بِنَحْوِ شُرْبٍ أَوْ أَكْلٍ (كَغَيْرِهِ) مِمَّا ذُكِرَ فِي الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ (فِي الْأَصَحِّ) وَلَا أَثَرَ لِمُبَاشَرَتِهَا بِالِاسْتِعْمَالِ مَعَ وُجُودِ الْمُسَوِّغِ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ ضَبَّاتٌ صَغِيرَاتٌ لِزِينَةٍ فَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ حِلُّهَا وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْ مَجْمُوعِهَا قَدْرُ ضَبَّةٍ كَبِيرَةٍ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي تَحْرِيمُهَا لِمَا فِيهَا مِنْ الْخُيَلَاءِ وَبِهِ فَارَقَ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ تَعَدَّدَ الدَّمُ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ وَلَوْ اجْتَمَعَ لَكَثُرَ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِيهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ أَصْلَ الْمَشَقَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْعَفْوِ مَوْجُودٌ وَبِهِ يَبْطُلُ النَّظَرُ لِتَقْدِيرِ الْكَثْرَةِ بِفَرْضِ الِاجْتِمَاعِ وَهُنَا الْمُقْتَضِي لِلْحُرْمَةِ الْخُيَلَاءُ وَهُوَ مَوْجُودٌ مَعَ التَّفَرُّقِ الَّذِي هُوَ فِي قُوَّةِ الِاجْتِمَاعِ فَإِنْ قُلْت الَّذِي اعْتَمَدْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّهُ لَا تَحِلُّ الزِّيَادَةُ عَلَى طِرَازَيْنِ أَوْ رُقْعَتَيْنِ لِزِينَةٍ فَهَلَّا كَانَ مَا هُنَا كَذَلِكَ بِجَامِعِ أَنَّ الْكُلَّ لِلزِّينَةِ.
وَأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْفِضَّةِ وَالْحَرِيرِ التَّحْرِيمُ بَلْ الْفِضَّةُ أَغْلَظُ فَكَانَ مَا هُنَا أَوْلَى فَإِذَا امْتَنَعَ الزَّائِدُ عَلَى ثِنْتَيْنِ ثَمَّ فَهُنَا أَوْلَى قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ صِغَرَ ضَبَّةِ الزِّينَةِ وَكِبَرِهَا أَحَالُوهُ عَلَى مَحْضِ الْعُرْفِ وَهُوَ عِنْدَ التَّعَدُّدِ مُضْطَرِبٌ فَنَظَرُوا إلَى أَنَّ ذَلِكَ التَّعَدُّدَ هَلْ يُسَاوِي الْكَبِيرَةَ فَيَحْرُمُ أَوْ لَا فَيَحِلُّ.
وَأَمَّا ثَمَّ فَوَرَدَ تَقْدِيرُهُ بِأَرْبَعِ أَصَابِعَ وَكَانَ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ رُقْعَةٍ لَكِنْ وَجَدْنَا الطِّرَازَ يَحِلُّ مَعَ تَعَدُّدِهِ فَأَلْحَقْنَا بِهِ التَّرْقِيعَ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ هُنَاكَ أَصْلًا وَارِدًا فَاعْتَبَرْنَاهُ وَلَا كَذَلِكَ هُنَاكَ فَاعْتَبَرْنَا قِيَاسَ الْمُتَعَدِّدِ الْمُضْطَرِبِ فِيهِ الْعُرْفُ عَلَى الْكَبِيرِ لِلزِّينَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا اضْطِرَابَ فِيهَا (قُلْت الْمَذْهَبُ تَحْرِيمُ) إنَاءِ (ضَبَّةِ الذَّهَبِ مُطْلَقًا) ؛ لِأَنَّ الْخُيَلَاءَ فِيهِ أَشَدُّ كَضَبَّةِ الْفِضَّةِ إذَا عَمَّتْ الْإِنَاءَ وَمِنْهُ مَا اُعْتِيدَ فِي مِرْآةِ الْعُيُونِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَأُخِذَ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ فَقَدَ غَيْرَ
ــ
[حاشية الشرواني]
الْكَبِيرِ لِزِينَةٍ وَغَيْرِهَا هَذَا وَلَوْ قِيلَ يُنْظَرُ حِينَئِذٍ لِلْمُتَحَصِّلِ هَلْ يَبْلُغُ مِقْدَارَ كَبِيرَةٍ فَيَحْرُمُ أَوْ لَا فَلَا لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا فَتَأَمَّلْهُ بَصْرِيٌّ أَيْ غَايَةُ بُعْدٍ وَإِلَّا فَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَقْرَبُ مِنْهُ (قَوْلُهُ بِنَحْوِ شُرْبٍ) إلَى قَوْلِهِ وَحَاصِلُهُ فِي النِّهَايَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ مَنْسُوبٌ إلَى الْإِنَاءِ كُلِّهِ، وَلِأَنَّ مَعْنَى الْعَيْنِ وَالْخُيَلَاءِ لَا تَخْتَلِفُ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي بَلْ قَدْ تَكُونُ الزِّينَةُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الِاسْتِعْمَالِ أَكْثَرُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَا أَثَرَ إلَخْ) رَدٌّ لِدَلِيلِ الْمُقَابِلِ الْقَائِلِ بِالْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ وَبِهِ فَارَقَ إلَخْ) أَيْ بِالتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ اجْتَمَعَ إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَ (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) وَهُوَ عَدَمُ الضَّرَرِ الرَّاجِحِ عِنْدَ الشَّارِحِ وَالْمَرْجُوحِ عِنْدَ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَحَاصِلُهُ) أَيْ الْفَرْقِ (قَوْلُهُ مَوْجُودٌ) أَيْ فِي الدَّمِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ لِتَقْدِيرِ الْكَثْرَةِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ تَقْدِيرٍ (قَوْلُهُ فَكَانَ مَا هُنَا أَوْلَى) يُغْنِي عَنْهُ مَا بَعْدَهُ قَوْلُ الْمَتْنِ (مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ مِمَّا مَرَّ مُغْنِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْخُيَلَاءَ فِيهِ أَشَدُّ) أَيْ مِنْ الْفِضَّةِ، وَلِأَنَّ الْحَدِيثَ فِي الْفِضَّةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِهَا جَوَازُهُ؛ لِأَنَّهَا أَوْسَعُ بِدَلِيلِ جَوَازِ الْخَاتَمِ لِلرَّجُلِ مِنْهَا، وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الذَّهَبَ كَالْفِضَّةِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْجُمْهُورِ مُغْنِي (قَوْلُهُ كَضَبَّةِ الْفِضَّةِ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ وَشَمِلَتْ الضَّبَّةُ لِلْحَاجَةِ مَا لَوْ عَمَّتْ جَمِيعَ الْإِنَاءِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى حِينَئِذٍ ضَبَّةً مَمْنُوعٌ، وَنَقَلَ سم مِثْلَهَا عَنْ الْإِيعَابِ وَأَقَرَّهُ وَاعْتَمَدَهُ الشَّيْخُ سُلْطَانٌ وَأَقَرَّهُ الْبُجَيْرَمِيُّ.
وَهَذِهِ مَعَ مَا قَدَّمَهُ كَالشَّارِحِ مِنْ أَنَّ تَحْلِيَةَ آلَةِ الْحَرْبِ جَائِزَةٌ وَإِنْ كَثُرَتْ كَالضَّبَّةِ لِحَاجَةٍ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ اهـ صَرِيحَةٌ فِي جَوَازِ تَعْمِيمِ بُيُوتِ الْجُنَّابِي بِالْفِضَّةِ كَمَا أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ هُنَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ، وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي الْكُرْدِيِّ عَلَى شَرْحِ بَافَضْلٍ مِمَّا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَالْكَبِيرَةُ لِحَاجَةٍ فِي التُّحْفَةِ وَالْإِمْدَادِ وَفَتْحِ الْجَوَادِ الْحُرْمَةُ إنْ عَمَّتْ الْإِنَاءَ، وَأَقَرَّ الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ الْمَاوَرْدِيُّ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ، وَخَالَفَ الشَّارِحُ ذَلِكَ فِي الْإِيعَابِ وَبَحَثَ أَنَّهُ إنْ كَانَ التَّعْمِيمُ لِحَاجَةٍ جَازَ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ، وَكَذَلِكَ الْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ فِي النِّهَايَةِ وَهَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ بَعْضِ الْعَوَامّ مِنْ تَعْمِيمِ بُيُوتِ الْجُنَّابِي بِالْفِضَّةِ أَفْتَى بَعْضُ فُقَهَاءِ الْيَمَنِ بِعَدَمِ الْإِلْحَاقِ، وَأَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِسْرَافِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الزَّكَاةِ اهـ فَإِنَّهُ لَا مَوْقِعَ لِلتَّرَدُّدِ بِقَوْلِهِ فَإِنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ هُنَا مَعَ كَلَامِهِ السَّابِقِ بَلْ مَا هُنَا فَقَطْ صَرِيحٌ فِي الْمَنْعِ.
وَكَلَامُ النِّهَايَةِ هُنَا مَعَ كَلَامِهِ السَّابِقِ صَرِيحٌ فِي الْجَوَازِ (قَوْلُهُ إذَا عَمَّتْ الْإِنَاءَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ صَغُرَتْ فِي نَفْسِهَا.
(فَرْعٌ)
قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مُضَبَّبًا بِمَا يَحْرُمُ وَفِضَّةً خَالِصَةً فَهَلْ يَحِلُّ لَهُ اسْتِعْمَالُ الْفِضَّةِ لِمَا يَأْتِي أَوْ يَتَعَيَّنُ اسْتِعْمَالُ الْمُضَبَّبِ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ فَقَدَ غَيْرَ النَّقْدَيْنِ وَوَجَدَ إنَاءً ذَهَبًا وَإِنَاءً فِضَّةً فَهَلْ يَحِلُّ اسْتِعْمَالُ الذَّهَبِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي حَالِ الضَّرُورَةِ لِانْتِفَاءِ حُرْمَتِهِمَا عِنْدَهَا أَوْ يَتَعَيَّنُ الْفِضَّةُ لِمَا مَرَّ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ أَيْضًا وَنَظِيرُ ذَلِكَ لَوْ وَجَدَ الْمُضْطَرُّ مَيْتَةَ كَلْبٍ وَحَيَوَانٍ آخَرَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، ثُمَّ إنَّهُ يَتَخَيَّرُ فَلْيَكُنْ هُنَا كَذَلِكَ انْتَهَى اهـ سم.
أَقُولُ تَقْدِيمٌ عَنْ النِّهَايَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ تَرْجِيحُ تَعَيُّنِ الْفِضَّةِ وَعَنْ الْبُجَيْرِمِيِّ وَشَيْخِنَا اعْتِمَادُهُ وَإِلَيْهِ يَمِيلُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي، وَأُخِذَ مِنْ الْعِلَّةِ إلَخْ وَقِيَاسُ ذَلِكَ تَعَيُّنُ الْمُضَبَّبِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَإِنْ ادَّعَى الشَّارِحُ فِي الْإِمْدَادِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ بِنَحْوِ شُرْبٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْإِرْشَادِ وَلَوْ بِمَحَلِّ شُرْبٍ أَوْ اسْتَوْعَبَتْ جُزْءًا قَالَ فِي شَرْحِهِ وَخَرَجَ بِ جُزْءًا مَا لَوْ اسْتَوْعَبَتْ الْجَمِيعَ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ قَطْعًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ اهـ.
وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَوْ عَمَّ التَّضْبِيبُ الْإِنَاءَ حَرُمَ قَوْلًا وَاحِدًا وَفِي إطْلَاقِهِ وَقْفَةٌ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ التَّعْمِيمُ لِحَاجَةٍ جَازَ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ وَلَا يُقَالُ هُوَ لَا يُسَمَّى ضَبَّةً حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَمْنُوعٌ لِمَا يَأْتِي أَنَّهَا مَا يُصْلَحُ بِهِ خَلَلُ الْإِنَاءِ وَهَذَا يَشْمَلُ ذَلِكَ إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ إذَا عَمَّتْ الْإِنَاءَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ صَغُرَتْ فِي نَفْسِهَا
(فَرْعٌ)
قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مُضَبَّبًا بِمَا يَحْرُمُ وَفِضَّةً خَالِصًا فَهَلْ يَحِلُّ لَهُ اسْتِعْمَالُ الْفِضَّةِ لِمَا يَأْتِي أَوْ يَتَعَيَّنُ اسْتِعْمَالُ الْمُضَبَّبِ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَكَذَلِكَ لَوْ فَقَدْ غَيْرَ النَّقْدَيْنِ وَوَجَدَ إنَاءَ ذَهَبٍ وَإِنَاءَ فِضَّةٍ فَهَلْ يَحِلُّ اسْتِعْمَالُ الذَّهَبِ لِتُسَاوِيهِمَا فِي حَالِ الضَّرُورَةِ لِانْتِفَاءِ حُرْمَتِهَا عِنْدَهَا أَوْ تَتَعَيَّنُ الْفِضَّةُ لِمَا مَرَّ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ أَيْضًا وَنَظِيرُ ذَلِكَ وَلَوْ وَجَدَ الْمُضْطَرُّ مَيْتَةَ كَلْبٍ وَحَيَوَانٍ آخَرَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ ثُمَّ إنَّهُ يَتَخَيَّرُ فَلْيَكُنْ هُنَا كَذَلِكَ وَمِنْهُ إنْ سُلِّمَ تَنْشَأُ قَاعِدَةٌ حَسَنَةٌ وَهِيَ أَنَّ مَا أُبِيحَ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ لَا نَظَرَ إلَى تَفَاوُتِ أَنْوَاعِهِ خِفَّةً وَغِلَظًا عِنْدَ إبَاحَتِهِ وَإِنْ نَظَرَ إلَيْهَا عِنْدَ تَحْرِيمِهِ إلَى أَنْ قَالَ وَلَوْ تَفَرَّقَتْ