للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاقْتَسَمُوا بَعْدَ الزَّهْوِ لَزِمَهُمْ زَكَاةُ الْخُلْطَةِ لِاشْتِرَاكِهِمْ حَالَةَ الْوُجُوبِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا لَا يُعْتَبَرُ لَهُ حَوْلٌ تُعْتَبَرُ الْخُلْطَةُ فِيهِ عِنْدَ الْوُجُوبِ كَالزَّهْوِ فِي الثَّمَرِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَفُرُوعِهِ وَمُرَادُهُمْ خُلْطَةُ الشُّيُوعِ أَمَّا خُلْطَةُ الْمُجَاوَرَةِ فَلَا بُدَّ مِنْهَا مِنْ أَوَّلِ الزَّرْعِ إلَى وَقْتِ الْإِخْرَاجِ بِدَلِيلِ اشْتِرَاطِهِمْ الِاتِّحَادَ فِي نَحْوِ الْمَاءِ وَالْجَرِينِ وَ (أَنْ لَا تَتَمَيَّزَ) مَاشِيَةُ أَحَدِهِمَا عَنْ مَاشِيَةِ الْآخَرِ (فِي الْمَشْرَبِ) أَيْ: مَحَلِّ الشُّرْبِ، وَلَا فِي الدَّلْوِ وَالْآنِيَةِ الَّتِي تَشْرَبُ فِيهَا، وَلَا فِيمَا تَجْتَمِعُ فِيهِ قَبْلَ السَّقْيِ وَمَا تُنَحَّى إلَيْهِ لِيَشْرَبَ غَيْرُهَا بِأَنْ لَا تَنْفَرِدَ إحْدَاهُمَا بِمَحَلٍّ لَا تَرِدُ فِيهِ الْأُخْرَى لَا بِأَنْ يَتَّحِدَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ دَائِمًا، وَكَذَا فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي فَعُلِمَ أَنَّ مَا يُعْتَبَرُ الِاتِّحَادُ فِيهِ لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُهُ بِالذَّاتِ بَلْ أَنْ لَا يَخْتَصَّ أَحَدُ الْمَالَيْنِ بِهِ، وَإِنْ تَعَدَّدَ إلَّا الْفَحْلَ عِنْدَ اخْتِلَافِ النَّوْعِ كَمَا يَأْتِي (وَالْمَسْرَحُ) الشَّامِلُ لِلْمَرْعَى وَطَرِيقُهُ أَيْ: فِيمَا تَجْتَمِعُ فِيهِ لِتُسَاقَ لِلْمَرْعَى، وَفِيمَا تَرْعَى فِيهِ، وَالطَّرِيقُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مُسَرَّحَةٌ فِي الْكُلِّ (وَالْمُرَاحُ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ: مَأْوَاهَا لَيْلًا (وَمَوْضِعُ الْحَلَبِ) بِفَتْحِ اللَّامِ مَصْدَرٌ وَحُكِيَ سُكُونُهَا وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى اللَّبَنِ، وَهُوَ - أَعْنِي مَحَلَّ الْحَلَبِ -: الْمَحْلَبُ بِفَتْحِ الْمِيمِ أَمَّا بِكَسْرِهَا فَهُوَ الْإِنَاءُ الَّذِي يُحْلَبُ فِيهِ وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُهُ كَالْحَالِبِ (وَكَذَا الرَّاعِي وَالْفَحْلُ) لَكِنْ إنْ اتَّحَدَ النَّوْعُ، وَإِلَّا لَمْ يَضُرَّ اخْتِلَافُهُ لِلضَّرُورَةِ حِينَئِذٍ (فِي الْأَصَحِّ) ، وَإِنْ اُسْتُعِيرَ أَوْ مَلَكَهُ أَحَدُهُمَا (لَا نِيَّةُ الْخُلْطَةِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِتَأْثِيرِ الْخُلْطَةِ هُوَ خِفَّةُ الْمُؤْنَةِ بِاتِّحَادِ مَا ذُكِرَ، وَهُوَ مَوْجُودٌ، وَإِنْ لَمْ تُنْوَ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ السَّوْمُ فَإِنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ مَوْجُودٌ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يُنْوَ، وَمَعَ ذَلِكَ قَالُوا: لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِهِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْخُلْطَةَ لَيْسَتْ مُوجِبَةً بِإِطْلَاقِهَا بِخِلَافِ السَّوْمِ فَإِنَّهُ مُوجِبٌ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَوَجَبَ قَصْدُهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُشْتَرَطْ قَصْدُ الِاعْتِلَافِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُوجِبْ كَانَ مُوَافِقًا لِلْأَصْلِ وَيَضُرُّ الِافْتِرَاقُ فِي وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ أَوْ يَأْتِي زَمَنًا طَوِيلًا كَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُطْلَقًا أَوْ يَسِيرًا بِتَعَمُّدِ أَحَدِهِمَا لَهُ أَوْ بِتَقْرِيرِهِ لِلتَّفَرُّقِ

ــ

[حاشية الشرواني]

كَلَامِهِ هُنَا يُصَرِّحُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْخُلْطَةِ فِي هَذَا الْمِثَالِ خُلْطَةُ الْجِوَارِ إلَّا أَنَّ ذِكْرَ الِاقْتِسَامِ يُنَافِي ذَلِكَ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ إنَّمَا هِيَ لِخُلْطَةِ الْجِوَارِ سم (قَوْلُهُ: فَاقْتَسَمُوا إلَخْ) هَذَا لَا يُنَاسِبُ أَنَّ الشُّرُوطَ لِخُلْطَةِ الْجِوَارِ سم أَيْ: الَّتِي فِيهَا الْكَلَامُ.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا تَتَمَيَّزَ إلَخْ) وَيُشْتَرَطُ فِي خُلْطَةِ الْجِوَارِ فِي النَّقْدَيْنِ أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ أَحَدُهُمَا بِصُنْدُوقٍ يَضَعُ فِيهِ كِيسَهُ، وَلَا بِحَارِسٍ يَحْرُسُهُ لَهُ وَنَحْوِهِمَا قَالَ سم فِي شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ وَدَائِعُ لَا تَبْلُغُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا نِصَابًا فَجَعَلَهَا فِي صُنْدُوقٍ وَاحِدٍ جَمِيعَ الْحَوْلِ الظَّاهِرُ ثُبُوتُ حُكْمِ الْخُلْطَةِ لِانْطِبَاقِ ضَابِطِهَا عَلَيْهِ وَنِيَّةُ الْخُلْطَةِ لَا تُشْتَرَطُ، وَأَمَّا التِّجَارَةُ فَيُشْتَرَطُ فِي الْجِوَارِ فِيهَا أَنْ لَا يَتَمَيَّزَا فِي الدُّكَّانِ وَالْحَارِسِ وَالْحَمَّالِ وَمَكَانِ الْحِفْظِ مِنْ خِزَانَةٍ وَنَحْوِهَا، وَإِنْ كَانَ مَالُ كُلٍّ بِزَاوِيَةٍ أَيْ رُكْنٍ كَمَا فِي الْإِيعَابِ وَالْأَسْنَى وَالْمِيزَانِ وَالْوَزَّانِ وَالْكَيْلِ وَالْمِكْيَالِ وَالذِّرَاعِ وَالذَّرَّاعِ وَالنَّقَّادِ وَالْمُنَادِي وَالْمُطَالِبِ بِالْأَثْمَانِ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ.

وَمَا نَقَلَهُ عَنْ سم فِيهِ تَوَقُّفٌ، وَإِنْ أَقَرَّهُ ع ش أَيْضًا إلَّا أَنْ يَأْذَنَ أَصْحَابُ الْوَدَائِعِ فِي الْجُعْلِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ، وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْخُلْطَةِ لَكِنْ تُشْتَرَطُ نَفْسُ الْخُلْطَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِهَا إلَّا إذَا كَانَ بِفِعْلِ أَوْ إذْنِ الْمَالِكِ أَوْ الْوَلِيِّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: مَاشِيَةُ أَحَدِهِمَا) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْأَظْهَرُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَلَا فِي الدَّلْوِ إلَى وَلَا فِيمَا وَقَوْلَهُ وَيُشْكِلُ إلَى وَيَضُرُّ، وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَى وَيُصَدَّقُ (قَوْلُهُ: إحْدَاهُمَا) أَيْ: إحْدَى الْمَاشِيَتَيْنِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَتَّحِدَا) أَيْ: الْمَالَانِ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ: آنِفًا فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: مَصْدَرٌ) أَيْ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ يُطْلَقُ) أَيْ: بِضَبْطَيْهِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُهُ كَالْحَالِبِ) أَيْ: وَكَمَا لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ آلَةِ الْجَزِّ، وَلَا خَلْطُ اللَّبَنِ فِي الْأَصَحِّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش، وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْجَزَّازِ قِيَاسًا عَلَى الْحَالِبِ، وَلَا خُلْطَةُ الصُّوفِ قِيَاسًا عَلَى خُلْطَةِ اللَّبَنِ وَقِيَاسُ اشْتِرَاطِ اتِّحَادِ مَوْضِعِ الْحَلَبِ اشْتِرَاطُ اتِّحَادِ مَوْضِعِ الْجَزِّ اهـ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ: وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْجَازِّ وَآلَةِ الْجَزِّ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَكَذَا الرَّاعِي وَالْفَحْلُ إلَخْ) وَيَجُوزُ تَعَدُّدُ الرُّعَاةِ قَطْعًا بِشَرْطِ عَدَمِ انْفِرَادِ كُلٍّ بِرَاعٍ وَالْمُرَادُ بِالِاتِّحَادِ أَنْ يَكُونَ الْفَحْلُ أَوْ الْفُحُولُ مُرْسَلَةً فِيهَا تَنْزُو عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَاشِيَتَيْنِ بِحَيْثُ لَا تَخْتَصُّ مَاشِيَةُ كُلٍّ بِفَحْلٍ عَنْ مَاشِيَةِ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا لِأَحَدِهِمَا أَوْ مُعَارَةً لَهُ أَوْ لَهُمَا إلَّا إذَا اخْتَلَفَ النَّوْعُ كَضَأْنٍ وَمَعْزٍ فَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُهُ جَزْمًا لِلضَّرُورَةِ وَيُشْتَرَطُ اتِّحَادُ مَكَانِ الْإِنْزَاءِ كَالْحَلَبِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَأَكْثَرُ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ اخْتِلَافُهُ) أَيْ: الْفَحْلِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اُسْتُعِيرَ إلَخْ) أَيْ: الْفَحْلُ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَوْجُودٌ إلَخْ) أَيْ: الْمُقْتَضِي (قَوْلُهُ: وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ: عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْخُلْطَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْخُلْطَةَ لَيْسَتْ مُوجِبَةً بِإِطْلَاقِهَا إلَخْ) أَيْ: لَيْسَتْ مُوجِبَةً لِلزَّكَاةِ فِي جَمِيعِ صُوَرِهَا بَلْ الْمُوجِبُ النِّصَابُ مَعَ الْحَوْلِ وَغَيْرِهِ مِنْ الشُّرُوطِ بِخِلَافِ السَّوْمِ إلَخْ قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ: وَحَاصِلُهُ أَنَّ السَّوْمَ لَهُ مَدْخَلٌ تَامٌّ فِي الْإِيجَابِ؛ وَلِذَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَائِهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ بِخِلَافِ الْخُلْطَةِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهَا الْوُجُوبُ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، وَبِالْجُمْلَةِ فِي هَذَا الْفَرْقِ خَفَاءٌ فَلْيُحَرَّرْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِإِطْلَاقِهَا مُتَعَلِّقًا بِلَيْسَتْ، وَيُرَادُ بِالْإِطْلَاقِ مُوَافَقَةُ الْأَصْلِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: وَلَوْ بِلَا قَصْدٍ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ يَسِيرًا بِتَعَمُّدٍ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا وَلَمْ يَعْلَمَا بِهِ لَمْ يَضُرَّ فَإِنْ عَلِمَا بِهِ وَأَقَرَّاهُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

الصَّغِيرِ وَفُرُوعِهِ بِأَنَّ مَا لَا يُعْتَبَرُ لَهُ حَوْلٌ تُعْتَبَرُ الْخُلْطَةُ فِيهِ عِنْدَ الْوُجُوبِ كَبُدُوِّ الصَّلَاحِ فِي الثَّمَرِ، وَمُرَادُهُمْ خُلْطَةُ الشُّيُوعِ أَمَّا خُلْطَةُ الْمُجَاوَرَةِ فَلَا بُدَّ مِنْهَا فِي أَوَّلِ الزَّرْعِ إلَى وَقْتِ الْإِخْرَاجِ بِدَلِيلِ اشْتِرَاطِهِمْ الِاتِّحَادَ فِي الْمَاءِ الَّذِي تُسْقَى مِنْهُ الْأَرْضُ وَالْحِرَاثِ وَمُلَقِّحِ النَّخْلِ وَالْجَدَادِ وَالْجَرِينِ وَنَحْوِ ذَلِكَ اهـ وَسِيَاقُ كَلَامِهِ هُنَا يُصَرِّحُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْخُلْطَةِ فِي هَذَا الْمِثَالِ خُلْطَةُ الْجِوَارِ إلَّا أَنَّ ذِكْرَ الِاقْتِسَامِ يُنَافِي ذَلِكَ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ إنَّمَا هِيَ لِخُلْطَةِ الْجِوَارِ (قَوْلُهُ: فَاقْتَسَمُوا بَعْدَ الزَّهْوِ) هَذَا لَا يُنَاسِبُ أَنَّ الشُّرُوطَ لِخُلْطَةِ الْجِوَارِ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>