للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الِانْتِصَارِ لَهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ لَوْ قَالَ الْغُرَمَاءُ يُكَفَّنُ بِسَاتِرِهَا وَالْوَرَثَةُ بِسَابِغِ كَفَنٍ فِي السَّابِغِ اتِّفَاقًا أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى سَاتِرِهَا مِنْ السَّابِغِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ لِلْمَيِّتِ لَمْ يُسْقِطْهُ فَقُدِّمَ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ كَالْوَرَثَةِ فَيَأْثَمُونَ بِمَنْعِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا فِي التَّكْفِينِ وَهَذَا مُسْتَثْنًى لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ تَأَكُّدِ أَمْرِهِ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِي وُجُوبِهِ وَإِلَّا فَقَدْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ لِلْغُرَمَاءِ مَنْعَ مَا يُصْرَفُ فِي الْمُسْتَحَبِّ

وَعَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ تَأَكُّدِهِ وَتَقَدُّمِهِ بِهِ يُحْمَلُ قَوْلُ بَعْضِ مَنْ اعْتَمَدَ الْأَوَّلَ إنَّهُ وَاجِبٌ لِحَقِّ الْمَيِّتِ أَيْ لَا لِلْخُرُوجِ مِنْ عُهْدَةِ التَّكْفِينِ الْوَاجِبِ عَلَى كُلِّ مَنْ عَلِمَ بِهِ وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ خِلَافٌ فِي أَنَّ الْوَاجِبَ سَاتِرُهَا أَوْ السَّابِغُ فَعُلِمَ أَنَّهُ بِالسَّاتِرِ يَسْقُطُ حَرَجُ التَّكْفِينِ الْوَاجِبِ عَنْ الْأُمَّةِ وَيَبْقَى حَرَجٌ مِنْهُ حَقُّ الْمَيِّتِ عَلَى الْوَرَثَةِ أَوْ الْغُرَمَاءِ، وَمِنْ كَوْنِهِ حَقَّهُ يُحْمَلُ تَصْرِيحُ آخَرِينَ بِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِإِيصَائِهِ بِإِسْقَاطِهِ كَمَا يَأْتِي وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذَا غُطِّيَ مِنْ الْمَيِّتِ عَوْرَتُهُ فَقَطْ سَقَطَ الْفَرْضُ لَكِنَّهُ أَخَلَّ بِحَقِّهِ صَرِيحٌ فِيمَا قَرَّرْتُهُ أَنَّهُ وَاجِبٌ لِلْمَيِّتِ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ لَكِنَّهُ أَخَلَّ بِحَقِّهِ لَا لِلْخُرُوجِ مِنْ عُهْدَةِ التَّكْفِينِ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ سَقَطَ الْفَرْضُ وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي الْقَطْعُ بِالِاكْتِفَاءِ بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ ثُمَّ الْقَطْعُ بِأَنَّ الزَّائِدَ لَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ لِحَقِّ اللَّهِ وَفِيهِ تَنَاقُضٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ لِحَقِّ اللَّهِ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي فَإِنَّهُ لَا تَنَاقُضَ فِيهِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَ شَيْخِنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَعَلَّ مُرَادَ الْقَائِلِينَ بِوُجُوبِ الزَّائِدِ أَنَّهُ لِحَقِّ الْمَيِّتِ بِالنِّسْبَةِ لِلْغُرَمَاءِ أَخْذًا مِنْ الِاتِّفَاقِ الْمَذْكُورِ لَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَّا فَهُوَ تَنَاقُضٌ يُرَدُّ بِأَنَّ الْحَقَّ أَنَّهُ تَنَاقُضٌ وَأَنَّ ذَلِكَ الْحَمْلَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْخِلَافَ

ــ

[حاشية الشرواني]

وَالْغُرَمَاءُ عَلَى ثَلَاثَةٍ جَازَ بِلَا خِلَافٍ وَيُكَفَّنُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ كَانَ فِي وَرَثَتِهِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ أَوْ غَائِبٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَمَتَى كُفِّنَ الْمَيِّتُ مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةٍ وُجُوبًا اهـ

(قَوْلُهُ: فِي الِانْتِصَارِ لَهُ) أَيْ لِمَا قَالَهُ آخَرُونَ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) وَهُوَ أَقَلُّ الْكَفَنِ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ (قَوْلُهُ: بِسَاتِرِهَا) أَيْ الْعَوْرَةِ (قَوْلُهُ: بِسَابِغٍ) أَيْ لِجَمِيعِ الْبَدَنِ (قَوْلُهُ: فَيَأْثَمُونَ) أَيْ الْغُرَمَاءُ وَالْوَرَثَةُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مُسْتَثْنًى إلَخْ) كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ يَقْتَضِي عَدَمَ وُجُوبِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَإِنْ قِيلَ هُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ مِنْ حَيْثُ التَّكْفِينُ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا مِنْ حَيْثُ حَقُّ الْمَيِّتِ قُلْنَا لَوْ سُلِّمَ عَدَمُ وُجُوبِهِ مِنْ حَيْثُ التَّكْفِينُ فَوُجُوبُهُ مِنْ حَيْثُ حَقُّ الْمَيِّتِ لَا حَاجَةَ لَهُ بَلْ لَا مَعْنَى مَعَهُ لِلِاسْتِثْنَاءِ مِنْ مَنْعِ مَا يُصْرَفُ فِي الْمُسْتَحَبِّ سم (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقَدْ جَزَمَ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِاسْتِثْنَاءِ تَقْدِيمِ الْمَيِّتِ هُنَا عَلَى الْغُرَمَاءِ مِنْ الْمَنْعِ الْآتِي لَمْ يَصِحَّ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ قَدْ جَزَمَ إلَخْ ثُمَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا اخْتَارَهُ تَبَعًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ مِنْ أَنَّ سَاتِرَ جَمِيعِ الْبَدَنِ مُسْتَحَبٌّ وَتَقَدَّمَ عَنْ سم مَنْعُهُ وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَغَيْرِهِمَا

(قَوْلُهُ: وَعَلَى مَا تَقَرَّرَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْآتِي يُحْمَلُ قَوْلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ تَأَكُّدِهِ) أَيْ السَّابِغِ (وَتَقَدُّمِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (بِهِ) أَيْ بِالسَّابِغِ (قَوْلُهُ: اُعْتُمِدَ الْأَوَّلُ) أَيْ أَقَلُّ الْكَفَنِ سَاتِرُ الْعَوْرَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ سَاتِرَ الْعَوْرَةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ قَوْلُ الْبَعْضِ الْمَذْكُورُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ تَأَكُّدِ الِاسْتِحْبَابِ بَلْ كَانَ الْوُجُوبُ فِيهِ عَلَى حَقِيقَتِهِ (لَمْ يَبْقَ خِلَافٌ إلَخْ) وَلَك مَنْعُ الْمُلَازَمَةِ بِالْجَمْعِ السَّابِقِ عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَنَّهُ وَاجِبٌ إلَخْ) مَقُولُ الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْغُرَمَاءِ) أَوْ لِمَنْعِ الْخُلُوِّ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ كَوْنِهِ حَقَّهُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ تَأَكُّدِهِ إلَخْ وَالضَّمِيرُ الْأَوَّلُ لِلسَّابِغِ وَالثَّانِي لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يَسْقُطُ إلَخْ) أَيْ الزَّائِدُ عَلَى السَّاتِرِ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي شَرْحِ " وَلَا تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ إلَخْ " (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: صَرِيحٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ وَاجِبٌ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ السَّابِغَ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ لَهُ (قَوْلُهُ: لَا لِلْخُرُوجِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِلْمَيِّتِ وَ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ) أَيْ قَوْلُهُ: لَا لِلْخُرُوجِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَفِيهِ تَنَاقُضٌ) أَيْ إنَّ بِالْقَطْعِ الْأَوَّلِ السَّاتِرِ حَقٌّ مَحْضٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَبِالْقَطْعِ الثَّانِي أَنَّ وُجُوبَ الزَّائِدِ لِحَقِّ الْمَيِّتِ مَشُوبًا بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي) أَيْ بَلْ مِنْ مُلْحَقَاتِ الْمَجْمُوعِ عَلَى حَسَبِ فَهْمِهِ مِنْهُ أَيْ وَقَوْلُ الْمُتَوَلِّي وَاجِبٌ الْمُرَادُ بِهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي تَوْجِيهِ مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي جَمِيعِ كُتُبِهِ إلَخْ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ وَتَوْجِيهِ قَوْلِ جَمْعٍ إنَّهُ يَجِبُ سَتْرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ إلَخْ الْمُفِيدِ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَهُمَا إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: مِنْ الِاتِّفَاقِ الْمَذْكُورِ) أَيْ السَّابِقِ عَنْ الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: يُرَدُّ بِأَنَّ الْحَقَّ إلَخْ) أَقُولُ الَّذِي حَكَاهُ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ لَمْ يُعَبِّرْ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَلْ عِبَارَتُهُ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ لَا يَلْزَمُهُ مَا أَوْرَدَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّيْخَ لَمْ يَقْصِدْ بِالْحَمْلِ الَّذِي ذَكَرَهُ رَفْعَ الْخِلَافِ الَّذِي بَيْنَ الْأَصْحَابِ فِي أَنَّ الْوَاجِبَ مَا يَعُمُّ الْبَدَنَ أَوْ سَاتِرَ الْعَوْرَةِ فَقَطْ حَتَّى يَرِدَ عَلَيْهِ مَا أَوْرَدَهُ بَلْ قَصَدَ دَفْعَ التَّنَاقُضِ فِي عِبَارَةِ الرَّوْضِ وَلَا إشْكَالَ فِي انْدِفَاعِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ يَقْتَضِي عَدَمَ وُجُوبِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَإِنْ قِيلَ: هُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ مِنْ حَيْثُ التَّكْفِينُ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا مِنْ حَيْثُ حَقُّ الْمَيِّتِ قُلْنَا لَوْ سُلِّمَ عَدَمُ وُجُوبِهِ مِنْ حَيْثُ التَّكْفِينُ فَوُجُوبُهُ مِنْ حَيْثُ حَقُّ الْمَيِّتِ لَا حَاجَةَ لَهُ بَلْ الْمَعْنَى مَعَهُ لِلِاسْتِثْنَاءِ مِنْ مَنْعِ مَا يُصْرَفُ فِي الْمُسْتَحَبِّ.

(قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَ شَيْخِنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ إلَخْ) أَقُولُ هَذَا الَّذِي حَكَاهُ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ لَمْ يُعَبِّرْ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَلْ عِبَارَتُهُ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ لَا يَلْزَمُهُ مَا أَوْرَدَهُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ: وَأَقَلُّهُ ثَوْبٌ يَعُمُّ الْبَدَنَ وَالْوَاجِبُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ اهـ فَقَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ " وَأَقَلُّهُ ثَوْبٌ يَعُمُّ الْبَدَنَ " مَا نَصُّهُ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ هُنَا أَنَّهُ وَجَبَ لِحَقِّ الْمَيِّتِ بِالنِّسْبَةِ لِلْغُرَمَاءِ أَخْذًا مِنْ الِاتِّفَاقِ الْآتِي فِي كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ لَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَّا فَهُوَ مُنَاقِضٌ لِقَوْلِهِ وَالْوَاجِبُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ اهـ بِحُرُوفِهِ وَهَذَا لَا يُتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الرَّدُّ الَّذِي ذَكَرَهُ لِأَنَّ الشَّيْخَ لَمْ يَقْصِدْ بِالْحَمْلِ الَّذِي ذَكَرَهُ رَفْعَ الْخِلَافِ الَّذِي بَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>