للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا فِي مَكَّةَ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ عَلَى مَا قَالَهُ الْخَفَّافُ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْأَذْرَعِيُّ اقْتِدَاءً بِالْخَلَفِ، وَالسَّلَفِ لِشَرَفِ الْمَحَلِّ وَسَعَتِهِ الْمُفْرِطَةِ وَلَا يُنَافِيهِ إحْضَارُ نَحْوِ الصِّبْيَانِ، وَالْبَهَائِمِ؛ لِأَنَّهَا تُوقَفُ بِأَبْوَابِ الْمَسْجِدِ وَإِلَّا إنْ قَلَّ الْمُسْتَسْقُونَ فَالْمَسْجِدُ مُطْلَقًا لَهُمْ أَفْضَلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ (فِي الرَّابِعِ) مِنْ صِيَامِهِمْ (صِيَامًا) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَالْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَالْمَظْلُومُ» وَفَارَقَ نَدْبُ الْفِطْرِ بِعَرَفَةَ وَلَوْ لِأَهْلِ عَرَفَةَ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ؛ لِأَنَّهُ آخِرُ النَّهَارِ فَيَشُقُّ مَعَهُ الصَّوْمُ وَهُنَا بِعَكْسِهِ.

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ هُنَا آخِرَ النَّهَارِ أُلْحِقَ بِعَرَفَةَ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْحَاجَّ لِاحْتِيَاجِهِ بَعْدَ الْفِطْرِ إلَى مَا عَلَيْهِ فِي لَيْلَةِ النَّحْرِ وَيَوْمِهَا مِنْ الْمَتَاعِبِ أَحْوَجُ إلَى الْفِطْرِ مِنْ الْمُسْتَسْقَى فَلَا يُقَاسُ بِهِ (فِي ثِيَابٍ بِذْلَةٍ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ لِلْمُعْجَمَةِ أَيْ عَمَلٍ غَيْرِ جَدِيدَةٍ (وَ) فِي (تَخَشُّعٍ) أَيْ تَذَلُّلٍ وَخُضُوعٍ وَاسْتِكَانَةٍ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي كَلَامِهِمْ وَمَشْيِهِمْ وَجُلُوسِهِمْ مَعَ حُضُورِ الْقَلْبِ وَامْتِلَائِهِ بِالْهَيْبَةِ، وَالْخَوْفِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَاحْتِمَالُ عَطْفِ تَخَشُّعٍ عَلَى بِذْلَةٍ مَدْفُوعٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا ثِيَابُ تَخَشُّعٍ مَخْصُوصَةٌ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ ثِيَابُ التَّخَشُّعِ غَيْرُ ثِيَابِ الْكِبْرِ وَالْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ لِنَحْوِ طُولِ أَكْمَامِهَا وَأَذْيَالِهَا، وَإِنْ كَانَتْ ثِيَابَ عَمَلٍ فَصَحَّ عَطْفُهُ عَلَى بِذْلَةٍ أَيْضًا خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ وَحِينَئِذٍ إذَا أُمِرُوا بِإِظْهَارِ التَّخَشُّعِ فِي مَلْبُوسِهِمْ

ــ

[حاشية الشرواني]

أَنْ يُخَفِّفَ أَكْلَهُ وَشُرْبَهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ مَا أَمْكَنَ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَكَّةَ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَشُرُوحِ الرَّوْضِ وَبَافَضْلٍ وَالْإِرْشَادِ وَالْعُبَابِ عِبَارَةُ الْأَوَّلَيْنِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَكَّةَ وَغَيْرِهَا، وَإِنْ اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مَكَّةَ وَبَيْتَ الْمَقْدِسِ لِفَضْلِ الْبُقْعَةِ وَسَعَتِهَا؛ لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِإِحْضَارِ الصِّبْيَانِ وَمَأْمُورُونَ بِأَنَّا نُجَنِّبُهُمْ الْمَسَاجِدَ اهـ قَالَ الْبَصْرِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِهِمَا الْمَذْكُورِ وَيُؤْخَذُ مِنْ صَنِيعِهِمَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الصِّبْيَانِ الْمَطْلُوبِ حُضُورُهُمْ بَيْنَ الْمُمَيِّزِينَ وَغَيْرِهِمْ، فَإِنَّ الْمَأْمُورَ بِتَجَنُّبِهِمْ الْمَسَاجِدَ غَيْرُ الْمُمَيِّزِينَ وَلَمْ يُصَرِّحَا بِهِ فِيمَا سَيَأْتِي وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُمَا لَا يَرْتَضِيَانِ الِاسْتِثْنَاءَ الثَّانِيَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا إنْ قَلَّ الْمُسْتَسْقُونَ إلَخْ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضَا لَهُ بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ اهـ وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يُصَرِّحَا بِهِ إلَخْ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضَا لَهُ إلَخْ قَدْ يُمْنَعُ وَيُدَّعَى دُخُولُهُ فِي الْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ: لِشَرَفِ الْمَحَلِّ وَسَعَتِهِ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ اسْتِثْنَاءُ الْمَدِينَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ اتَّسَعَ مَسْجِدُهَا الْآنَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ اسْتِثْنَاءَ مَكَّةَ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ (قَوْلُهُ: نَحْوِ الصِّبْيَانِ إلَخْ) أَيْ كَالْحُيَّضِ وَالْمَجَانِينِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا إنْ قَلَّ إلَخْ) وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ ثُمَّ ظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي نَدْبِ الْخُرُوجِ إلَى الصَّحْرَاءِ بَيْنَ كَثْرَةِ الْمُسْتَسْقِينَ وَقِلَّتِهِمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَقَوْلُ الدَّارِمِيِّ إنَّ الْمَسْجِدَ أَفْضَلُ عِنْدَ قِلَّتِهِمْ ضَعِيفٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِمْ إلَى أَنْ قَالَ وَقَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ وَالتَّعْلِيلِ السَّابِقِ أَنَّهُمْ لَوْ قَالُوا وَلَا يَحْضُرُهَا صِبْيَانٌ وَلَا حُيَّضٌ وَلَا بَهَائِمُ أَنَّهُ يُسَنُّ الْمَسْجِدُ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ خِلَافُهُ لِلِاتِّبَاعِ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ أَشَارَ إلَى مَا قَدَّمْته مِنْ أَنَّ كَلَامَ الدَّارِمِيِّ مَقَالَةٌ انْتَهَى اهـ سم (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِأَهْلِ عَرَفَةَ) أَيْ الْمُقِيمِينَ فِيهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ وُقُوفَ عَرَفَةَ.

(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ هُنَا إلَخْ) وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْإِمَامَ هُنَا لَمَّا أَمَرَ بِهِ صَارَ وَاجِبًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَأَقَرَّهُ سم وَقَدْ يُقَالُ لَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ هُنَا مَا يُفِيدُ أَمْرَ الْإِمَامِ بِصَوْمِ يَوْمِ الْخُرُوجِ بِخُصُوصِهِ وَأَمْرُهُ بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا يَشْمَلُ هَذَا الْيَوْمَ فَمُفَادُ كَلَامِهِمْ أَنَّ صِيَامَ هَذَا الْيَوْمِ مَنْدُوبٌ مُطْلَقًا أَمَرَ بِهِ الْإِمَامُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ: بِكَسْرٍ) إلَى قَوْلِهِ كَذَا قِيلَ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ وَذَلِكَ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ عَمَلٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَيْ مِهْنَةٍ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إلَى صِفَتِهِ أَيْ مَا يُلْبَسُ مِنْ الثِّيَابِ فِي وَقْتِ الشُّغْلِ وَمُبَاشَرَةِ الْخِدْمَةِ وَتَصَرُّفِ الْإِنْسَانِ فِي بَيْتِهِ اهـ زَادَ النِّهَايَةُ قَالَ الْقَمُولِيُّ وَلَا يُلْبَسُ الْجَدِيدُ مِنْ ثِيَابِ الْبِذْلَةِ أَيْضًا اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ مَرَّ مِنْ إضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إلَى صِفَتِهِ وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ فِي ثِيَابٍ مُتَبَذِّلَةٍ وَيُمْكِنُ كَوْنُ الْإِضَافَةِ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهُ تَكْفِي فِي الْإِضَافَةِ أَدْنَى مُلَابَسَةٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ مَرَّ بَعْدُ أَيْ مَا يُلْبَسُ مِنْ الثِّيَابِ فِي وَقْتِ الشُّغْلِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلَا يُلْبَسُ الْجَدِيدُ أَيْ يُطْلَبُ مِنْهُ أَنْ لَا يَلْبَسَهُ فَلَوْ خَالَفَ وَفَعَلَ كَانَ مَكْرُوهًا ع ش (قَوْلُهُ: غَيْرِ جَدِيدَةٍ) صِفَةُ ثِيَابٍ بِذْلَةٍ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الْعَطْفِ عَلَى بِذْلَةٍ.

(قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَدْ يُنْظَرُ فِي إطْلَاقِ ذَلِكَ وَيُتَّجَهُ الْوُجُوبُ بَاطِنًا أَيْضًا إذَا ظَهَرَتْ

الْمَصْلَحَةُ

الْعَامَّةُ فِي ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ وَكَانَ مِمَّا يُحْتَمَلُ عَادَةً.

(قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَكَّةَ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ) وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ شَرْحُ مَرَّ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا زَكَرِيَّا وَعَلَى قِيَاسِهِ يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ ثَمَّ أَيْ فِي الْعِيدِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدَيْنِ لَكِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ اسْتِحْبَابُهَا فِي الصَّحْرَاءِ مُطْلَقًا لِلِاتِّبَاعِ وَلِتَعْلِيلِهِمْ بِأَنَّهُ يَحْضُرُهَا الصِّبْيَانُ وَالْحُيَّضُ وَالْبَهَائِمُ وَالصَّحْرَاءُ بِهِمْ أَلْيَقُ وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ الْغَزِّيِّ وَمَا أَسْنَدَاهُ لِلْأَصْحَابِ إنَّمَا أَخَذَاهُ مِنْ حَيْثُ الْإِطْلَاقُ لَكِنْ إذَا ظَهَرَ لِتَقْيِيدِ الْبَعْضِ وَجْهٌ وَجَبَ الِاتِّبَاعُ لَا سِيَّمَا مَعَ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ وَنَاهِيك بِهِمَا وَهُوَ حَسَنٌ وَعَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ اهـ فَمَعَ ذَلِكَ كَيْفَ يَسُوغُ الْأَخْذُ بِالْإِطْلَاقِ بَلْ يَتَعَيَّنُ الْأَخْذُ بِالتَّقْيِيدِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا إنْ قَلَّ إلَخْ) فِي شَرْحِ الْعُبَابِ ثُمَّ ظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي نَدْبِ الْخُرُوجِ إلَى الصَّحْرَاءِ بَيْنَ كَثْرَةِ الْمُسْتَسْقِينَ وَقِلَّتِهِمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَقَوْلُ الدَّارِمِيِّ إنَّ الْمَسْجِدَ أَفْضَلُ عِنْدَ قِلَّتِهِمْ ضَعِيفٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِمْ إلَى أَنْ قَالَ وَقَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ وَالتَّعْلِيلِ السَّابِقِ أَنَّهُمْ لَوْ قَلُّوا وَلَا يَحْضُرُهَا صِبْيَانٌ وَلَا حُيَّضٌ وَلَا بَهَائِمُ أَنَّهُ يُسَنُّ الْمَسْجِدُ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ خِلَافُهُ لِلِاتِّبَاعِ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ أَشَارَ إلَى مَا قَدَّمْته مِنْ أَنَّ كَلَامَ الدَّارِمِيِّ مَقَالَةٌ اهـ.

(قَوْلُهُ أُلْحِقَ بِعَرَفَةَ) وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْإِمَامَ هُنَا لَمَّا أَمَرَ صَارَ وَاجِبًا ش مَرَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>