للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى تَنْكِيسِ رَأْسِ الْمَيِّتِ (وَالتَّرْبِيعُ أَنْ يَتَقَدَّمَ رَجُلَانِ وَيَتَأَخَّرَ آخَرَانِ) وَلَا دَنَاءَةَ فِي حَمْلِهَا بَلْ هُوَ مَكْرُمَةٌ وَبِرٌّ وَمِنْ ثَمَّ فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ الصَّحَابَةُ فَمَنْ بَعْدَهُمْ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَتَشْيِيعُ الْجِنَازَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَيُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ مَا لَمْ يُخْشَ مِنْهُ فِتْنَةٌ وَإِلَّا حَرُمَ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ وَضَابِطُهُ أَنْ لَا يَبْعُدَ عَنْهَا بُعْدًا يَقْطَعُ عُرْفًا نِسْبَتَهُ إلَيْهَا (وَالْمَشْيُ) أَفْضَلُ مِنْ الرُّكُوبِ لِلِاتِّبَاعِ بَلْ يُكْرَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ كَضَعْفٍ وَهَلْ مُجَرَّدُ الْمَنْصِبِ هُنَا عُذْرٌ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي رَدِّ الْمَبِيعِ وَغَيْرِهِ أَوْ يُفَرَّقُ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْفَرْقُ أَوْجَهُ فَإِنْ قُلْت يُعَكِّرُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ أَنَّ فَقْدَ بَعْضِ لِبَاسِهِ اللَّائِقِ عُذْرٌ فِي الْجُمُعَةِ قُلْت: يُفَرَّقُ بِأَنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ الْعَامِّ يَعُدُّونَ الْمَشْيَ هُنَا حَتَّى مِنْ ذَوِي الْمَنَاصِبِ تَوَاضُعًا وَامْتِثَالًا لِلسُّنَّةِ فَلَا تَنْخَرِمُ بِهِ مُرُوءَتُهُمْ بَلْ تَزِيدُ وَلَا كَذَلِكَ فِي حُضُورِهِمْ عِنْدَ النَّاسِ بِغَيْرِ لِبَاسِهِمْ اللَّائِقِ بِهِمْ، وَكَوْنُ الْمُشَيِّعِ (أَمَامَهَا) أَفْضَلُ لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّهُمْ شُفَعَاءُ سَوَاءٌ الرَّاكِبُ وَالْمَاشِي، وَنَقْلُ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ الرَّاكِبَ يَكُونُ خَلْفَهَا مَرْدُودٌ بَلْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: غَلَطٌ لَكِنْ انْتَصَرَ لَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِصِحَّةِ الْخَبَرِ بِهِ وَبِأَنَّ فِي تَقَدُّمِهِ إيذَاءً لِلْمُشَاةِ وَكَوْنُهُ (بِقُرْبِهَا أَفْضَلُ) لِلِاتِّبَاعِ وَسَنَدُ الثَّلَاثَةِ صَحِيحٌ وَضَابِطُهُ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ الْتَفَتَ رَآهَا أَيْ رُؤْيَةً كَامِلَةً (وَيُسْرَعُ بِهَا) نَدْبًا لِصِحَّةِ الْأَمْرِ بِهِ بِأَنْ يَكُونَ فَوْقَ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ وَدُونَ الْخَبَبِ (إنْ لَمْ يَخَفْ تَغَيُّرَهُ) بِالْإِسْرَاعِ وَإِلَّا تَأَنَّى بِهِ وَلَوْ خَافَ التَّغَيُّرَ إنْ لَمْ يَخْبُبْ خَبَّ.

ــ

[حاشية الشرواني]

قَوْلُهُ: إلَى تَنْكِيسِ رَأْسِ الْمَيِّتِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ السُّنَّةَ فِي وَضْعِ رَأْسِ الْمَيِّتِ فِي حَالِ السَّيْرِ أَنْ يَكُونَ إلَى جِهَةِ الطَّرِيقِ سَوَاءٌ الْقِبْلَةُ وَغَيْرُهَا بَصْرِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (أَنْ يَتَقَدَّمَ رَجُلَانِ إلَخْ) أَيْ يَضَعَ أَحَدُهُمَا الْعَمُودَ الْأَيْمَنَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَالْآخَرُ عَكْسَهُ وَيَحْمِلُ الْآخَرَانِ كَذَلِكَ فَيَكُونُ الْحَامِلُونَ أَرْبَعَةً وَلِهَذَا سُمِّيَتْ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ بِالتَّرْبِيعِ فَإِنْ عَجَزَ الْأَرْبَعَةُ عَنْهَا حَمَلَهَا سِتَّةٌ أَوْ ثَمَانِيَةٌ أَوْ أَكْثَرُ إشْفَاعًا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعَةِ يَحْمِلُ مِنْ جَوَانِبِ السَّرِيرِ أَوْ تُزَادُ أَعْمِدَةٌ مُعْتَرِضَةٌ تَحْتَ الْجِنَازَةِ كَمَا فُعِلَ بِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَإِنَّهُ كَانَ جَسِيمًا وَأَمَّا الصَّغِيرُ فَإِنْ حَمَلَهُ وَاحِدٌ جَازَ إذْ لَا ازْدِرَاءَ فِيهِ وَمَنْ أَرَادَ التَّبَرُّكَ بِالْحَمْلِ بِالْهَيْئَةِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ بَدَأَ بِحَمْلِ الْعَمُودَيْنِ مِنْ مُقَدَّمِهَا عَلَى كَتِفَيْهِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ مِنْ مُؤَخَّرِهَا ثُمَّ يَتَقَدَّمُ لِئَلَّا يَمْشِيَ خَلْفَهَا فَيَأْخُذُ الْأَيْمَنَ الْمُؤَخَّرَ أَوْ بِهَيْئَةِ التَّرْبِيعِ بَدَأَ بِالْعَمُودِ الْأَيْسَرِ مِنْ مُقَدَّمِهَا عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ بِالْأَيْسَرِ مِنْ مُؤَخَّرِهَا كَذَلِكَ ثُمَّ يَتَقَدَّمُ لِئَلَّا يَمْشِيَ خَلْفَهَا فَيَبْدَأُ بِالْأَيْمَنِ مِنْ مُقَدَّمِهَا عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ مِنْ مُؤَخَّرِهَا كَذَلِكَ أَوْ بِالْهَيْئَتَيْنِ أَتَى بِمَا أَتَى بِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَيَحْمِلُ الْمُقَدَّمُ عَلَى كَتِفَيْهِ مُقَدَّمًا أَوْ مُؤَخَّرًا مُغْنِي وَأَسْنَى (قَوْلُهُ: وَلَا دَنَاءَةَ إلَخْ) أَيْ وَلَا سُقُوطَ مُرُوءَةٍ أَسْنَى وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَتَشْيِيعُ الْجِنَازَةِ إلَخْ) أَيْ لِلرِّجَالِ وَيُنْدَبُ مُكْثُهُمْ إلَى أَنْ يُدْفَنَ وَيُكْرَهُ الْقِيَامُ لِمَنْ مَرَّتْ بِهِ وَلَمْ يُرِدْ الذَّهَابَ مَعَهَا وَالْأَمْرُ بِهِ مَنْسُوخٌ شَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ إلَخْ) وَلِلرَّجُلِ بِلَا كَرَاهَةٍ تَشْيِيعُ جِنَازَةِ كَافِرٍ قَرِيبٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَلْ يُلْحَقُ بِهِ الْجَارُ كَمَا فِي الْعِيَادَةِ فِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى وَأَمَّا زِيَارَةُ قَبْرِهِ فَفِي الْمَجْمُوعِ الصَّوَابُ جَوَازُهُ وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ وَلَا يَتَوَلَّاهُ - أَيْ حَمْلَ الْجِنَازَةِ - إلَّا الرِّجَالُ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً لِضَعْفِ النِّسَاءِ غَالِبًا وَقَدْ يَنْكَشِفُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ لَوْ حَمَلْنَ فَيُكْرَهُ لَهُنَّ حَمْلُهُ لِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُنَّ تَعَيَّنَ عَلَيْهِنَّ أَسْنَى وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَفِي مَعْنَاهُنَّ الْخَنَاثَى فِيمَا يَظْهَرُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَضَابِطُهُ أَنْ لَا يَبْعُدَ إلَخْ) يَظْهَرُ أَنَّهُ يَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِ الْجَنَائِزِ فَالْجِنَازَةُ الَّتِي يُشَيِّعُهَا عَشَرَةٌ مَثَلًا إذَا بَعُدَ عَنْهَا نَحْوَ خَمْسِينَ ذِرَاعًا مَثَلًا قَدْ يَقْطَعُ الْعُرْفُ نِسْبَتَهُ إلَيْهَا وَاَلَّتِي يُشَيِّعُهَا عَشَرَةُ آلَافٍ مَثَلًا لَا يَقْطَعُ الْعُرْفُ نِسْبَتَهُ إلَيْهَا وَلَوْ بَعُدَ عَنْهَا نَحْوَ مِائَتَيْ ذِرَاعٍ مَثَلًا فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ أَقُولُ بَلْ نَحْوَ خَمْسِمِائَةِ ذِرَاعٍ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ حَاصِلُ مَا فِي الْإِيعَابِ أَنَّهُ إنْ بَعُدَ عَنْهَا لِمُنْعَطَفٍ أَوْ كَثْرَةِ مُشَيِّعٍ حَصَلَ فَضِيلَةُ التَّشْيِيعِ وَإِلَّا فَلَا اهـ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْمَشْيُ إلَخْ) أَيْ لِلْمُشَيِّعِ لَهَا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ) إلَى الْفَصْلِ فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَهَلْ مُجَرَّدُ الْمَنْصِبِ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ لَكِنْ انْتَصَرَ إلَى كَوْنِهِ وَقَوْلُهُ: أَيْ رُؤْيَةً كَامِلَةً (قَوْلُهُ: بَلْ يُكْرَهُ إلَخْ) أَيْ فِي ذَهَابِهِ مَعَهَا وَلَا كَرَاهَةَ فِي الرُّكُوبِ فِي الْعَوْدِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: كَضَعْفٍ) أَيْ وَبُعْدِ الْمَقْبَرَةِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ حِينَئِذٍ وَإِنْ أَطَاقَ الْمَشْيَ بِلَا مَشَقَّةٍ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْبَعِيدِ أَنَّ فِيهِ نَوْعَ مَشَقَّةٍ أَمَّا لَوْ فُرِضَ انْقِطَاعُهَا قَطْعًا فَالْوَجْهُ الْكَرَاهَةُ إيعَابٌ (قَوْلُهُ: وَغَيْرَهُ) أَيْ كَالشُّفْعَةِ.

(قَوْلُهُ: يُعَكِّرُ عَلَيْهِ) أَيْ يُشْكِلُ عَلَى الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ مَعَ الْجِنَازَةِ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُ الْمَشْيِ أَمَامَهَا إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ بَعِيدًا وَلَوْ مَشَى خَلْفَهَا كَانَ قَرِيبًا مِنْهَا فِيمَا يَظْهَرُ وَبَقِيَ مَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ الرُّكُوبُ أَمَامَهَا مَعَ الْقُرْبِ وَالْمَشْيُ أَمَامَهَا مَعَ الْبُعْدِ هَلْ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ الرُّكُوبِ وَقَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ لَوْ تَعَارَضَتْ هَذِهِ الصِّفَاتُ فَانْظُرْ مَاذَا يُرَاعَى انْتَهَى وَالْأَقْرَبُ مُرَاعَاةُ الْإِمَامِ وَإِنْ بَعُدَ ع ش (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ) أَيْ وَلَوْ مَشَى خَلْفَهَا حَصَلَ لَهُ فَضِيلَةُ أَصْلِ الْمُتَابَعَةِ دُونَ كَمَالِهَا وَلَوْ تَقَدَّمَهَا إلَى الْمَقْبَرَةِ لَمْ يُكْرَهْ ثُمَّ هُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَامَ حَتَّى تُوضَعَ الْجِنَازَةُ وَإِنْ شَاءَ قَعَدَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَقَوْلُهُمَا لَمْ يُكْرَهْ لَكِنْ فَاتَهُ فَضْلُ الِاتِّبَاعِ عُبَابٌ (قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ إلَخْ) وَأَمَّا خَبَرُ «امْشُوا خَلْفَ الْجِنَازَةِ» فَضَعِيفٌ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ بِقُرْبِهَا أَفْضَلُ) أَيْ مِنْ بُعْدِهَا بِأَنْ لَا يَرَاهَا لِكَثْرَةِ الْمَاشِينَ مَعَهَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَأَسْنَى (قَوْلُهُ: أَيْ رُؤْيَةً كَامِلَةً) قَدْ يُقَالُ مَا ضَابِطُ الرُّؤْيَةِ الْكَامِلَةِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: خَبَّبَ) أَيْ زِيدَ فِي الْإِسْرَاعِ وَيُكْرَهُ الْقِيَامُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

إلَى تَنْكِيسِ رَأْسِ الْمَيِّتِ) قَدْ لَا يُؤَدِّي كَمَا لَوْ كَانَ الْمُتَقَدِّمُ طَوِيلًا وَالْمُتَأَخِّرُ أَقْصَرَ مِنْهُ بِحَيْثُ لَوْ حَمَلَ عَلَى رَأْسِهِ صَارَ الْمَيِّتُ عَلَى نِسْبَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَالتَّرْبِيعِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى اثْنَيْنِ أَوْ وَاحِدٍ فَمَكْرُوهٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الطِّفْلِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِحَمْلِهِ عَلَى الْأَيْدِي اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَالْمَشْيُ أَمَامَهَا) لَوْ شَيَّعَهَا نِسَاءٌ وَإِنْ كُرِهَ لَهُنَّ ذَلِكَ فَهَلْ يُطْلَبُ أَنْ يَكُنَّ أَمَامَهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُطْلَبَ ذَلِكَ إلَّا لِعَارِضٍ كَخَوْفِ نَظَرِ مُحَرَّمٍ أَوْ اخْتِلَاطٍ بِالرِّجَالِ م ر

<<  <  ج: ص:  >  >>