للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَفِي ذَاتِهِمْ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَذَلِكَ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ إلَى الِاسْتِسْقَاءِ مُتَبَذِّلًا مُتَوَاضِعًا حَتَّى أَتَى الْمُصَلَّى فَرَقَى الْمِنْبَرَ فَلَمْ يَزَلْ فِي الدُّعَاءِ، وَالتَّضَرُّعِ، وَالتَّكْبِيرِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي الْعِيدَ» وَقَوْلُ الْمُتَوَلِّي لَا بَأْسَ بِخُرُوجِهِمْ حُفَاةً مَكْشُوفَةً رُؤْسُهُمْ اسْتَبْعَدَهُ الشَّاشِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَلَا يُسَنُّ لَهُمْ تَطَيُّبٌ بَلْ تَنَظُّفٌ بِسِوَاكٍ وَغُسْلٌ وَقَطْعُ رِيحٍ كَرِيهٍ وَيَخْرُجُونَ مِنْ طَرِيقٍ وَيَرْجِعُونَ فِي آخِرَ.

(وَيُخْرِجُونَ) نَدْبًا (الصِّبْيَانَ) وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ مُؤْنَةَ حَمْلِهِمْ فِي مَالِ الْوَلِيِّ كَمُؤَنِ حَجِّهِمْ بَلْ أَوْلَى.

(تَنْبِيهٌ)

شَمِلَ الصِّبْيَانُ غَيْرَ الْمُمَيِّزِينَ وَعَلَيْهِ تَخْرُجُ الْمَجَانِينُ الَّذِينَ أُمِنَتْ قَطْعًا ضَرَاوَتُهُمْ وَيُحْتَمَلُ التَّقْيِيدُ بِالْمُمَيِّزِينَ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ إخْرَاجُ أَوْلَادِ الْبَهَائِمِ إشْعَارًا بِأَنَّ الْكُلَّ مُسْتَرْزَقُونَ (وَالشُّيُوخَ) ، وَالْعَجَائِزَ؛ لِأَنَّ دُعَاءَهُمْ أَقْرَبُ لِلْإِجَابَةِ وَفِي خَبَرِ الْبُخَارِيِّ «وَهَلْ تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ إلَّا بِضُعَفَائِكُمْ» وَفِي خَبَرٍ ضَعِيفٍ «لَوْلَا شَبَابٌ خُشَّعٌ وَبَهَائِمُ رُتَّعٌ وَشُيُوخٌ رُكَّعٌ» أَيْ لِكِبَرِ سِنِّهِمْ أَوْ كَثْرَةِ عِبَادَتِهِمْ «وَأَطْفَالٌ رُضَّعٌ لَصُبَّ عَلَيْكُمْ الْعَذَابُ صَبًّا» (وَكَذَا الْبَهَائِمُ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْجَدْبَ قَدْ أَصَابَهَا أَيْضًا وَفِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَنَّ نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ قَالَ جَمْعٌ هُوَ سُلَيْمَانُ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَسْتَسْقِي، فَإِذَا هُوَ بِنَمْلَةٍ رَافِعَةٍ بَعْضَ قَوَائِمِهَا إلَى السَّمَاءِ فَقَالَ ارْجِعُوا فَقَدْ اُسْتُجِيبَ لَكُمْ مِنْ أَجْلِ شَأْنِ النَّمْلَةِ» وَتُعْزَلُ عَنَّا

ــ

[حاشية الشرواني]

فَفِي ذَاتِهِمْ إلَخْ) أَيْ فَلَيْسَ مَتْرُوكًا سم.

(قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْمُتَوَلِّي) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: اسْتَبْعَدَهُ الشَّاشِيُّ إلَخْ) ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَيُسْقِطُ الْمُرُوءَةَ حَيْثُ لَمْ يَلِقْ بِمِثْلِهِ ع ش وَشَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَلَا يُسَنُّ لَهُمْ تَطَيُّبٌ) هَذَا يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ بِبَدَنِهِ رَائِحَةٌ لَا يُزِيلُهَا إلَّا الطِّيبُ الَّذِي تَظْهَرُ رَائِحَتُهُ فِي الْبَدَنِ وَقَدْ يَلْتَزِمُ؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِي نَفْسِهِ يُنَافِي مَا هُوَ مَقْصُودٌ لِلْمُسْتَسْقِينَ مِنْ إظْهَارِ التَّبَذُّلِ وَعَدَمِ التَّرَفُّهِ، وَأَمَّا مَا يَحْصُلُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَذَى بِالرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْهُ بِتَرْكِ التَّطَيُّبِ فَقَدْ يُقَالُ: مِثْلُهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ اللَّائِقَ فِيهِ احْتِمَالُ الْأَذَى فِي جَنْبِ طَلَبِ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ ع ش (قَوْلُهُ: وَيَخْرُجُونَ مِنْ طَرِيقٍ وَيَرْجِعُونَ إلَخْ) أَيْ مُشَاةً فِي ذَهَابِهِمْ إنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِمْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي زَادَ شَيْخُنَا، وَأَمَّا فِي رُجُوعِهِمْ فَالْمَشْيُ مِثْلُ الرُّكُوبِ اهـ.

(قَوْلُهُ: نَدْبًا) وَيُتَّجَهُ الْوُجُوبُ إذَا أَمَرَ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: نَدْبًا) وَيُتَّجَهُ الْوُجُوبُ إذَا أَمَرَ الْإِمَامُ سم قَوْلُ الْمَتْنِ (الصِّبْيَانَ إلَخْ) أَيْ وَالْأَرِقَّاءَ بِإِذْنِ سَادَاتِهِمْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ) قَضِيَّةُ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهَا فِي مَالِ الصِّبْيَانِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجَدْبَ عَمَّهُمْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَكَذَا فِي الْإِيعَابِ وَالْإِمْدَادِ كَمَا فِي الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ وَقَالَ شَيْخُنَا بَعْدَ ذِكْرِ ذَلِكَ الْخِلَافِ وَقَالَ سم إنْ كَانَ الِاسْتِسْقَاءُ لَهُمْ فَهِيَ مِنْ مَالِهِمْ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِمْ فَهِيَ عَلَى أَوْلِيَائِهِمْ اهـ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ هَذَا جَمْعًا بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَنَّ مُؤْنَةَ حَمْلِهِمْ) أَيْ الصِّبْيَانِ وَنَحْوِهِمْ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: كَمُؤَنِ حَجِّهِمْ إلَخْ) قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَصْلَحَةَ الِاسْتِسْقَاءِ ضَرُورِيَّةٌ سم عِبَارَةُ ع ش وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَمَا فِي الْحَجِّ أَنَّ هَذِهِ حَاجَةٌ نَاجِزَةٌ بِخِلَافِ تِلْكَ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا تُخْرَجُ مُؤْنَتُهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ بَعْدَمَا ذَكَرَ وَلَوْ خَرَجَتْ الزَّوْجَةُ لِلِاسْتِسْقَاءِ، فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِ الزَّوْجِ وَهِيَ مَعَهُ فَلَا إشْكَالَ فِي وُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا إشْكَالَ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ أَوْ بِإِذْنِهِ وَهِيَ وَحْدَهَا فَفِيهِ نَظَرٌ وَالْقَلْبُ إلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ أَمْيَلُ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا خَرَجَتْ لِغَرَضِهَا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ قَدْ يَعُودُ عَلَى الزَّوْجِ نَفْعٌ بِوَاسِطَةِ خُرُوجِهَا لَكِنَّهُ لَمْ يَبْعَثْهَا إلَيْهِ وَلَا طَلَبَهُ مِنْهَا، وَأَمَّا مُؤْنَةُ خُرُوجِهَا الزَّائِدَةُ عَلَى نَفَقَةِ التَّخَلُّفِ فَأَوْلَى بِعَدَمِ الْوُجُوبِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ: ضَرَاوَتُهُمْ) أَيْ غَلَبَتُهُمْ وَإِيذَاؤُهُمْ لِلْخَلْقِ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ) أَيْ الشُّمُولَ وَجَزَمَ بِهِ شَيْخُنَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مُسْتَرْزِقُونَ) بِكَسْرِ الزَّايِ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالشُّيُوخَ) أَيْ وَالْخُنْثَى الْقَبِيحَ الْمَنْظَرِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَالْعَجَائِزَ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا يُمْنَعُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَالْعَجَائِزَ) أَيْ غَيْرَ ذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ بِخِلَافِ الشَّوَابِّ مُطْلَقًا وَالْعَجَائِزِ ذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ وَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ حَلِيلِ ذَاتِ الْحَلِيلِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْعِيدِ وَغَيْرِهِ بِرْمَاوِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: «وَهَلْ تُرْزَقُونَ» ) فِي مَعْنَى النَّفْيِ أَيْ لَا تُرْزَقُونَ ع ش (قَوْلُهُ: أَيْ لِكِبَرِ سِنِّهِمْ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالْإِيعَابِ وَالْمُرَادُ بِالرُّكَّعِ مَنْ انْحَنَتْ ظُهُورُهُمْ مِنْ الْكِبَرِ وَقِيلَ مِنْ الْعِبَادَةِ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَكَذَا الْبَهَائِمُ) لَوْ تَرَكُوا الْخُرُوجَ فَهَلْ يُسَنُّ إخْرَاجُ الْبَهَائِمِ وَحْدَهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَطْلُبُ وَيُسْتَجَابُ لَهَا قَدْ يُتَّجَهُ عَدَمُ سَنِّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَهَا إنَّمَا هُوَ بِالتَّبَعِ وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْبَهَائِمِ مَا يَشْمَلُ نَحْوَ الْكِلَابِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الشُّمُولُ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَرْزِقَةٌ أَيْضًا وَعَلَيْهِ فَهَلْ الْعَقُورُ مِنْهَا كَذَلِكَ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ كَذَلِكَ حَيْثُ تَأَخَّرَ قَتْلُهُ لِأَمْرٍ اقْتَضَاهُ كَأَنْ اُضْطُرَّ إلَى أَكْلِهِ وَتَزَوُّدِهِ لِيَأْكُلَهُ طَرِيًّا فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فَإِذَا هُوَ بِنَمْلَةٍ إلَخْ) قَالَ الدَّمِيرِيِّ اسْمُهَا عَيْجَلُونُ اهـ وَبِبَعْضِ الْحَوَاشِي قِيلَ اسْمُهَا حَرَّمَا وَقِيلَ طَافِيَةٌ وَقِيلَ شَاهِدَةٌ وَكَانَتْ عَرْجَاءَ ع ش (قَوْلُهُ: رَافِعَةً بَعْضَ قَوَائِمِهَا) عِبَارَةُ الْمُغْنِي «وَقَعَتْ عَلَى ظَهْرِهَا وَرَفَعَتْ يَدَيْهَا وَقَالَتْ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ: فَفِي ذَاتِهِمْ إلَخْ) أَيْ فَلَيْسَ مَتْرُوكًا.

(قَوْلُهُ نَدْبًا) وَيَتَّجِهُ الْوُجُوبُ إذَا أَمَرَ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: فِي مَالِ الْوَلِيِّ) اقْتَضَى كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهَا فِي مَالِ الصِّبْيَانِ وَهُوَ كَذَلِكَ شَرْحُ مَرَّ (قَوْلُهُ كَمُؤَنِ حَجِّهِمْ) قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَصْلَحَةَ الِاسْتِسْقَاءِ ضَرُورِيَّةٌ (قَوْلُهُ: أَيْ لِكِبَرِ سِنِّهِمْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ أَيْ انْحَنَتْ ظُهُورُهُمْ مِنْ الْكِبَرِ وَقِيلَ مِنْ الْعِبَادَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَكَذَا الْبَهَائِمُ) لَوْ تَرَكُوا الْخُرُوجَ فَهَلْ يُسَنُّ إخْرَاجُ الْبَهَائِمِ وَحْدَهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَطْلُبُ وَيُسْتَجَابُ لَهَا أَخْذًا مِنْ قِصَّةِ النَّمْلَةِ قَدْ يُتَّجَهُ عَدَمُ سَنِّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَهَا إنَّمَا هُوَ بِالتَّبَعِ وَلَا دَلَالَةَ فِي قِصَّةِ النَّمْلَةِ إذْ لَيْسَ فِيهَا أَنَّهُ أَخْرَجَهَا، وَإِنَّمَا فِيهَا الْإِخْبَارُ عَنْ أَمْرٍ وَقَعَ اتِّفَاقًا وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْبَهَائِمِ مَا يَشْمَلُ نَحْوَ الْكِلَابِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الشُّمُولُ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَرْزِقَةٌ أَيْضًا وَعَلَيْهِ فَهَلْ الْعَقُورُ مِنْهَا كَذَلِكَ وَلَا يَبْعُدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>