للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي نَحْوِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَيَتَحَوَّلُ فِيهَا لِلْقِبْلَةِ عِنْدَ الدُّعَاءِ وَيُحَوِّلُ رِدَاءَهُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ مِنْ تَفَرُّدِهِ مَعَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَسْقَى فِيهَا وَلَمْ يَفْعَلْهُ وَأَيْضًا اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ فِيهَا مَكْرُوهٌ بَلْ مُبْطِلٌ عَلَى وَجْهٍ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ عَبَّرَ بِيَجُوزُ وَهُوَ الَّذِي رَأَيْته فِي نُسْخَةٍ ثُمَّ قَالَ بَلْ الَّذِي يُتَّجَهُ نَدْبُهُ وَحِينَئِذٍ فَالِاعْتِرَاضُ إنَّمَا يُتَّجَهُ عَلَى الثَّانِي وَأَكْمَلُهَا الِاسْتِسْقَاءِ بِخُطْبَتَيْنِ وَرَكْعَتَيْنِ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْآتِيَةِ لِثُبُوتِهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ مَا يَنْفِيهَا إذْ تَرْتِيبُ نُزُولِ الْمَطَرِ عَلَى الِاسْتِغْفَارِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِيهِ عَلَى لِسَانِ نُوحٍ وَهُودٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ الْمُرَادُ بِهِ الْإِيمَانُ وَحَقِيقَتُهُ لَا يَنْفِي نَدْبَ الِاسْتِسْقَاءِ لِانْقِطَاعِهِ الثَّابِتِ فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي كَادَتْ أَنْ تَتَوَاتَرَ عَلَى أَنَّ الْأَصَحَّ فِي الْأُصُولِ أَنَّ

شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا

لَيْسَ بِشَرْعٍ لَنَا وَبِتَسْلِيمِهِ فَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَرِدْ فِي شَرْعِنَا مَا يُخَالِفُهُ (عِنْدَ الْحَاجَةِ) لِلْمَاءِ لِفَقْدِهِ أَوْ مُلُوحَتِهِ أَوْ قِلَّتِهِ بِحَيْثُ لَا يَكْفِي أَوْ لِزِيَادَتِهِ الَّتِي بِهَا نَفْعٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُحْتَاجُ لِذَلِكَ طَائِفَةً مُسْلِمِينَ قَلِيلَةً فَيُسَنُّ لِغَيْرِهِمْ الِاسْتِسْقَاءُ لَهُمْ وَلَوْ بِالصَّلَاةِ.

نَعَمْ إنْ كَانُوا فَسَقَةً أَوْ مُبْتَدِعَةً لَمْ يُفْعَلْ لَهُمْ عَلَى مَا بُحِثَ

ــ

[حاشية الشرواني]

قَوْلُهُ: وَفِي نَحْوِ الْخُطْبَةِ) أَيْ كَالدُّرُوسِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَيَتَحَوَّلُ فِيهَا) أَيْ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَبَّرَ بِيَجُوزُ وَمَا بَيْنَهُمَا جُمْلَةٌ اعْتِرَاضِيَّةٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الثَّانِي) وَهُوَ قَوْلُهُ بَلْ يُتَّجَهُ نَدْبُهُ (قَوْلُهُ: مَا يَنْفِيهَا) أَيْ الْكَيْفِيَّةَ الْآتِيَةَ (قَوْلُهُ: الْمَأْمُورِ بِهِ فِيهِ) أَيْ بِالِاسْتِغْفَارِ فِي الْقُرْآنِ

(قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِهِ إلَخْ) لَا يُقَالُ إنَّهُ إنْ كَانَ صِفَةً أُخْرَى لِلِاسْتِغْفَارِ صَارَ الْمُبْتَدَأُ أَعْنِي تَرْتِيبَ إلَخْ بِلَا خَبَرٍ أَوْ خَبَرًا لَهُ لَمْ يَصِحَّ الْإِخْبَارُ؛ لِأَنَّ مَبْنَى هَذِهِ الْمُنَاقَشَةِ أَنَّ وَحَقِيقَتُهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَا بَعْدَهُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِجَوَازِ عَطْفِهِ عَلَى الْإِيمَانِ وَالْهَاءُ لِلِاسْتِغْفَارِ وَقَوْلُهُ لَا يَنْفِي إلَخْ خَبَرٌ وَتَرْتِيبُ إلَخْ تَأَمَّلْ سم وَقَوْلُهُ وَالْهَاءُ إلَخْ أَيْ فِي حَقِيقَتُهُ أَيْ وَالِاسْتِغْفَارُ الْحَقِيقِيُّ هُوَ الْإِيمَانُ وَلَكِنْ كَانَ الْمُنَاسِبُ عَلَى ذَلِكَ قَلْبَ الْعَطْفِ عَلَى أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ إرْجَاعِ الْهَاءِ لِلْإِيمَانِ كَمَا هُوَ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: لِانْقِطَاعِهِ) أَيْ الْمَاءِ (وَقَوْلُهُ: الثَّابِتِ) أَيْ الِاسْتِسْقَاءِ قَوْلُ الْمَتْنِ (عِنْدَ الْحَاجَةِ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ إلَى الْمَاءِ وَلَا نَفْعٌ بِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَا اسْتِسْقَاءَ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ زَادَ شَيْخُنَا بَلْ وَلَا تَصِحُّ كَمَا قَرَّرَهُ الْحَفْنَاوِيُّ اهـ وَقَوْلُهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَيْسَ بِقَيْدٍ عِنْدَ ع ش عِبَارَتُهُ قَوْلُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ أَيْ نَاجِزَةً أَوْ غَيْرَهَا كَأَنْ طَلَبَ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ حَالًا حُصُولَهُ بَعْدَ مُدَّةٍ يَحْتَاجُونَ فِيهَا إلَيْهِ بِأَنْ طَلَبَ فِي زَمَنِ الصَّيْفِ حُصُولَهُ فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ أَيْ وَعَكْسَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِلْمَاءِ) إلَى قَوْلِهِ وَجَعَلَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ عَلَى مَا بَحَثَ (قَوْلُهُ: لِفَقْدِهِ) أَيْ وَتَوَقُّفِ النِّيلِ أَيْ وَنَحْوُهُ فِي أَيَّامِ زِيَادَتِهِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ قِلَّتِهِ إلَخْ) .

(فَرْعٌ)

أَخْبَرَ مَعْصُومٌ بِالْقَطْعِ بِاسْتِجَابَةِ دُعَاءِ شَخْصٍ فِي الْحَالِ وَاضْطُرَّ النَّاسُ لِلسُّقْيَا فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الدُّعَاءُ أَمْ لَا سم عَلَى حَجّ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ مَا كَانَ خَارِقًا لِلْعَادَةِ لَا تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ قَدْ يُتَّجَهُ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ جَوَّزَ إجَابَةَ غَيْرِهِ مَعَ عَدَمِ حُصُولِ ضَرَرٍ لَمْ يَجِبْ، وَإِنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَلَا يَبْعُدُ الْوُجُوبُ فَلْيُتَأَمَّلْ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ إلَخْ) غَايَةٌ لِلْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فَيُسَنُّ لِغَيْرِهِمْ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَسْقُوا هُمْ ع ش (قَوْلُهُ: الِاسْتِسْقَاءُ لَهُمْ) أَيْ وَيَسْأَلُوا الزِّيَادَةَ؛ لِأَنْفُسِهِمْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ إذَا كَانَ فِيهَا نَفْعٌ لَهُمْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالصَّلَاةِ) أَيْ وَالْخُطْبَةِ اُنْظُرْ لَوْ نَذَرَ الِاسْتِسْقَاءَ فَهَلْ يَخْرُجُ مِنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ بِإِحْدَى الْكَيْفِيَّاتِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ يُحْمَلُ نَذْرُهُ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْكَامِلَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الِاسْتِسْقَاءِ عَلَى الدُّعَاءِ بِنَوْعَيْهِ صَارَ كَالْمَهْجُورِ فَيُحْمَلُ اللَّفْظُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْهَا وَهُوَ الْأَكْمَلُ فَلَا يَبَرُّ بِمُطْلَقِ الدُّعَاءِ وَلَا بِهِ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ ع ش ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْأَكْمَلِ لِعَدَمِ فِعْلِ أَهْلِ مَحَلِّهِ لَهُ.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ كَانُوا فَسَقَةً إلَخْ) أَيْ أَوْ بُغَاةً نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ مُبْتَدَعَةً) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكْفُرُوا وَلَمْ يَفْسُقُوا بِهَا وَبَقِيَ مَا لَوْ احْتَاجَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَسَأَلُوا الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ فَهَلْ يَنْبَغِي إجَابَتُهُمْ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَفَاءً بِذِمَّتِهِمْ وَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ فِعْلَنَا ذَلِكَ لِحُسْنِ حَالِهِمْ؛ لِأَنَّ كُفْرَهُمْ مُحَقَّقٌ مَعْلُومٌ وَتُحْمَلُ إجَابَتُنَا لَهُمْ عَلَى الرَّحْمَةِ بِهِمْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُمْ مِنْ ذَوِي الرُّوحِ بِخِلَافِ الْفَسَقَةِ وَالْمُبْتَدَعَةِ ع ش (قَوْلُهُ: لَمْ تُفْعَلْ لَهُمْ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنْ كَانَ عَلَى وَجْهٍ يُؤَدِّي إلَى مَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي التَّعْلِيلِ فَلَا يَبْعُدُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِمْ مَا لَوْ كَانُوا بُغَاةً أَوْ قُطَّاعَ طَرِيقٍ وَكَانَ اتِّسَاعُهُمْ فِي أَمْرِ الْمَعَاشِ يُغْرِيهِمْ عَلَى طُغْيَانِهِمْ، وَأَمَّا إذَا عَرِيَ عَنْ الْمَفْسَدَةِ فَيَنْبَغِي فِعْلُهُ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ مَعَ إطْلَاقِ النُّصُوصِ الْمُرَغِّبَةِ فِي الدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَعَلَّ فِي

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

الْفَرْضِيَّةِ اتِّكَالًا عَلَى كَوْنِهِ مَعْلُومًا مِنْ كَلَامِهِمْ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَكَوْنِ الْوُجُوبِ هُنَا لِعَارِضٍ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَسْتَقِرَّ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ الْمَنْذُورِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَلْحَظَ النِّيَّةِ التَّمْيِيزُ وَهُوَ فِي الْوَاجِبِ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالتَّعَرُّضِ لِلْفَرِيضَةِ سَوَاءٌ أَوَجَبَ قَضَاؤُهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْقَضَاءِ وَعَدَمَهُ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْمَقْصُودِ مِنْ النِّيَّةِ اهـ وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ وُجُوبَ الصَّوْمِ بِأَمْرِ الْإِمَامِ وَرَدَّ تَمَسُّكَهُمْ بِالنَّصِّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ وَحِكَايَةُ قَوْلِ الْعُبَابِ وَالنَّصُّ يَقْتَضِي خِلَافَهُ أَيْ عَدَمَ الْوُجُوبِ مَا نَصُّهُ وَعَلَى التَّنَزُّلِ فَهُوَ أَيْ النَّصُّ مَحْمُولٌ بِقَرِينَةِ كَلَامِهِ أَيْ الشَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْبُغَاةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَأْمُرْهُمْ الْإِمَامُ بِذَلِكَ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ إذَا أَمَرَهُمْ بِالِاسْتِسْقَاءِ فِي الْجَدْبِ وَجَبَتْ طَاعَتُهُ فَيُقَاسُ الصَّوْمُ بِالصَّلَاةِ وَبِذَلِكَ يُدْفَعُ قَوْلُ ابْنِ الْعِمَادِ قَضِيَّةُ الِاقْتِصَارِ عَلَى الصَّوْمِ عَدَمُ وُجُوبِ الْخُرُوجِ وَالصَّلَاةِ بِأَمْرِهِ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِهِ الْإِيمَانُ) لَا يُقَالُ فِيهِ مُنَاقَشَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ صِفَةً أُخْرَى لِلِاسْتِغْفَارِ صَارَ الْمُبْتَدَأُ أَعْنِي " تَرْتِيبُ " بِلَا خَبَرٍ أَوْ خَبَرًا لَهُ لَمْ يَصِحَّ الْإِخْبَارُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَبْنَى الْمُنَاقَشَةِ أَنَّ حَقِيقَتُهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَا بَعْدَهُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>