للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ عِيَاضٍ وَالْمَازِرِيِّ صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ بِالْوَرْسِ حَتَّى عِمَامَتَهُ» وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ يُنْهَى الرَّجُلُ حَلَالًا أَنْ يَتَزَعْفَرَ، فَإِنْ فَعَلَ أَمَرْنَاهُ بِغَسْلِهِ: حُرْمَةَ اسْتِعْمَالِ الزَّعْفَرَانِ فِي الْبَدَنِ وَبِهِ صَرَّحَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «نَهَى أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ» وَسَبَقَهُمْ لِذَلِكَ الْبَيْهَقِيُّ حَيْثُ قَالَ وَرَدَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ صَفَّرَ لِحْيَتَهُ بِالزَّعْفَرَانِ، فَإِنْ صَحَّ اُحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ مُسْتَثْنًى، غَيْرَ أَنَّ حَدِيثَ نَهْيِ الرَّجُلِ عَنْ الزَّعْفَرَانِ مُطْلَقًا أَصَحُّ اهـ فَهُوَ مُصَرِّحٌ حَتَّى بِحُرْمَةِ اسْتِعْمَالِهِ فِي اللِّحْيَةِ لَكِنْ حَمَلَهُ جَمْعٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَصْبُغُ لِحْيَتَهُ بِالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ» وَحَمَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْحِلَّ عَلَى نَحْوِ اللِّحْيَةِ وَالنَّهْيَ عَلَى مَا عَدَاهَا مِنْ الْبَدَنِ، وَبَعْضُهُمْ النَّهْيَ عَلَى الْمُحْرِمِ وَالْحِلَّ عَلَى غَيْرِهِ، وَيُؤَيِّدُ الْحِلَّ جَزْمُ التَّحْقِيقِ بِكَرَاهَةِ التَّطَلِّي بِالْخَلُوقِ وَهُوَ طِيبٌ مِنْ زَعْفَرَانٍ وَغَيْرِهِ، فَلَوْ حَرُمَ الزَّعْفَرَانُ لَحَرُمَ هَذَا أَوْ فَصَلَ بَيْنَ كَوْنِهِ غَالِبًا أَوْ مَغْلُوبًا عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْخَلُوقِ هُوَ الزَّعْفَرَانُ فَتَجْوِيزُهُ تَجْوِيزٌ لِلزَّعْفَرَانِ إذْ الْفَرْضُ بَقَاءُ لَوْنِهِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْبَيْهَقِيّ غَيْرَ إلَى آخِرِهِ أَنَّهُ لَا يَرِدُ عَلَى حُرْمَةِ الْمُزَعْفَرِ الْأَحَادِيثُ الْمُصَرِّحَةُ بِحِلِّ لُبْسِهِ؛ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الدَّالَّةَ عَلَى حُرْمَتِهِ أَصَحُّ، وَيَحِلُّ أَيْضًا زِرُّ الْجَيْبِ وَمَا جَاءَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُصَرِّحُ بِحُرْمَتِهِ لَعَلَّهُ رَأْيٌ لَهُمَا، وَكِيسُ نَحْوِ الدَّرَاهِمِ، وَإِنْ حَمَلَهُ وَغِطَاءُ الْعِمَامَةِ وَلِيقَةُ الدَّوَاةِ عَلَى الْأَوْجَهِ فِي الْكُلِّ خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِي الثَّانِيَةِ، وَالثَّالِثَةِ فَقَدْ مَرَّ حِلُّ رَأْسِ الْكُوزِ مِنْ فِضَّةٍ لِانْفِصَالِهِ فَلَا يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لَهُ فَكَذَا هَاتَانِ أَيْضًا بِالْأَوْلَى وَمِنْ هُنَا أَخَذَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ ضَابِطَ الِاسْتِعْمَالِ الْمُحَرَّمِ هُنَا وَفِي إنَاءِ النَّقْدِ أَنْ يَكُونَ فِي بَدَنِهِ وَصَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ بِحِلِّ خَيْطِ السُّبْحَةِ، قَالَ جَمْعٌ نَعَمْ لَا تَحِلُّ الشَّرَابَةُ الَّتِي بِرَأْسِهَا لِمَا فِيهَا مِنْ

ــ

[حاشية الشرواني]

مُعْتَمَدٌ ع ش (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَهُ إلَخْ) أَيْ الْحِلَّ (جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ) وَهُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: بِهَا صَرَّحَ إلَخْ) أَيْ بِالْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَيْ تَصْفِيرُ اللِّحْيَةِ بِهِ (قَوْلُهُ: نَهْيِ الرَّجُلِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ بِدُونِ تَقْيِيدٍ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ: فَهُوَ إلَخْ) أَيْ حَدِيثُ النَّهْيِ الْمُطْلَقِ وَكَذَا ضَمِيرُ لَكِنْ حَمَلَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ الْحِلَّ) أَيْ لِاسْتِعْمَالِ الزَّعْفَرَانِ فِي الْبَدَنِ (قَوْلُهُ: بَيْنَ كَوْنِهِ) أَيْ الزَّعْفَرَانِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَرُمَ الزَّعْفَرَانُ) فِعْلٌ وَفَاعِلٌ (وَقَوْلُهُ: أَوْ فُصِلَ إلَخْ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ التَّفْعِيلِ (قَوْلُهُ: مِنْ قَوْلِ الْبَيْهَقِيّ إلَخْ) أَيْ السَّابِقِ آنِفًا (قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ أَيْضًا زِرُّ الْجَيْبِ) أَيْ مَثَلًا عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِجَوَازِ الْأَزْرَارِ الْحَرِيرِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ قِيَاسًا عَلَى التَّطْرِيفِ بَلْ أَوْلَى اهـ.

(قَوْلُهُ: وَكِيسُ نَحْوِ الدَّرَاهِمِ إلَخْ وَغِطَاءُ الْعِمَامَةِ) وَفِي شَرْحِ م ر أَنَّ الْأَرْجَحَ حُرْمَتُهُمَا سم عِبَارَةُ ع ش بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الزِّيَادِيِّ مِثْلَهُ الْأَقْرَبُ حُرْمَةُ غِطَاءِ الْعِمَامَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُبَاشِرُ لِاسْتِعْمَالِهِ زَوْجَتَهُ مَثَلًا؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا اُسْتُعْمِلَتْ لِخِدْمَةِ الرِّجَالِ لَا لِنَفْسِهَا اهـ وَقَالَ شَيْخُنَا إنْ كَانَ لِرَجُلٍ حَرُمَ، وَإِنْ كَانَ لِامْرَأَةٍ فَلَا يَحْرُمُ وَكَذَلِكَ مِنْدِيلُ الْفِرَاشِ فَيَجُوزُ حَيْثُ اسْتَعْمَلَتْهُ الْمَرْأَةُ وَلَوْ فِي مَسْحِ فَرْجِ الرَّجُلِ وَيَحْرُمُ حَيْثُ اسْتَعْمَلَهُ الرَّجُلُ وَلَوْ فِي مَسْحِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ اهـ وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي كِتَابَةِ الْحَرِيرِ (قَوْلُهُ: وَلِيقَةُ الدَّوَاةِ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ) .

فَرْعٌ: الْوَجْهُ حِلُّ غِطَاءِ الْكُوزِ مِنْ الْحَرِيرِ، وَإِنْ كَانَ بِصُورَةِ الْإِنَاءِ إذْ اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ جَائِزٌ لِلْحَاجَةِ، وَإِنْ كَانَ بِصُورَةِ الْإِنَاءِ سم عَلَى حَجّ وَفِيهِ عَلَى الْمَنْهَجِ فَرْعٌ يَنْبَغِي وِفَاقًا ل م ر جَوَازُ تَعْلِيقِ نَحْوِ الْقِنْدِيلِ بِخَيْطِ الْحَرِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ جَوَازِ جَعْلِ سِلْسِلَةِ الْفِضَّةِ لِلْكُوزِ وَمِنْ تَوَابِعِ جَعْلِهَا لَهُ تَعْلِيقُهُ وَحَمْلُهُ بِهَا وَهُوَ أَخَفُّ مِنْهُ انْتَهَى اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) وَهِيَ الْكِيسُ (قَوْلُهُ: وَالثَّالِثَةِ) وَهِيَ الْغِطَاءُ (قَوْلُهُ: فَقَدْ مَرَّ حِلُّ رَأْسِ الْكُوزِ إلَخْ) شَرْطُهُ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى صُورَةِ إنَاءٍ بِأَنْ يَكُونَ صَفِيحَةً وَقِيَاسُهُ حِلُّ تَغْطِيَةِ رَأْسِهِ بِقِطْعَةِ حَرِيرٍ لَيْسَتْ مَخِيطَةً عَلَى صُورَةِ الْإِنَاءِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ بَابَ الْحَرِيرِ أَوْسَعُ م ر بَلْ الْوَجْهُ الْحِلُّ وَإِنْ كَانَ بِصُورَةِ الْإِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لِحَاجَةٍ سم (قَوْلُهُ: وَكَذَا هَاتَانِ أَيْضًا إلَخْ) وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ تَغْطِيَةَ الْإِنَاءِ مَطْلُوبَةٌ بِخِلَافِ الْعِمَامَةِ م ر اهـ سم وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعِمَامَةِ قَدْ يُمْنَعُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ هُنَا) أَيْ مِنْ التَّعْلِيلِ بِالِانْفِصَالِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ فِي بَدَنِهِ) قَضِيَّتُهُ جَوَازُ رَبْطِ الْأَمْتِعَةِ وَحِفْظِهَا فِي ثَوْبِ حَرِيرٍ لَكِنْ يَشْكُلُ عَلَى هَذَا الضَّبْطِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حُرْمَةِ سَتْرِ الْجِدَارِ وَنَحْوِهِ بِهِ وَأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ كَلَامِهِمْ حُرْمَةُ اسْتِعْمَالِ نَحْوِ غِرَارَةِ الْحَرِيرِ فِي نَقْلِ الْأَمْتِعَةِ سم وَقَدْ يُدْفَعُ الْإِشْكَالُ بِأَنَّ حُرْمَةَ سَتْرِ نَحْوِ الْجِدَارِ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ وَمَا هُنَا لِحَاجَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: بِحِلِّ خَيْطِ السُّبْحَةِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ الْخَيْطُ الَّذِي يُنَظَّمُ فِيهِ أَغْطِيَةُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ: وَكِيسُ نَحْوِ الدَّرَاهِمِ إلَخْ) فِي شَرْحِ م ر أَنَّ الْأَرْجَحَ حُرْمَةُ كِيسِ الدَّرَاهِمِ وَغِطَاءِ الْعِمَامَةِ اهـ وَهُوَ مُنَازَعٌ فِي ضَابِطِ الْإِسْنَوِيِّ الْآتِي.

(فَرْعٌ)

الْوَجْهُ حِلُّ غِطَاءِ الْكُوزِ مِنْ الْحَرِيرِ، وَإِنْ كَانَ بِصُورَةِ الْإِنَاءِ إذْ اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ جَائِزٌ لِلْحَاجَةِ، وَإِنْ كَانَ بِصُورَةِ الْإِنَاءِ.

(قَوْلُهُ: فَقَدْ مَرَّ حِلُّ رَأْسِ الْكُوزِ مِنْ فِضَّةٍ) شَرْطُهُ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى صُورَةِ إنَاءٍ بِأَنْ يَكُونَ صَفِيحَةً وَقِيَاسُهُ حِلُّ تَغْطِيَةِ رَأْسِهِ بِقِطْعَةِ حَرِيرٍ لَيْسَتْ مَخِيطَةً عَلَى صُورَةِ الْإِنَاءِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ بَابَ الْحَرِيرِ أَوْسَعُ وَقَدْ لَا تَكُونُ مَخِيطَةً عَلَى صُورَةِ الْإِنَاءِ لَكِنْ يُجْعَلُ فِي أَطْرَافِهَا خَيْطٌ يَزُرُّهَا لِتَنْعَطِفَ أَطْرَافُهَا عَلَى رَأْسِ الْكُوزِ وَلَا يَبْعُدُ حِلُّهَا م ر بَلْ الْوَجْهُ الْحِلُّ، وَإِنْ كَانَتْ بِصُورَةِ الْإِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لِحَاجَةٍ (قَوْلُهُ: فَكَذَا هَاتَانِ أَيْضًا بِالْأَوْلَى) قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ تَغْطِيَةَ الْإِنَاءِ مَطْلُوبَةٌ بِخِلَافِ الْعِمَامَةِ م ر (قَوْلُهُ: فِي يَدَيْهِ) قَضِيَّتُهُ جَوَازُ رَبْطِ الْأَمْتِعَةِ وَحِفْظُهَا فِي ثَوْبٍ حَرِيرٍ لَكِنْ يَشْكُلُ عَلَى هَذَا الضَّبْطِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حُرْمَةِ سَتْرِ الْجِدَارِ وَنَحْوِهِ بِهِ وَأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ كَلَامِهِمْ حُرْمَةُ اسْتِعْمَالِ نَحْوِ غِرَارَةِ الْحَرِيرِ فِي نَقْلِ الْأَمْتِعَةِ.

(قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ بِحِلِّ خَيْطِ السُّبْحَةِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ الْخَيْطُ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>