للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا يُقْتَلُ بِالظُّهْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَلَا بِالْمَغْرِبِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ وَيُقْتَلُ بِالصُّبْحِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَيْنِ قَدْ يَتَّحِدَانِ فَكَانَ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْقَتْلِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ ذَكَرَ عُذْرًا لِلتَّأْخِيرِ لَمْ يُقْتَلْ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا كَمَا لَوْ قَالَ صَلَّيْت، وَإِنْ ظُنَّ كَذِبُهُ.

وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِوَقْتِ الضَّرُورَةِ فِي الْجُمُعَةِ ضِيقُ وَقْتِهَا عَنْ أَقَلِّ مُمْكِنٍ مِنْ الْخُطْبَةِ، وَالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ لَيْسَ وَقْتًا لَهَا فِي حَالَّةٍ بِخِلَافِ الظُّهْرِ، فَإِنْ قُلْت: يَنْبَغِي قَتْلُهُ عَقِبَ سَلَامِ الْإِمَامِ مِنْهَا قُلْت شُبْهَةُ احْتِمَالِ تَبَيُّنِ فَسَادِهَا وَإِعَادَتِهَا فَيُدْرِكُهَا أَوْجَبَتْ التَّأْخِيرَ لِلْيَأْسِ مِنْهَا بِكُلِّ تَقْدِيرٍ وَهُوَ مَا مَرَّ (وَيُسْتَتَابُ) فَوْرًا نَدْبًا كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَفَارَقَ الْوُجُوبُ فِي الْمُرْتَدِّ وَمِنْهُ الْجَاحِدُ السَّابِقُ بِأَنَّ تَرْكَ اسْتِتَابَتِهِ يُوجِبُ تَخْلِيدَهُ فِي النَّارِ إجْمَاعًا بِخِلَافِ هَذَا

ــ

[حاشية الشرواني]

وَالطَّهَارَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيُقْتَلُ بِالصُّبْحِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ) أَيْ وَفِي الْعَصْرِ بِغُرُوبِهَا وَفِي الْعِشَاءِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فَيُطَالَبُ بِأَدَائِهَا إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا وَيُتَوَعَّدُ بِالْقَتْلِ إنْ أَخْرَجَهَا عَنْ الْوَقْتِ، فَإِنْ أَصَرَّ وَأَخْرَجَ اسْتَوْجَبَ الْقَتْلَ مُغْنِي وَشَرْحٍ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْوَقْتَيْنِ إلَخْ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلُ وَيُقْتَلُ بِالصُّبْحِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) أَيْ مِنْ أَجْلِ دَرْءِ الْقَتْلِ بِتِلْكَ الشُّبْهَةِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي فِي شَرْحِ ثُمَّ يُضْرَبُ عُنُقُهُ إلَخْ، فَإِنْ أَبْدَى عُذْرًا كَنِسْيَانٍ أَوْ بَرْدٍ أَوْ عَدَمِ مَاءٍ أَوْ نَجَاسَةٍ عَلَيْهِ صَحِيحَةً كَانَتْ الْأَعْذَارُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَمْ بَاطِلَةً كَمَا لَوْ قَالَ صَلَّيْت وَظَنَنَّا كَذِبَهُ لَمْ نَقْتُلْهُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ تَعَمُّدِ تَأْخِيرِهَا عَنْ وَقْتِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ نَعَمْ نَأْمُرُهُ بِهَا بَعْدَ ذِكْرِ الْعُذْرِ وُجُوبًا فِي الْعُذْرِ الْبَاطِلِ وَنَدْبًا فِي الصَّحِيحِ بِأَنْ نَقُولَ لَهُ صَلِّ، فَإِنْ امْتَنَعَ لَمْ يُقْتَلْ لِذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ تَعَمَّدْت تَرْكَهَا بِلَا عُذْرٍ قُتِلَ سَوَاءٌ أَقَالَ لَا أُصَلِّيهَا أَمْ سَكَتَ لِتَحَقُّقِ جِنَايَتِهِ بِتَعَمُّدِ التَّأْخِيرِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ بِتَعَمُّدِ التَّأْخِيرِ قَالَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُمِرَ بِهَا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ وَجَوَّزَ مَرَّ أَنْ يُقَيَّدَ هَذَا بِمَا إذَا كَانَ قَدْ أُمِرَ وَفِيهِ نَظَرٌ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا جَزَمَ بِهَذَا التَّقْيِيدِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ انْتَهَى وَالْأَقْرَبُ مَا قَيَّدَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ اهـ أَقُولُ صَنِيعُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي كَالصَّرِيحِ فِي التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ذَكَرَ عُذْرًا إلَخْ) أَيْ حِينَ إرَادَةِ قَتْلِهِ شَرْحُ بَافَضْلٍ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ ظُنَّ كَذِبُهُ) يَخْرُجُ مَا لَوْ عُلِمَ كَذِبُهُ سم وَعِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ، فَإِنْ قُطِعَ بِكَذِبِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ لِاحْتِمَالِ طُرُوُّ حَالَةٍ عَلَيْهِ تُجَوِّزُ لَهُ الصَّلَاةَ بِالْإِيمَاءِ اهـ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُقْتَلُ إذَا قَالَ صَلَّيْت عَلَى الْمُعْتَادِ وَقُطِعَ بِكَذِبِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَأَفْتَى الشَّيْخُ بِأَنَّهُ يُقْتَلُ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ إجْمَاعًا بِهَا حَيْثُ أُمِرَ بِهَا وَامْتَنَعَ مِنْهَا أَوْ قَالَ أُصَلِّيهَا ظُهْرًا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ عَنْ خُطْبَتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُ الظُّهْرِ أَيْ عَنْ أَقَلِّ مُمْكِنٍ مِنْ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ لَيْسَ وَقْتًا لَهَا فِي حَالَّةٍ بِخِلَافِ الظُّهْرِ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْجَبَتْ التَّأْخِيرُ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ أَيِسْنَا مِنْ ذَلِكَ الِاحْتِمَالِ عَادَةً حَقْنًا لِلدَّمِ مَا أَمْكَنَ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (: وَيُسْتَتَابُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ صَلِّ وَإِلَّا قَتَلْنَاك انْتَهَى فَأَشَارَ إلَى أَنَّ تَوْبَتَهُ فِعْلُ تِلْكَ الصَّلَاةِ الْمَتْرُوكَةِ أَيْ قَضَاؤُهَا وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي الْجُمُعَةِ إذْ لَا يَتَأَتَّى قَضَاؤُهَا فَالْوَجْهُ أَنَّ التَّوْبَةَ فِيهَا هِيَ التَّوْبَةُ الْمَعْرُوفَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الشَّهَادَاتِ ثُمَّ رَأَيْت النَّاشِرِيَّ قَالَ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ إلَّا بِالتَّوْبَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا قَضَاءَ لَهَا انْتَهَى اهـ سم وَتَقَدَّمَ عَنْ الْمُغْنِي أَنَّ تَوْبَتَهُ أَنْ يَقُولَ لَا أَتْرُكُهَا أَيْ الْجُمُعَةَ بَعْدَ ذَلِكَ كَسَلًا اهـ.

(قَوْلُهُ: فَوْرًا) إلَى الْكِتَابِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ عَلَى نَدْبِ الِاسْتِتَابَةِ (قَوْلُهُ: نَدْبًا إلَخْ) قَالَ الْأُسْتَاذُ الْبِكْرِيُّ فِي الْكَنْزِ وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَسْوَأَ حَالًا مِنْ الْمُرْتَدِّ وَقِيلَ نَدْبًا انْتَهَى وَالْوُجُوبُ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمَجْمُوعِ كَمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَجْهَ هُوَ وُجُوبُ الِاسْتِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ وَالْآحَادِ وَيَنْبَغِي حَمْلُ الْقَوْلِ بِنَدْبِهَا عَلَى أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ جَوَازُ الْقَتْلِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ جَوَازُ الْقَتْلِ عَلَيْهَا فَلَا يُنَافِي وُجُوبَهَا مِنْ حَيْثُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ فَلْيُتَأَمَّلْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ لَا يَنْبَغِي الْخُرُوجُ عَنْهُ سم.

(قَوْلُهُ: تُوجِبُ تَخْلِيدَهُ فِي النَّارِ) أَيْ فَوَجَبَتْ الِاسْتِتَابَةُ رَجَاءَ نَجَاتِهِ مِنْ ذَلِكَ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ هَذَا) أَيْ بِخِلَافِ تَارِكِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ عُقُوبَتَهُ أَخَفُّ لِكَوْنِهِ يُقْتَلُ حَدًّا بَلْ مُقْتَضَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

وَالثَّانِي غَيْرُ بَعِيدٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْتَلُ بِالظُّهْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَكْفِي ضِيقُ وَقْتِ الضَّرُورَةِ عَقِبَهَا وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي آنِفًا فِي الْجُمُعَةِ خِلَافُهُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ ظُنَّ كَذِبُهُ) يَخْرُجُ مَا لَوْ عُلِمَ كَذِبُهُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِوَقْتِ الضَّرُورَةِ فِي الْجُمُعَةِ إلَخْ) فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِالْجُمُعَةِ إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا عَنْهَا وَعَنْ الْخُطْبَةِ وَسِيَاقُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ التَّأْخِيرِ عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ وَقْتَ الضَّرُورَةِ فِيهَا وَقَدْ اعْتَبَرَ الْمَتْنُ الْإِخْرَاجَ عَنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِضِيقِ وَقْتِهَا أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهَا، وَإِنْ سَلَّمَ الْإِمَامُ مِنْهَا حَيْثُ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ وَوَجْهُهُ احْتِمَالُ أَنْ يَتَذَكَّرُوا خَلَلًا فِي الصَّلَاةِ فَيُعِيدُوهَا فَيُدْرِكَهَا مَعَهُمْ فَلَا نَقْتُلُهُ مَعَ الِاحْتِمَالِ كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ الشَّارِحِ فِي السُّؤَالِ وَجَوَابِهِ.

(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَيُسْتَتَابُ) قَالَ الْأُسْتَاذُ الْبَكْرِيُّ فِي الْكَنْزِ وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَسْوَأَ حَالًا مِنْ الْمُرْتَدِّ وَقِيلَ نَدْبًا اهـ وَالْوُجُوبُ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمَجْمُوعِ كَمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَتَكْفِي اسْتِتَابَةٌ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا يُفَوِّتُ صَلَوَاتٍ وَقِيلَ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالْقَوْلَانِ فِي النَّدْبِ وَقِيلَ فِي الْوُجُوبِ وَالْمَعْنَى أَنَّهَا فِي الْحَالِ أَوْ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ مَنْدُوبَةٌ وَقِيلَ وَاجِبَةٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيُسْتَتَابُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>