للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاقْتِضَاءُ الْخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهَا فِي وَقْتِ الْعِيدِ» مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لِلْأَكْمَلِ كَمَا مَرَّ.

(وَيَخْطُبُ كَ) خُطْبَةِ (الْعِيدِ) فِي الْأَرْكَانِ وَالسُّنَنِ دُونَ الشُّرُوطِ، فَإِنَّهَا سُنَّةٌ كَمَا مَرَّ فِي الْكُسُوفِ، وَالْعِيدِ (لَكِنْ) يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ هُنَا عَلَى خُطْبَةٍ وَاحِدَةٍ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ فِي الْكُسُوفِ وَ (يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى بَدَلَ التَّكْبِيرِ) أَوَّلَهُمَا فَيَقُولُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إلَيْهِ تِسْعًا فِي الْأُولَى وَسَبْعًا فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ الْأَلْيَقُ لِوَعْدِ اللَّهِ تَعَالَى بِإِرْسَالِ الْمَطَرِ بَعْدَهُ فِي آيَةِ {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ} [نوح: ١٠] وَمِنْ ثَمَّ سُنَّ إكْثَارُ قِرَاءَتِهَا إلَى قَوْلِهِ {أَنْهَارًا} [نوح: ١٢] وَإِكْثَارُ الِاسْتِغْفَارِ وَخَتَمَ كَلَامَهُ بِهِ وَقِيلَ يُكَبِّرُ كَالْعِيدِ وَانْتَصَرَ لَهُ بِأَنَّهُ قَضِيَّةُ الْخَبَرِ وَكَلَامُ الْأَكْثَرِينَ (وَيَدْعُو فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى) جَهْرًا بِأَدْعِيَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوَارِدَةِ عَنْهُ وَهِيَ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا «اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا» ) أَيْ مَطَرًا «مُغِيثًا» ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ مُنْقِذًا مِنْ الشِّدَّةِ «هَنِيئًا» ) بِالْمَدِّ، وَالْهَمْزِ أَيْ لَا يُنَغِّصُهُ شَيْءٌ أَوْ يُنَمِّي الْحَيَوَانَ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ «مَرِيئًا» ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَبِالْمَدِّ، وَالْهَمْزِ أَيْ مَحْمُودَ الْعَاقِبَةِ فَالْهَنِيءُ النَّافِعُ ظَاهِرًا

وَالْمَرِيءُ النَّافِعُ بَاطِنًا «مُرِيعًا» ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَبِالتَّحْتِيَّةِ أَيْ آتِيًا بِالرِّيعِ وَهُوَ الزِّيَادَةُ مِنْ الْمَرَاعَةِ وَهِيَ الْخِصْبُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَيَجُوزُ هُنَا فَتْحُ الْمِيمِ أَيْ ذَا رِيعٍ أَيْ نَمَاءٍ أَوْ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ أَرْبَعَ الْبَعِيرُ أَكَلَ الرَّبِيعَ أَوْ الْفَوْقِيَّةِ مِنْ رَتَعَتْ الْمَاشِيَةُ أَكَلَتْ مَا شَاءَتْ، وَالْمَقْصُودُ وَاحِدٌ «غَدَقًا» ) أَيْ كَثِيرَ الْمَاءِ، وَالْخَيْرِ أَوْ قَطْرُهُ كِبَارٌ «مُجَلِّلًا» ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ سَاتِرًا لِلْأُفُقِ لِعُمُومِهِ أَوْ لِلْأَرْضِ بِالنَّبَاتِ كَجُلِّ الْفَرَسِ «سَحًّا» ) بِفَتْحٍ فَشَدَّةٍ لِلْمُهْمَلَتَيْنِ أَيْ شَدِيدًا الْوَقْعِ بِالْأَرْضِ مِنْ سَاحَ جَرَى «طَبَقًا» ) بِفَتْحِ أَوَّلَيْهِ أَيْ يُطْبِقُ الْأَرْضَ حَتَّى يَعُمَّهَا «دَائِمًا» ) إلَى انْتِهَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ «اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ الْقَانِطِينَ» ) أَيْ الْآيِسِينَ مِنْ رَحْمَتِك «اللَّهُمَّ إنَّ بِالْعِبَادِ، وَالْبِلَادِ وَالْخَلْقِ مِنْ اللَّأْوَاءِ»

ــ

[حاشية الشرواني]

قَوْلُهُ وَاقْتِضَاءُ الْخَبَرِ) أَيْ الْمَارِّ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ آنِفًا (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ الْأَكْمَلُ) هَلَّا حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ اتِّفَاقِيٌّ سم.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيَخْطُبُ إلَخْ) وَيُنْدَبُ أَنْ يَجْلِسَ أَوَّلَ مَا يَصْعَدُ الْمِنْبَرَ ثُمَّ يَقُومُ وَيَخْطُبُ نِهَايَةٌ أَيْ بِقَدْرِ أَذَانِ الْجُمُعَةِ ع ش (قَوْلُهُ: فِي الْأَرْكَانِ وَالسُّنَنِ دُونَ الشُّرُوطِ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِيهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُمَا وَاحِدٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ هُنَا مَا يُعْتَبَرُ فِي الْعِيدِ مِنْ الْإِسْمَاعِ وَالسَّمَاعِ وَكَوْنِهَا عَرَبِيَّةً عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَارِّ فِيهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ فِي الْأَرْكَانِ وَالسُّنَنِ وَالشُّرُوطِ وَهُوَ أَقْعَدُ مِنْ صَنِيعِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَصْرِيٌّ وَتَكَلَّفَ سم فِي تَأْوِيلِ كَلَامِ الشَّارِحِ فَقَالَ قَوْلُهُ فِي الْأَرْكَانِ وَالسُّنَنِ كَأَنَّ مُرَادَهُ الْأَرْكَانُ وَالسُّنَنُ لِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ لِيَظْهَرَ قَوْلُهُ دُونَ الشُّرُوطِ إلَخْ أَيْ الشُّرُوطِ لِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ اهـ أَيْ كَخُطْبَةِ الْعِيدِ فِي لُزُومِ الْإِتْيَانِ بِأَرْكَانِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَنُدِبَ الْإِتْيَانُ بِسُنَنِهَا وَعَدَمِ لُزُومِ الْإِتْيَانِ بِشُرُوطِهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ، فَإِنَّهَا سُنَّةٌ كَمَا مَرَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا سُنَّةٌ إلَخْ) .

(فَرْعٌ)

نَذَرَ خُطْبَةَ الِاسْتِسْقَاءِ فَالْوَجْهُ انْعِقَادُ النَّذْرِ لِتَيَسُّرِ الِاجْتِمَاعِ هُنَا وَلَوْ مَعَ وَاحِدٍ سم.

(قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ وَسَبَقَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ عِبَارَةُ شَيْخِنَا قَوْلُهُ كَخُطْبَةِ الْعِيدِ أَيْ فَلَا يَكْفِي خُطْبَةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا فِي الْعِيدِ وَقَوْلُهُ فِي الْأَرْكَانِ وَغَيْرِهَا أَيْ إلَّا فِي جَوَازِ تَقْدِيمِهَا هُنَا عَلَى الصَّلَاةِ بِخِلَافِ خُطْبَةِ الْعِيدِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى إلَخْ) وَيُسَنُّ أَنْ يُكْثِرَ دُعَاءَ الْكَرْبِ وَهُوَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ وَأَنْ يُكْثِرَ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِك نَسْتَغِيثُ وَمِنْ رَحْمَتِك نَرْجُو فَلَا تَكِلْنَا إلَى أَنْفُسِنَا طَرْفَةَ عَيْنٍ وَأَصْلِحْ لَنَا شَأْنَنَا كُلَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ وَيُسَنُّ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ وَآيَةَ آخِرِ الْبَقَرَةِ مُغْنِي قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ أَيْ دُعَاءُ الْكَرْبِ فِي الْحَقِيقَةِ ثَنَاءٌ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ دُعَاءً؛ لِأَنَّهُ تَقْدِمَةٌ لِلدُّعَاءِ الَّذِي بَعْدَهُ أَوْ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ الدُّعَاءَ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوَّلَهُمَا) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَقِيلَ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ فَيَقُولُ إلَخْ) أَيْ إذَا أَرَادَ الْأَفْضَلَ وَإِلَّا فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ كَفَى، وَإِنَّمَا اخْتَارَ الشَّارِحِ هَذِهِ الصِّيغَةَ لِمَا وَرَدَ أَنَّ مَنْ قَالَهَا غُفِرَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ فَرَّ مِنْ الزَّحْفِ شَيْخُنَا وَفِي النِّهَايَةِ مَا يُوَافِقُهُ قَالَ ع ش قَوْلُهُ مَرَّ مَنْ قَالَهَا غُفِرَ لَهُ إلَخْ وَلَا تَخْتَصُّ تِلْكَ بِكَوْنِهَا فِي الْخُطْبَةِ وَبِكَوْنِهَا تِسْعًا مَثَلًا اهـ.

(قَوْلُهُ: جَهْرًا) كَذَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: أَسْقِنَا) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ مِنْ أَسْقَى وَوَصْلِهَا مَنْ سَقَى مُغْنِي وَع ش (قَوْلُهُ: أَيْ مُنْقِذًا إلَخْ) أَيْ بِإِرْوَائِهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: بِضَمِّ أَوَّلِهِ) أَيْ وَكَسْرِ ثَانِيهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُوَحَّدَةِ) عَطْفٌ عَلَى التَّحْتِيَّةِ قَوْلُ الْمَتْنِ (غَدَقًا) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَدَالٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَطْرُهُ كِبَارٌ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَقِيلَ الَّذِي قَطْرُهُ كِبَارٌ اهـ.

(قَوْلُهُ بِكَسْرِ اللَّامِ) أَيْ وَفَتْحِ الْجِيمِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَيْ سَاتِرًا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي يُجَلِّلُ الْأَرْضَ أَيْ يَعُمُّهَا كَجُلِّ الْفَرَسِ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي يُجَلِّلُ الْأَرْضَ بِالنَّبَاتِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِلْمُهْمَلَتَيْنِ) صَوَابُهُ لِلِّحَاءِ الْمُهْمَلَةِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ مِنْ سَاحَ إلَخْ) فِيهِ تَأَمُّلٌ عِبَارَةُ الْمُغْنِي يُقَالُ سَحَّ الْمَاءُ يَسِحُّ إذَا سَالَ مِنْ فَوْقٍ إلَى أَسْفَلَ وَسَاحَ يَسِيحُ إذَا جَرَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْ يُطْبِقُ الْأَرْضَ) مِنْ الْإِطْبَاقِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ أَوْ التَّطْبِيقِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ ع ش (قَوْلُهُ: حَتَّى يَعُمَّهَا) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ أَيْ يَسْتَوْعِبَهَا فَيَصِيرُ كَالطَّبَقِ عَلَيْهَا اهـ زَادَ الْمُغْنِي يُقَالُ هَذَا مُطَابِقٌ لِهَذَا أَيْ مُسَاوٍ لَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: إلَى انْتِهَاءِ الْحَاجَةِ إلَخْ) إنَّمَا فَسَّرَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ الدَّوَامَ الْحَقِيقِيَّ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْهَلَاكِ بِالْغَرَقِ وَنَحْوِهِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَيْ الْآيِسِينَ إلَخْ) أَيْ بِتَأْخِيرِ الْمَطَرِ نِهَايَةٌ زَادَ شَيْخُنَا وَالْقُنُوطُ مِنْ الْكَبَائِرِ اهـ.

(قَوْلُهُ: «إنَّ بِالْعِبَادِ» ) أَيْ مَا عَدَا الْمَلَائِكَةَ (وَقَوْلُهُ: «وَالْبِلَادِ» )

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

الدَّلِيلُ عَلَى اعْتِبَارِهِ وَلَا عَلَى إلْغَائِهِ

(قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ الْأَكْمَلُ) هَلَّا حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ اتِّفَاقِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فِي الْأَرْكَانِ وَالسُّنَنِ) كَانَ مُرَادُهُ الْأَرْكَانَ وَالسُّنَنَ لِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ لِيَظْهَرَ قَوْلُهُ دُونَ الشُّرُوطِ إلَخْ أَيْ الشُّرُوطِ لِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ.

(فَرْعٌ) نَذَرَ خُطْبَةَ الِاسْتِسْقَاءِ فَالْوَجْهُ انْعِقَادُ النَّذْرِ أَمَّا عَلَى انْعِقَادِ نَذْرِ النِّكَاحِ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا عَلَى عَدَمِ انْعِقَادِهِ فَلِظُهُورِ الْفَرْقِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ غَيْرَهُ مُوَافَقَتُهُ وَالْحُضُورُ مَعَهُ لَكِنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إسْمَاعِهَا مَنْ لَمْ يُرِدْ السَّمَاعَ وَهِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>