتِهِ وَجَرَى عَلَى حِلِّهِ الْخَطِيبُ وَالْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَجَرَى الشَّارِحِ فِي شَرْحَيْ الْإِرْشَادِ عَلَى مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَقَرَّ فِي الْأَسْنَى الزَّرْكَشِيَّ اهـ عِبَارَةَ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ الْمَرْأَةِ الْمُزَعْفَرُ دُونَ الْمُعَصْفَرِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ خِلَافًا لِلْبَيْهَقِيِّ وَلَا يُكْرَهُ لِغَيْرِ مَنْ ذُكِرَ مَصْبُوغٌ بِغَيْرِ الزَّعْفَرَانِ وَالْعُصْفُرِ سَوَاءٌ الْأَحْمَرُ وَالْأَصْفَرُ وَالْأَخْضَرُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ قَبْلَ النَّسْجِ وَبَعْدَهُ، وَإِنْ خَالَفَ فِيمَا بَعْدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ اهـ قَالَ ع ش وَالْمُعَصْفَرُ مَكْرُوهٌ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْكَرَاهَةِ بِمَا لَوْ كَثُرَ الْمُعَصْفَرُ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُعَصْفَرًا فِي الْعُرْفِ وَالْأَقْرَبُ كَرَاهَةُ الْمُزَعْفَرِ حَيْثُ قَلَّ اهـ وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا وَيُكْرَهُ الْمُعَصْفَرُ كُلُّهُ وَكَذَا بَعْضُهُ لَكِنْ بِقَيْدِ صِحَّةِ إطْلَاقِ الْمُعَصْفَرِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا فِيهِ نُقَطٌ مِنْ الْعُصْفُرِ فَلَا يُكْرَهُ، وَأَمَّا سَائِرُ الْمَصْبُوغَاتِ فَلَا تَحْرُمُ وَلَا تُكْرَهُ سَوَاءٌ الْأَحْمَرُ وَالْأَصْفَرُ وَالْأَخْضَرُ وَالْأَسْوَدُ وَالْمُخَطَّطُ اهـ.

(قَوْلُهُ: كَخَبَرِ «كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ بِالزَّعْفَرَانِ» إلَخْ) اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُعَصْفَرِ سم عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ قَوْلُهُ «كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ بِالزَّعْفَرَانِ» كَذَا فِي أَصْلِهِ بِخَطِّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ؛ لِأَنَّ كَلَامُنَا فِي الْمُعَصْفَرِ لَا يُقَالُ يُعْلَمُ حُكْمُهُ مِنْ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَا يُلَائِمُ قَوْلَهُ بَلْ تُصَرِّحُ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ إلَخْ) أَيْ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ التَّفْصِيلِ.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ وَجْهٌ إلَخْ) أَيْ لِلْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ الْفَرْقَ الْمَذْكُورَ بَيْنَ الْمُزَعْفَرِ وَالْمُعَصْفَرِ (قَوْلُهُ: حِلُّهُ)

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ: وَقَدْ يَحْتَاجُ إلَخْ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّرْقِيعَ لَوْ كَانَ لِحَاجَةٍ جَازَتْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَإِطْلَاقُ الرَّوْضَةِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ شَرْحُ م ر أَقُولُ قَدْ يُقَالُ إنَّ التَّرْقِيعَ لِحَاجَةٍ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ التَّطْرِيفِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ أَتَمُّ وَنَفْعَهُ أَقْوَى (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ زِينَةٍ) قَدْ يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْحَاجَةُ كَالرُّفُوِّ فَلَعَلَّهُ كَالتَّطْرِيفِ (قَوْلُهُ: إلَّا الْمُزَعْفَرَ إلَخْ) وَلَوْ صَبَغَ بَعْضَ ثَوْبٍ بِزَعْفَرَانٍ فَهَلْ هُوَ كَالتَّطْرِيفِ فَيَحْرُمُ مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعَةِ أَصَابِعَ أَوْ كَالْمَنْسُوجِ مِنْ الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ فَيُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ الْأَوْجَهُ أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ فَإِنْ صَحَّ إطْلَاقُ الْمُزَعْفَرِ عَلَيْهِ عُرْفًا حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا، شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: كَخَبَرِ «كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ بِالزَّعْفَرَانِ» إلَخْ) اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُعَصْفَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>