للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَا مَا اعْتَقَدَ التَّارِكُ شَرْطِيَّتَهُ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ تَرْكٌ لَهَا وَلَك رَدُّهُ بِأَنَّهُ تَرْكٌ لَهَا عِنْدَنَا لَا إجْمَاعًا أَلَا تَرَى إلَى مَا مَرَّ فِي فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِتَرْكِهَا، وَإِنْ اعْتَقَدَ وُجُوبَهَا رِعَايَةً لِمَنْ لَمْ يُوجِبْهَا فَكَذَا هُنَا فَالْوَجْهُ خِلَافُ مَا قَالَ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ قَتْلَهُ بِتَرْكِ تَعَلُّمِهَا بِأَرْكَانِهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَرْكُ تَعَلُّمِ كَيْفِيَّتِهَا مِنْ أَصْلِهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ تَرْكٌ لَهَا لِاسْتِحَالَةِ وُجُودِهَا مِنْ جَاهِلٍ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَنْ عَلِمَ كَيْفِيَّتَهَا وَلَمْ يُمَيِّزْ الْفَرْضَ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يُسَامَحُ فِي عَدَمِ هَذَا التَّمْيِيزِ، وَإِنَّمَا يُقْتَلُ بِذَلِكَ حَدًّا لَا كُفْرًا لِمَا فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ أَنَّ تَارِكَهَا تَحْتَ الْمَشِيئَةِ إنْ شَاءَ تَعَالَى عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ، وَالْكَافِرُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَخَبَرُ مُسْلِمٍ «بَيْنَ الْعَبْدِ، وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ.

(، وَالصَّحِيحُ قَتْلُهُ بِصَلَاةٍ فَقَطْ) لِعُمُومِ الْخَبَرِ السَّابِقِ (بِشَرْطِ إخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ) أَيْ الْجُمَعِ

ــ

[حاشية الشرواني]

شَرْحُ الْعُبَابِ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَكَذَا إلَخْ) أَيْ كَالشَّرْطِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ شَرْطٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ اعْتَقَدَ التَّارِكُ شَرْطِيَّتَهُ فَيُقْتَلُ بِهِ (قَوْلُهُ: بِتَرْكِهَا) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ أَيْ بِتَرْكِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ الصَّلَاةَ.

(قَوْلُهُ: فَالْوَجْهُ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ كَمَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ: خِلَافُ ذَلِكَ) أَيْ فَلَا يُقْتَلُ، وَإِنْ اعْتَقَدَ شَرْطِيَّةَ الْمَتْرُوكِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ (قَوْلُهُ: قَتْلَهُ) أَيْ الْمُكَلَّفِ (قَوْلُهُ: بِتَرْكِ تَعَلُّمِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ) أَيْ الْبَحْثِ (أَنَّهُ) أَيْ التَّارِكَ الْمَذْكُورَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُسَامَحُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ هَذَا فِي الْعَامِّيِّ إذْ الْعَالِمُ لَا يُسَامَحُ فِي ذَلِكَ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ وَلَعَلَّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِلَافٌ وَلَوْ وَاهِيًا فَلْيُرَاجَعْ سم وَقَوْلُهُ: إذْ الْعَالِمُ إلَخْ يَرُدُّهُ مَا مَرَّ فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّ الْعَامِّيَّ أَوْ الْعَالِمَ عَلَى الْأَوْجَهِ إذَا اعْتَقَدَ أَنَّ مَا فِي الصَّلَاةِ بَعْضُهَا فَرْضٌ وَبَعْضُهَا سُنَّةٌ صَحَّتْ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِفَرْضٍ مُعَيَّنٍ النَّفْلِيَّةَ (قَوْلُهُ: لَا كُفْرًا) إلَى قَوْلِهِ: فَإِنْ قُلْت فِي الْمُغْنِي وَإِلَى الْكِتَابِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلِهِ عَلَى نَدْبِ الِاسْتِتَابَةِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ (قَوْلُهُ: «بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْكُفْرِ» ) أَيْ بَيْنَ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَبَيْنَ اتِّصَافِهِ بِالْكُفْرِ اهـ كُرْدِيٌّ عَنْ الْهَاتِفِيِّ عَنْ شَرْحِ الْمِشْكَاةِ لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ: «وَالْكُفْرِ» ) وَاَلَّذِي فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَشَرْحِ بَافَضْلٍ «وَبَيْنَ الْكُفْرِ» اهـ وَلَعَلَّ الرِّوَايَةَ مُخْتَلِفَةٌ (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ) أَيْ أَوْ عَلَى التَّغْلِيظِ أَوْ الْمُرَادُ بَيْنَ مَا يُوجِبُهُ الْكُفْرُ مِنْ وُجُوبِ الْقَتْلِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالصَّحِيحُ قَتْلُهُ إلَخْ) أَيْ وُجُوبًا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَوْلُ الْمَتْنِ (بِشَرْطِ إخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَتْلِ، وَأَمَّا الْأَمْرُ وَالتَّهْدِيدُ فَيُشْتَرَطُ وُقُوعُهُمَا فِي الْوَقْتِ الْحَقِيقِيِّ عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَظَاهِرٌ أَنَّ اعْتِبَارَ هَذَا إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَتْلِ، وَأَمَّا الْأَمْرُ وَالتَّهْدِيدُ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْوَقْتُ الْحَقِيقِيُّ فَقَطْ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعَتَيْنِ إلَّا بِمُضِيِّ وَقْتِ الضَّرُورَةِ انْتَهَتْ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ انْتَفَى الْأَمْرُ وَالتَّهْدِيدُ فِي الْوَقْتِ الْحَقِيقِيِّ لَمْ يُقْتَلْ، وَإِنْ وُجِدَا بَعْدَهُ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ.

(تَنْبِيهٌ)

هَلْ يُشْتَرَطُ فِي التَّوَعُّدِ فِي الْوَقْتِ الْحَقِيقِيِّ أَنْ يَبْقَى مِنْهُ مَا يَسَعُ جَمِيعَهَا أَوْ يَكْفِي أَنْ يَبْقَى مَا يَسَعُهَا أَدَاءً بِأَنْ وَسِعَ رَكْعَةً فِيهِ نَظَرٌ وَالثَّانِي غَيْرُ بَعِيدٍ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَتَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ أَنَّ أَصَحَّ الْوَجْهَيْنِ أَنْ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ زَمَنٌ يَسَعُ مِقْدَارَ الْفَرِيضَةِ أَيْ تَامَّةً

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

لِلصَّلَاةِ لَا وَاجِبَةٌ شَرْحُ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: وَلَك رَدُّهُ إلَى أَلَا تَرَى إلَخْ) هَذَا يَرُدُّ مَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ مِنْ تَقْيِيدِ مَا نَقَلَهُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ حَيْثُ قَالَ نَعَمْ الْأَوْجَهُ أَنَّ مَا فِيهِ خِلَافٌ قَوِيٌّ لَا يُقْتَلُ بِتَرْكِهِ فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ تَرَكَ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا أَوْ مَسَّ شَافِعِيٌّ الذَّكَرَ أَوْ لَمَسَ الْمَرْأَةَ أَوْ تَرَكَ نِيَّةَ الْوُضُوءِ وَصَلَّى مُتَعَمِّدًا لَمْ يَقْتُلْ؛ لِأَنَّ جَوَازَ صَلَاتِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا قَلَّدَ الْقَائِلَ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا قَائِلَ بِجَوَازِ صَلَاتِهِ بِذَلِكَ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ يُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ تَارِكٌ لَهَا عِنْدَ إمَامِهِ وَغَيْرِهِ إلَخْ اهـ فَقَوْلُهُ هُنَا وَلَك رَدُّهُ إلَخْ يَرُدُّ قَوْلَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ إلَخْ وَهُوَ حَقِيقٌ بِالرَّدِّ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا كَانَ هُنَاكَ خِلَافٌ قَوِيٌّ كَانَ شُبْهَةً دَافِعَةً لِلْقَتْلِ إذَا لَمْ يُقَلِّدْ، وَأَمَّا إذَا قَلَّدَ فَلَا يَتَخَيَّلُ أَحَدٌ أَنَّهُ يُقْتَلُ وَلَا يَحْتَاجُ عَدَمُ قَتْلِهِ إلَى بَيَانٍ بَلْ وَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْيِيدِ الْخِلَافِ بِالْقُوَّةِ بَلْ حَيْثُ صَحَّ التَّقْلِيدُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْهُ وَاحْذَرْ مَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُسَامَحُ فِي عَدَمِ هَذَا التَّمْيِيزِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ هَذَا فِي الْعَامِّيِّ إذْ الْعَالِمُ لَا يُسَامَحُ فِي ذَلِكَ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ وَلَعَلَّ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِلَافٌ وَلَوْ وَاهِيًا فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ إخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ) لَا يَخْفَى مِنْ صَنِيعِهِمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَتْلِ، وَأَمَّا الْأَمْرُ وَالتَّهْدِيدُ فَيُشْتَرَطُ وُقُوعُهُمَا فِي الْوَقْتِ الْحَقِيقِيِّ ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَقَالَ وَظَاهِرٌ أَنَّ اعْتِبَارَ هَذَا إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَتْلِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَأَمَّا الْأَمْرُ وَالتَّهْدِيدُ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْوَقْتُ الْحَقِيقِيُّ فَقَطْ، فَإِنَّ فَائِدَةَ هَذَيْنِ تُعْلَمُ بِمُجَرَّدِ الْإِخْرَاجِ عَنْ الْوَقْتِ الْحَقِيقِيِّ، وَأَمَّا الْقَتْلُ فَيَقْتَضِي الِاحْتِيَاطَ بِالتَّأْخِيرِ إلَى مَا لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ وَقْتًا لِلْأَدَاءِ فِي حَالَةٍ مِنْ الْأَحْوَالِ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعَتَيْنِ إلَّا بِمُضِيِّ وَقْتِ الضَّرُورَةِ اهـ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ انْتَفَى الْأَمْرُ وَالتَّهْدِيدُ فِي الْوَقْتِ الْحَقِيقِيِّ لَمْ يُقْتَلْ، وَإِنْ وُجِدَا بَعْدَهُ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ.

(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ إخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَتْلِ، وَأَمَّا الْأَمْرُ وَالتَّهْدِيدُ فَيُشْتَرَطُ وُقُوعُهُمَا فِي الْوَقْتِ الْأَصْلِيِّ كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ نَعَمْ لَوْ أَخَّرَ الْمُسَافِرُ الظُّهْرَ بِقَصْدِ جَمْعِهَا مَعَ الْعَصْرِ فَلَمَّا دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ أَرَادَ تَرْكَهَا فَهَلْ يَكْفِي أَمْرُهُ وَتَهْدِيدُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ فِيهِ نَظَرٌ.

(تَنْبِيهٌ) هَلْ يُشْتَرَطُ فِي التَّوَعُّدِ فِي الْوَقْتِ الْحَقِيقِيِّ أَنْ يَبْقَى مِنْهُ مَا يَسَعُ جَمِيعَهَا حَتَّى لَا يَكْفِيَ التَّوَعُّدُ إذَا بَقِيَ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ وَسِعَ الْأَدَاءَ بِأَنْ وَسِعَ رَكْعَةً أَوْ يَكْفِيَ أَنْ يَبْقَى مَا يَسَعُهَا أَدَاءً فِيهِ نَظَرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>