للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيمَا يَظْهَرُ فِي الْوَقْتِ عِنْدَ ضِيقِهِ وَتُوُعِّدَ عَلَى إخْرَاجِهَا عَنْهُ فَامْتَنَعَ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُعَانِدٌ لِلشَّرْعِ عِنَادًا يَقْتَضِي مِثْلُهُ الْقَتْلَ فَهُوَ لَيْسَ لِحَاضِرَةٍ فَقَطْ وَلَا لِفَائِتَةٍ فَقَطْ بَلْ لِمَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ الْأَمْرِ وَالْإِخْرَاجِ مَعَ التَّصْمِيمِ وَخَرَجَ بِكَسَلًا مَا لَوْ تَرَكَهَا لِعُذْرٍ وَلَوْ فَاسِدًا كَمَا يَأْتِي وَذَلِكَ كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي وُجُوبِهَا عَلَيْهِ

وَيَلْحَقُ بِهِ كُلُّ تَارِكٍ لِصَلَاةٍ يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا، وَإِنْ لَزِمَتْهُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ إيجَابَ قَضَائِهَا شُبْهَةٌ فِي تَرْكِهَا، وَإِنْ ضَعُفَتْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ إجْمَاعًا لَا أُصَلِّيهَا إلَّا ظُهْرًا، فَإِنَّ الْأَصَحَّ قَتْلُهُ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ شَاذٌّ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَيُقْتَلُ أَيْضًا بِكُلِّ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ لَهَا أُجْمِعَ عَلَى رُكْنِيَّتِهِ أَوْ شَرْطِيَّتِهِ كَالْوُضُوءِ أَوْ كَانَ الْخِلَافُ فِيهِ وَاهِيًا جِدًّا دُونَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ قَالَ شَارِحٌ

ــ

[حاشية الشرواني]

هَلْ يَتَوَقَّفُ اسْتِحْقَاقُ الْقَتْلِ بَعْدَ الْوَقْتِ عَلَى الْجَمْعِ فِيهِ بَيْنَ الْأَمْرِ وَالتَّهْدِيدِ أَوْ يَكْفِي الْأَمْرُ مِنْ غَيْرِ تَهْدِيدٍ اهـ أَقُولُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْأَوَّلُ وَقَدْ يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الْبِرْمَاوِيِّ وَخَرَجَ بِالتَّوَعُّدِ الْمَذْكُورِ مَا تَرَكَهُ قَبْلَهُ وَلَوْ غَالِبَ عُمُرِهِ فَلَا قَتْلَ بِهِ اهـ وَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُ كَلَامُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ

(قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) يُوَجَّهُ بِأَنَّ الْقَتْلَ لَمَّا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالْإِمَامِ وَنَائِبِهِ اُعْتُبِرَ صُدُورُ مُقَدِّمَتِهِ عَنْ أَحَدِهِمَا سم (قَوْلُهُ: عِنْدَ ضِيقِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ عِنْدَ سَعَةِ الْوَقْتِ، فَإِذَا وَقَعَ حِينَئِذٍ لَا الْتِفَاتَ إلَيْهِ فَلْيُحَرَّرْ حَلَبِيٌّ وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ تَكْفِي الْمُطَالَبَةُ وَلَوْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا الْحِفْنِيُّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: فَامْتَنَعَ) أَيْ لَمْ يَفْعَلْ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ التَّارِكُ لِعُذْرٍ (قَوْلُهُ: كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ إلَخْ) فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ تَرَكَ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا أَوْ مَسَّ شَافِعِيٌّ الذَّكَرَ أَوْ لَمَسَ الْمَرْأَةَ أَوْ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَنْوِ وَصَلَّى مُتَعَمِّدًا لَا يُقْتَلُ؛ لِأَنَّ جَوَازَ صَلَاتِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ مُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بَحْثًا بِمَا إذَا قَلَّدَ الْقَائِلَ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ قَتْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الْأَخْذُ بِالْإِطْلَاقِ اهـ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّقْلِيدِ وَعَدَمِهِ فِي أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ ع ش (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي وُجُوبِهَا عَلَيْهِ) أَيْ فَكَانَ جَرَيَانُ الْخِلَافِ شُبْهَةً فِي حَقِّهِ مَانِعَةً مِنْ قَتْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يُقَلِّدْ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِهِ) أَيْ بِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ التَّارِكُ لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَزِمَتْهُ) أَيْ تِلْكَ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيُقْتَلُ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ وَلَوْ قَالَ أُصَلِّيهَا ظُهْرًا كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الشَّاشِيِّ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ: إنَّهُ الْأَقْوَى لِتَرْكِهَا بِلَا قَضَاءٍ إذْ الظُّهْرُ لَيْسَ قَضَاءً عَنْهَا خِلَافًا لِمَا فِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ مِنْ عَدَمِ الْقَتْلِ وَيُقْتَلُ بِخُرُوجِ وَقْتِهَا بِحَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ فِعْلِهَا إنْ لَمْ يَتُبْ، فَإِنْ تَابَ لَمْ يُقْتَلُ وَتَوْبَتُهُ أَنْ يَقُولَ لَا أَتْرُكُهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَسَلًا وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيمَنْ تَلْزَمُهُ إجْمَاعًا، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ: لَا جُمُعَةَ إلَّا عَلَى أَهْلِ مِصْرٍ جَامِعٍ اهـ وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ خِلَافًا إلَى وَيُقْتَلُ وَقَوْلَهُ وَتَوْبَتُهُ إلَى وَمَحَلُّ الْخِلَافِ قَالَ ع ش قَوْلُهُ مَرَّ إذْ الظُّهْرُ لَيْسَ إلَخْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ هُدِّدَ عَلَيْهَا فِي وَقْتِهَا وَلَمْ يَفْعَلْهَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ ثُمَّ تَابَ وَقَالَ أُصَلِّي الْجُمُعَةَ الْقَابِلَةَ لَكِنَّهُ لَمْ يُصَلِّ ظُهْرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يُقْتَلْ بِتَرْكِهِ لِكَوْنِهِ لَا يُقْتَلُ بِتَرْكِ الْقَضَاءِ لَكِنْ فِي فَتَاوَى الشَّارِحِ مَرَّ أَنَّهُ يُقْتَلُ حَيْثُ امْتَنَعَ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَأَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْقَتْلِ بِالْقَضَاءِ إذَا لَمْ يُهَدَّدْ بِهِ أَوْ بِأَصْلِهِ كَمَا هُنَا اهـ وَتَقَدَّمَ عَنْ الْمُغْنِي وَيَأْتِي عَنْ سم عَنْ النَّاشِرِيِّ مَا هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي خِلَافِ مَا نَقَلَهُ عَنْ فَتَاوَى الرَّمْلِيِّ (قَوْلُهُ إجْمَاعًا) أَيْ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ فَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْجُمُعَةُ وَتَرَكَ فِعْلَهَا لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالسَّابِقِ فَهَلْ يُقْتَلُ لِتَرْكِهِ لَهَا مَعَ الْقُدْرَةِ أَوْ لَا لِعُذْرِهِ بِالشَّكِّ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ ع ش (قَوْلُهُ: وَيُقْتَلُ) أَيْ حَدًّا (أَيْضًا) أَيْ كَتَارِكِ الصَّلَاةِ كَسَلًا (بِكُلِّ رُكْنٍ إلَخْ) أَيْ بِتَرْكِهِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ (قَوْلُهُ: دُونَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ لِلْمَالِكِيَّةِ قَوْلًا مَشْهُورًا قَوِيًّا أَنَّ إزَالَتَهَا سُنَّةٌ لِلصَّلَاةِ لَا وَاجِبَةٌ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

فِيمَا يَظْهَرُ) خَالَفَ فِي ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَقَالَ ثُمَّ ظَاهِرُ بِنَائِهِ كَغَيْرِهِ الْفِعْلَيْنِ أَعْنِي أُمِرَ وَهُدِّدَ لِلْمَفْعُولِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ صُدُورِهِمَا عَنْ الْإِمَامِ أَوْ الْآحَادِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ تَعَمَّدْت التَّأْخِيرَ عَنْ الْوَقْتِ بِلَا عُذْرٍ قُتِلَ سَوَاءٌ قَالَ لَا أُصَلِّيهَا أَمْ سَكَتَ فَحِينَئِذٍ الْأَمْرُ وَالتَّهْدِيدُ لَيْسَا شَرْطَيْنِ لِلْقَتْلِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ يُوجَدُ مَعَ عَدَمِهِمَا، وَإِنَّمَا فَائِدَتُهُمَا عِلْمُ تَعَمُّدِ تَأْخِيرِهِ بِلَا عُذْرٍ إلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ رَأَيْت مَا يُؤَيِّدُ بَعْضَ مَا قَدَّمْته وَهُوَ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ رَدًّا عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ تَقَدُّمَ الطَّلَبِ شَرْطٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْقَتْلِ بِلَا خِلَافٍ بَلْ مَتَى اعْتَرَفَ بِتَعَمُّدِ إخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِهَا اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا الْمُطَالَبَةَ لِلِاطِّلَاعِ عَلَى مُرَادِهِ بِتَأْخِيرِهَا أَوْ لِتَعْرِيفِهِ مَشْرُوعِيَّةَ الْقَتْلِ، فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَعْرِفُهُ اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَنْ اعْتَرَفَ بِتَعَمُّدِ التَّأْخِيرِ قُتِلَ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَمْرٌ وَتَهْدِيدٌ فِي الْوَقْتِ لَكِنَّهُ خَالَفَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَقَالَ وَمَتَى قَالَ تَعَمَّدْت تَرْكَهَا بِلَا عُذْرٍ قُتِلَ سَوَاءٌ قَالَ لَا أُصَلِّيهَا أَمْ سَكَتَ أَيْ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِتَحَقُّقِ جِنَايَتِهِ بِتَعَمُّدِ تَأْخِيرِهِ أَيْ مَعَ الطَّلَبِ فِي الْوَقْتِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ اهـ

وَقَوْلُهُ أَيْ مَعَ الطَّلَبِ إلَخْ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَجْمُوعِ وَالْمُغْنَيْ كَمَا لَا يَخْفَى وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَإِنْ قَالَ تَعَمَّدْت تَرْكَهَا بِلَا عُذْرٍ قُتِلَ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ وَلَا أُصَلِّيهَا اهـ وَانْظُرْ هَلْ يَتَوَقَّفُ اسْتِحْقَاقُ الْقَتْلِ بَعْدَ الْوَقْتِ عَلَى الْجَمْعِ فِيهِ بَيْنَ الْأَمْرِ وَالتَّهْدِيدِ أَوْ يَكْفِي الْأَمْرُ مِنْ غَيْرِ تَهْدِيدٍ (قَوْلُهُ: إجْمَاعًا) احْتِرَازٌ عَمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ كَذَلِكَ كَأَهْلِ الْقَرْيَةِ لَا تَلْزَمُهُمْ الْجُمُعَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: دُونَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ لِلْمَالِكِيَّةِ قَوْلًا مَشْهُورًا قَوِيًّا إنَّ إزَالَتَهَا سُنَّةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>