للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِنِسَاءٍ أَوْ عَكْسَهُ فِي لِبَاسٍ اخْتَصَّ بِهِ الْمُشَبَّهُ بِهِ حَرُمَ بَلْ فَسَقَ لِلَّعْنَةِ فِي الْحَدِيثِ وَيَحْرُمُ عَلَى غَنِيٍّ لُبْسُ خَشِنٍ لِيُعْطَى لِمَا يَأْتِي أَنَّ كُلَّ مَنْ أُعْطِي شَيْئًا لِصِفَةٍ ظُنَّتْ فِيهِ وَخَلَا عَنْهَا بَاطِنًا حَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُهُ وَلَمْ يَمْلِكْهُ، وَيَحْرُمُ نَحْوُ جُلُوسٍ عَلَى جِلْدِ سَبُعٍ كَنَمِرٍ وَفَهْدٍ بِهِ شَعْرٌ، وَإِنْ جُعِلَ إلَى الْأَرْضِ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ شَأْنِ الْمُتَكَبِّرِينَ.

وَحَرَّمَ جَمْعٌ لُبْسَ فَرْوَةِ السِّنْجَابِ وَالصَّوَابُ حِلُّهَا كَجُوخٍ وَجُبْنٍ اُشْتُهِرَ عَمَلُهُمَا بِشَحْمِ خِنْزِيرٍ بَلْ لَا يُفِيدُ عِلْمُ ذَلِكَ إلَّا فِي فَرْوٍ مُعَيَّنٍ دُونَ مُطْلَقِ الْجِنْسِ، وَفَرْوُ الْوَشَقِ شَعْرُهُ نَجِسٌ، وَإِنْ دُبِغَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْكُولٍ.

وَيُسَنُّ نَفْضُ فَرْشٍ احْتَمَلَ حُدُوثَ مُؤْذٍ عَلَيْهِ لِلْأَمْرِ بِهِ «وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلْبَسُ الْحَبَرَةَ» وَهِيَ ثَوْبٌ مُخَطَّطٌ بَلْ صَحَّ أَنَّهَا أَحَبُّ الثِّيَابِ إلَيْهِ «وَقَالَ فِي ثَوْبٍ خَيْطُهُ أَحْمَرُ خَلَعَهُ وَأَعْطَاهُ لِغَيْرِهِ خَشِيتُ أَنْ أَنْظُرَ إلَيْهَا فَتَفْتِنَنِي عَنْ صَلَاتِي» وَبَيْنَهُمَا تَعَارُضٌ مَعَ كَوْنِ الْمُقَرَّرِ عِنْدَنَا كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ فِي الْمُخَطَّطِ أَوْ إلَيْهِ أَوْ عَلَيْهِ،.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهَا أَحْبِيَةٌ خَاصَّةٌ بِغَيْرِ الصَّلَاةِ جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ، وَالْأَفْضَلُ فِي الْقَمِيصِ كَوْنُهُ مِنْ قُطْنٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِ سَائِرُ أَنْوَاعِ اللِّبَاسِ كَالْعِمَامَةِ وَالطَّيْلَسَانِ وَالرِّدَاءِ وَالْإِزَارِ وَغَيْرِهَا، وَيَلِيهِ الصُّوفُ لِحَدِيثٍ فِي الْأَوَّلِ وَحَدِيثَيْنِ فِي الثَّانِي، لَكِنَّ ذَاكَ أَقْوَى مِنْ هَذَيْنِ، وَكَوْنُهُ قَصِيرًا بِأَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْكَعْبَ، وَكَوْنُهُ إلَى نِصْفِ السَّاقِ أَفْضَلُ، وَتَقْصِيرُ الْكُمَّيْنِ بِأَنْ يَكُونَ إلَى الرُّسْغِ لِلِاتِّبَاعِ، فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ كَكُلِّ مَا زَادَ عَلَى مَا قَدَّرُوهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ بِقَصْدِ الْخُيَلَاءِ حَرُمَ بَلْ فَسَقَ، وَإِلَّا كُرِهَ إلَّا لِعُذْرٍ كَأَنْ تَمَيَّزَ الْعُلَمَاءُ بِشِعَارٍ يُخَالِفُ ذَلِكَ فَلَبِسَهُ لِيُعْرَفَ فَيُسْأَلَ أَوْ لِيُمْتَثَلَ كَلَامُهُ، بَلْ لَوْ تَوَقَّفَتْ إزَالَةُ مُحَرَّمٍ أَوْ فِعْلُ وَاجِبٍ عَلَى ذَلِكَ وَجَبَ، وَأَطْلَقُوا أَنَّ تَوْسِعَةَ الْأَكْمَامِ بِدْعَةٌ وَمَحَلُّهُ فِي الْفَاحِشَةِ.

وَيَجُوزُ بِلَا كَرَاهَةٍ لُبْسُ ضَيِّقِ الْكُمَّيْنِ حَضَرًا وَسَفَرًا لِلِاتِّبَاعِ وَزَعْمُ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالْغَزْوِ مَمْنُوعٌ، نَعَمْ إنْ أُرِيدَ أَنَّهُ فِيهِ سُنَّةٌ كَمَا صَرَّحَ

ــ

[حاشية الشرواني]

اخْتَصَّ بِهِ الْمُشَبَّهُ بِهِ) أَيْ أَوْ غَلَبَ فِيهِ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي) أَيْ فِي آخِرِ الْهِبَةِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: انْتَهَى) أَيْ مَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: نَحْوُ جُلُوسٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ بَافَضْلٍ وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ اسْتِعْمَالُ جِلْدِ الْفَهْدِ وَالنَّمِرِ اهـ.

(قَوْلُهُ: بِهِ شَعْرٌ إلَخْ) وَفِي الْإِيعَابِ بِخِلَافِ مَا إذَا أُزِيلَ وَبَرُهُ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جُعِلَ إلَخْ) أَيْ شَعْرَهُ.

(قَوْلُهُ: وَالصَّوَابُ حِلُّهَا إلَخْ) وَيَحِلُّ أَيْضًا فَرْوُ الْقُنْدِ وَقَاقَمٍ وَحَوْصَلٍ وَسَمُّورٍ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: كَجُوخٍ وَجُبْنٍ إلَخْ) أَيْ وَسُكَّرٍ اُشْتُهِرَ عَمَلُهُ بِدَمِ الْخِنْزِيرِ (قَوْلُهُ: بَلْ لَا يُفِيدُ إلَخْ) تَقَدَّمَ مِثْلُهُ عَنْ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: إلَّا فِي فَرْوٍ) كَذَا بِالْوَاوِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا بِالدَّالِ وَهِيَ أَفْيَدُ وَأَنْسَبُ (قَوْلُهُ: فِي فَرْدٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ عُلِمَ عَمَلُهُ بِذَلِكَ بِخُصُوصِهِ (وَقَوْلُهُ: دُونَ مُطْلَقِ الْجِنْسِ) أَيْ دُونَ أَمْثَالِ ذَلِكَ الْفَرْدِ الَّتِي لَمْ يُعْلَمْ عَمَلُهَا بِذَلِكَ فَلَا تَحْرُمُ، وَإِنْ اتَّحَدَ الصَّانِعُ وَالْمُصْنَعُ (قَوْلُهُ: شَعْرُهُ نَجِسٌ) هَذِهِ الْجُمْلَةُ خَبَرُ وَفَرْوُ الْوَشَقِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ الْوَشَقَ.

(قَوْلُهُ: حُدُوثَ مُؤْذٍ) أَيْ كَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ (قَوْلُهُ: فِي ثَوْبٍ) أَيْ فِي شَأْنِهِ (قَوْلُهُ: خَلَعَهُ) صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لِثَوْبٍ أَوْ حَالٌ مِنْهُ (وَقَوْلُهُ: خَشِيتُ إلَخْ) مَقُولُ قَالَ (قَوْلُهُ: وَبَيْنَهُمَا) أَيْ الْحَدِيثَيْنِ (قَوْلُهُ: فِي الْمُخَطَّطِ أَوْ إلَيْهِ أَوْ عَلَيْهِ) أَيْ لَابِسًا لَهُ أَوْ مُتَوَجِّهًا إلَيْهِ أَوْ وَاقِفًا عَلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ بِالِافْتِتَانِ تَقْيِيدُ الْمُخَطَّطِ بِالظُّهُورِ بِحَيْثُ يَقَعُ عَلَيْهِ النَّظَرُ، بِخِلَافِ مَا إذَا غَطَّاهُ بِمَا يَمْنَعُ وُقُوعَ النَّظَرِ إلَيْهِ كَأَنْ لَبِسَ فَوْقَهُ غَيْرَهُ فَلَا كَرَاهَةَ حِينَئِذٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: إلَيْهَا) أَيْ إلَى خُطُوطِ هَذَا الثَّوْبِ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُجَابُ إلَخْ) لَا يَخْفَى بُعْدُهُ وَلَوْ حُمِلَ الْحَدِيثُ الثَّانِي عَلَى ذِي خُطُوطٍ غَرِيبَةٍ مِنْ شَأْنِهَا إشْغَالُ الْخَاطِرِ لَمْ يَبْعُدْ، فَإِنَّهُ مِنْ الْوَقَائِعِ الْفِعْلِيَّةِ الْمُحْتَمَلَةِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهَا) أَيْ أَحْبِيَةَ الْحَبَرَةِ (قَوْلُهُ: ذَاكَ) أَيْ حَدِيثُ الْقُطْنِ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ) إلَى قَوْلِهِ بَلْ لَوْ تَوَقَّفَتْ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ بَلْ فَسَقَ.

(قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ إلَخْ) أَيْ الْقَمِيصِ أَيْ وَنَحْوِهِ لِلرَّجُلِ أَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَجُوزُ لَهَا إرْسَالُ الثَّوْبِ عَلَى الْأَرْضِ إلَى ذِرَاعٍ وَيُكْرَهُ لَهَا الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ، وَابْتِدَاءُ الذِّرَاعِ مِنْ الْكَعْبَيْنِ عَلَى الْأَقْرَبِ شَرْحُ بَافَضْلٍ وَنِهَايَةٌ وَإِمْدَادٌ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا أَنَّهُ اعْتَمَدَ أَنَّ ابْتِدَاءَهُ مِنْ الْحَدِّ الْمُسْتَحَبِّ لِلرِّجَالِ وَهُوَ أَنْصَافُ السَّاقَيْنِ، قَالَ الْكُرْدِيُّ عَلَى بَافَضْلٍ وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحِ فِي النَّفَقَاتِ مِنْ التُّحْفَةِ وَاسْتَوْجَهَهُ فِي الْإِيعَابِ وَنَقَلَهُ فِيهِ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَلَبِسَهُ لِيُعْرَفَ إلَخْ) أَيْ فَيُنْدَبُ لَهُمْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَشَرْحُ بَافَضْلٍ أَيْ وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِمْ التَّشَبُّهَ بِهِمْ فِيهِ لِيَلْحَقُوا بِهِمْ ع ش وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مِثْلُهُ.

(قَوْلُهُ: وَأَطْلَقُوا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَشَرْحِ بَافَضْلٍ وَإِفْرَاطُ تَوْسِعَةِ الثِّيَابِ وَالْأَكْمَامِ بِدْعَةٌ وَسَرَفٌ وَتَضْيِيعٌ لِلْمَالِ، نَعَمْ مَا صَارَ شِعَارًا لِلْعُلَمَاءِ يُنْدَبُ لَهُمْ لُبْسُهُ لِيُعْرَفُوا بِذَلِكَ فَيُسْأَلُوا إلَخْ، وَيُسَنُّ أَنْ يَبْدَأَ بِيَمِينِهِ لُبْسًا وَيَسَارِهِ خَلْعًا وَأَنْ يَخْلَعَ نَحْوَ نَعْلَيْهِ إذَا جَلَسَ وَأَنْ يَجْعَلَهُمَا وَرَاءَهُ أَوْ بِجَنْبِهِ إلَّا لِعُذْرٍ وَأَنْ يَطْوِيَ ثِيَابَهُ ذَاكِرًا اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَّا لَبِسَهَا الشَّيْطَانُ كَمَا وَرَدَ اهـ زَادَ الْأَوَّلَانِ وَيُكْرَهُ بِلَا عُذْرٍ الْمَشْيُ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ أَوْ نَحْوِهَا كَخُفٍّ وَلَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ النَّشَاءِ وَهُوَ الْمُتَّخَذُ مِنْ الْقَمْحِ فِي الثَّوْبِ وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ وَتَرْكُ دَقِّ الثِّيَابِ وَصَقْلِهَا اهـ وَزَادَ شَيْخُنَا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَيْ الدَّقُّ وَالصَّقْلُ مِمَّنْ يُرِيدُ الْبَيْعَ كَانَ مِنْ الْغِشِّ الْمُحَرَّمِ فَيَجِبُ إعْلَامُ الْمُشْتَرِي بِهِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ وَتَضْيِيعٌ لِلْمَالِ وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ مَكْرُوهٌ إلَّا عِنْدَ قَصْدِ الْخُيَلَاءِ، وَقَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ يَبْدَأَ بِيَمِينِهِ إلَخْ وَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ يَسَارَهُ خُرُوجًا وَيَضَعَهَا عَلَى ظَهْرِ نَعْلِ الْيَسَارِ مَثَلًا ثُمَّ يَخْرُجَ بِالْيَمِينِ فَيَلْبَسَ نَعْلَهَا ثُمَّ يَلْبَسَ نَعْلَ الْيَسَارِ فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ سُنَّةِ الِابْتِدَاءِ بِلُبْسِ الْيَمِينِ وَالْخُرُوجِ بِالْيَسَارِ، وَقَوْلُ م ر وَأَنْ يَطْوِيَ ثِيَابَهُ ذَاكِرًا إلَخْ أَيْ مَعَ التَّسْمِيَةِ وَالْمُرَادُ بِالطَّيِّ لَفُّهَا عَلَى هَيْئَةٍ غَيْرِ الْهَيْئَةِ الَّتِي تَكُونُ عَلَيْهَا عِنْدَ إرَادَةِ اللُّبْسِ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي لُبْسِ الْخُلَفَاءِ لَهُ، وَإِنَّمَا نَزَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِكَوْنِهِ كَانَ حَرِيرًا وَكَانَ لُبْسُهُ لَهُ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْحَرِيرِ فَنَزَعَهُ لَمَّا حُرِّمَ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ قَالَ حِينَ نَزَعَهُ نَهَانِي عَنْهُ جِبْرِيلُ» اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ بِلَا كَرَاهَةٍ لُبْسُ ضَيِّقِ الْكُمَّيْنِ حَضَرًا وَسَفَرًا إلَخْ) فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ إلَّا ثَوْبٌ فَصَّلَهُ وَلَبِسَ ثَوْبًا قَصِيرَ الْكُمِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>