لِئَلَّا تَظُنَّ الْعَامَّةُ حُسْنَ طَرِيقَتِهِمْ وَجَعَلَ شَارِحٌ مِنْ ذَلِكَ الْحَاجَةَ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ حَبْسَهَا يَمْنَعُ فَائِدَةَ السُّقْيَا لِمَنْعِهِ نُمُوَّ النَّبْتِ، وَالثَّمَرِ فَكَانَ طُلُوعُهَا مِنْ تَتِمَّةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مِنْ نَحْوِ الزِّلْزَالِ الَّذِي مَرَّ فِيهِ أَنَّهُ يُصَلَّى لَهُ فُرَادَى وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِهِمْ مَا يَرُدُّ الْأَوَّلَ (وَتُعَادُ) بِأَنْوَاعِهَا (ثَانِيًا وَثَالِثًا) وَهَكَذَا (إنْ لَمْ يُسْقَوْا) حَتَّى يَسْقِيَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَضْلِهِ لِخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ» ، وَإِنْ ضَعُفَ ثُمَّ إذَا أَرَادُوا إعَادَتَهَا بِالصَّلَاةِ، وَالْخُطْبَةِ إنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِمْ الْخُرُوجُ مِنْ غَدِ كُلِّ خُرْجَةٍ خَرَجَ بِهِمْ صِيَامًا، وَإِنْ شَقَّ وَرَأَى التَّأْخِيرَ أَيَّامًا صَامَ بِهِمْ ثَلَاثًا وَخَرَجَ بِهِمْ فِي الرَّابِعِ صِيَامًا وَهَكَذَا.
(فَإِنْ تَأَهَّبُوا لِلصَّلَاةِ) وَلَوْ لِلزِّيَادَةِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا (فَسُقُوا قَبْلَهَا اجْتَمَعُوا لِلشُّكْرِ) عَلَى تَعْجِيلِ مَطْلُوبِهِمْ قَالَ تَعَالَى {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: ٧] (وَالدُّعَاءِ) بِطَلَبِ الزِّيَادَةِ إنْ احْتَاجُوهَا (وَيُصَلُّونَ) الصَّلَاةَ الْآتِيَةَ وَيَخْطُبُونَ أَيْضًا لِلْوَعْظِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُمْ يَنْوُونَ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ الْآتِي شُكْرًا (عَلَى الصَّحِيحِ) شُكْرًا أَيْضًا وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا لَوْ وَقَعَ الِانْجِلَاءُ بَعْدَ اجْتِمَاعِهِمْ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْقَصْدَ بِالصَّلَاةِ ثَمَّ رَفْعُ التَّخْوِيفِ الْمَقْصُودِ بِالْكُسُوفِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ وَقَدْ زَالَ وَهُنَا تَجْدِيدُ الشُّكْرِ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ الظَّاهِرَةِ وَلَمْ يَفُتْ ذَلِكَ
ــ
[حاشية الشرواني]
إتْيَانِ التُّحْفَةِ بِصِيغَةِ التَّبْرِئَةِ إشْعَارًا بِذَلِكَ بَلْ يَنْقَدِحُ إلْحَاقُ الْكُفَّارِ وَلَوْ حَرْبِيِّينَ بِمَنْ ذُكِرَ فِي إجْرَاءِ هَذَا التَّفْصِيلِ وَعَلَيْهِ فَقَيْدُ الْمُسْلِمِينَ لِلْغَالِبِ بَصْرِيٌّ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا عَرِيَ عَنْ الْمَفْسَدَةِ أَشَارَ إلَيْهِ سم بِمَا نَصُّهُ قَوْلُهُ لِئَلَّا تَظُنَّ الْعَامَّةُ إلَخْ اُنْظُرْ عَلَى هَذَا لَوْ أُمِنَ هَذَا الظَّنُّ اهـ لَكِنْ اعْتَمَدَ الْبَحْثَ الْمَذْكُورَ الْأَسْنَى وَالنِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَشَرْحُ بَافَضْلٍ وَغَيْرُهُمْ وَعَلَّلُوا أَوَّلًا بِالتَّأْدِيبِ وَالزَّجْرِ ثُمَّ بِمَا فِي الشَّرْحِ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ حَرْبِيِّينَ فِيهِ تَوَقُّفٌ ظَاهِرٌ وَالْأَوْلَى مَا مَرَّ عَنْ ع ش مِنْ التَّقْيِيدِ بِالذِّمِّيِّينَ (قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْحَاجَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلِاسْتِسْقَاءِ عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ أَوْ مُلُوحَتِهِ أَلْحَقَ بِهِ بَعْضُهُمْ بَحْثًا عَدَمَ طُلُوعِ الشَّمْسِ الْمُعْتَادِ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْإِلْحَاقِ بَلْ هُوَ مِنْ قِسْمِ الزَّلَازِلِ وَالصَّوَاعِقِ فَتُسَنُّ لَهُ الصَّلَاةُ فُرَادَى اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُوَجَّهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ أَيْضًا إنَّ حَبْسَهَا فِي مَعْنَى كُسُوفِهَا سم (قَوْلُهُ: مَا يَرُدُّ الْأَوَّلَ) أَيْ مَا بَحَثَهُ الشَّارِحِ الْمُتَقَدِّمُ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْوَاعِهَا) فِيهِ مَا مَرَّ آنِفًا عِبَارَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي الصَّلَاةُ مَعَ الْخُطْبَتَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَهَكَذَا) إلَى قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَوْ لِلزِّيَادَةِ إلَى الْمَتْنِ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ عَلَى الصَّحِيحِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا مَا ذُكِرَ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ ضَعُفَ (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا إلَخْ) حُكِيَ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّهُ قَالَ اُسْتُسْقِيَ لِلنِّيلِ بِمِصْرَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا مُتَوَالِيَةً وَحَضَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُمَا مُغْنِي (قَوْلُهُ: حَتَّى يَسْقِيَهُمْ اللَّهُ) وَالْمَرَّةُ الْأُولَى آكَدُ فِي الِاسْتِحْبَابِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ ضَعُفَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُعْمَلُ بِالضَّعِيفِ فِي الْفَضَائِلِ سم (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَشُقَّ إلَخْ) الْأَوْلَى، فَإِنْ لَمْ يَشُقَّ بَلْ وَلَمْ يَشُقَّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَرَأَى التَّأْخِيرَ) أَيْ وَاقْتَضَى الْحَالُ التَّأْخِيرَ كَانْقِطَاعِ مَصَالِحِهِمْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا) أَيْ الَّتِي بِهَا نَفْعٌ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إنْ لَمْ يَتَضَرَّرُوا بِكَثْرَةِ الْمَطَرِ اهـ. وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: إنْ احْتَاجُوهَا لَوْ قَالَ بَدَلَهُ إنْ نَفَعَتْ كَانَ أَوْفَقَ بِالسِّيَاقِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِمْ وَيَخْطُبُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُمْ يَنْوُونَ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ) وَيُؤَيِّدُهُ تَعْبِيرُ الْعُبَابِ بِقَوْلِهِ وَيُصَلُّونَ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى انْتَهَى اهـ.
سم (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ عَلَى فِعْلِهَا هُوَ الشُّكْرُ وَهُوَ يَحْصُلُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى التَّعْظِيمِ فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ نِيَّتَهُمْ بِهَا الِاسْتِسْقَاءَ ع ش (قَوْلُهُ: الْآتِي) أَيْ آنِفًا (قَوْلُهُ: شُكْرًا أَيْضًا) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُصَلُّونَ عَلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ إلَخْ) هَلْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَاكَ لَمْ يَحْدُثْ أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ بِخِلَافِهِ هُنَا سم عَلَى حَجّ وَلَعَلَّ الْأَوْجَهَ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ مَا هُنَا حُصُولُ نِعْمَةٍ وَمَا هُنَاكَ انْدِفَاعُ نِقْمَةٍ وَأَيْضًا أَنَّ مَا هُنَا بَقِيَ أَثَرُهُ إلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ مَا هُنَاكَ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: بَيْنَ هَذَا وَمَا لَوْ وَقَعَ إلَخْ) عِبَارَةُ ع ش لَك أَنْ تَقُولَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِسْقَاءِ حَيْثُ طُلِبَتْ فِيهِ هَذِهِ الْأُمُورُ بَعْدَ السُّقْيَا قَبْلَ الصَّلَاةِ شُكْرًا وَبَيْنَ الْكُسُوفِ حَيْثُ لَا تُطْلَبُ فِيهِ هَذِهِ الْأُمُورُ بَعْدَ زَوَالِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مَعَ جَرَيَانِ التَّوْجِيهِ الْأَوَّلِ فِيهِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ التَّوْجِيهَ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ: الشُّكْرِ وَطَلَبِ الْمَزِيدِ أَوْ بِأَنَّ الْحَاجَةَ لِلسُّقْيَا أَشَدُّ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَوَجْهُهُ أَنَّ الْقَصْدَ إلَخْ) الْأَخْصَرُ الْأَسْبَكُ بِأَنَّ الْقَصْدَ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْمَقْصُودِ) أَيْ التَّخْوِيفِ (قَوْلُهُ: كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ) أَيْ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا هَذِهِ الْآيَاتُ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهَا، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَصَلُّوا» (قَوْلُهُ: وَقَدْ زَالَ) أَيْ الْخَوْفُ أَوْ الْكُسُوفُ (قَوْلُهُ: وَهُنَا تَجْدِيدُ الشُّكْرِ إلَخْ) فِيهِ تَأَمُّلٌ لَا يَخْفَى سم أَيْ؛ لِأَنَّ هَذَا فَرْقٌ بِعَيْنِ الْحُكْمِ إذْ السُّؤَالُ لِمَطْلَبِ الشُّكْرُ هُنَا دُونَ ثَمَّ عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ قَوْلُهُ وَهُنَا تَجْدِيدُ الشُّكْرِ قَدْ يُقَالُ إنْ أَرَادَ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ الْمَفْعُولَةَ قَبْلَ السُّقْيَا فَالْقَصْدُ بِهَا طَلَبُ السُّقْيَا لَا الشُّكْرُ أَوْ الْمَفْعُولَةَ بَعْدَهُ فَلَا جَدْوَى فِي هَذَا الْفَرْقِ لِإِمْكَانِ أَنْ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
لِجَوَازِ عَطْفِهِ عَلَى الْإِيمَانِ وَالْهَاءُ لِلِاسْتِغْفَارِ وَقَوْلُهُ لَا يَنْفِي إلَخْ خَبَرُ تَرْتِيبُ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لِئَلَّا تَظُنَّ الْعَامَّةُ إلَخْ) اُنْظُرْ عَلَى هَذَا لَوْ أُمِنَ هَذَا الظَّنُّ (قَوْلُهُ: وَيُوَجَّهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ أَيْضًا أَنَّ حَبْسَهَا فِي مَعْنَى كُسُوفِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ ضَعُفَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُعْمَلُ بِالضَّعِيفِ فِي الْفَضَائِلِ.
(قَوْلُهُ بِطَلَبِ الزِّيَادَةِ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ السِّيَاقَ أَفَادَ أَنَّ الْغَرَضَ حُصُولُ الزِّيَادَةِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا إلَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ فَسُقُوا عَلَى أَعَمَّ مِنْ حُصُولِ كُلِّ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ وَبَعْضِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَلَوْ قَالَ إنْ نَفَعَتْ بَدَلَ إنْ احْتَاجُوهَا كَانَ أَوْفَقَ بِالسِّيَاقِ.
(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُمْ يَنْوُونَ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ) وَيُؤَيِّدُهُ تَعْبِيرُ الْعُبَابِ بِقَوْلِهِ وَصَلُّوا صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى اهـ.
(قَوْلُهُ: وَبِهِ يُفَرَّقُ إلَخْ) هَلْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَاكَ لَمْ يَحْدُثْ أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ بِخِلَافِهِ هُنَا (قَوْلُهُ وَهُنَا تَجْدِيدُ الشُّكْرِ إلَخْ) فِيهِ تَأَمُّلٌ لَا يَخْفَى