للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ نَحْوِ سُكْرٍ وَلَوْ مُمَكِّنًا مَقْعَدَهُ إجْمَاعًا أَوْ نَوْمٍ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَقَدْ بَيَّنْت خُلَاصَةَ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي تَعْرِيفِ الْعَقْلِ وَتَوَابِعِهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ مَنْبَعُهُ وَأُسُّهُ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ يَجْرِي مِنْهُ مَجْرَى النُّورِ مِنْ الشَّمْسِ وَالرُّؤْيَةِ مِنْ الْعَيْنِ وَمَنْ عَكَسَ أَرَادَ مِنْ حَيْثُ اسْتِلْزَامُهُ لَهُ، وَأَنَّهُ تَعَالَى يُوصَفُ بِهِ لَا بِالْعَقْلِ (إلَّا) مُتَّصِلٌ كَمَا عُرِفَ فِي تَفْسِيرِ الْعَقْلِ بِمَا ذُكِرَ (نَوْمَ) قَاعِدٍ (مُمَكِّنِ مَقْعَدِهِ) أَيْ أَلْيَيْهِ مِنْ مَقَرِّهِ وَلَوْ دَابَّةً سَائِرَةً، وَإِنْ اسْتَنَدَ لِمَا لَوْ زَالَ عَنْهُ لَسَقَطَ أَوْ احْتَبَى وَلَيْسَ بَيْنَ بَعْضِ مَقْعَدِهِ وَمَقَرِّهِ تَجَافٍ لِلْأَمْنِ مِنْ خُرُوجِ شَيْءٍ حِينَئِذٍ وَعَلَيْهِ حَمَلْنَا خَبَرَ مُسْلِمٍ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَنَامُونَ ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد يَنَامُونَ حَتَّى تَخْفِقَ رُءُوسُهُمْ الْأَرْضَ

ــ

[حاشية الشرواني]

عِبَارَةُ ع ش وَمِنْ النَّاقِضِ أَيْضًا اسْتِغْرَاقُ الْأَوْلِيَاءِ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِمْ خِلَافًا لِمَا تَوَهُّمُهُ بَعْضُ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ اهـ وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا، وَهُوَ أَيْ الْإِغْمَاءُ زَوَالُ الشُّعُورِ مِنْ الْقَلْبِ مَعَ الْفُتُورِ فِي الْأَعْضَاءِ، وَهُوَ غَيْرُ نَاقِضٍ فِي حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ كَالنَّوْمِ وَمِنْ الْإِغْمَاءِ مَا يَقَعُ فِي الْحَمَّامِ، وَإِنْ قَلَّ فَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ اهـ وَقَوْلُهُ، وَهُوَ غَيْرُ نَاقِضٍ فِي حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ كَالنَّوْمِ فِي ع ش والبجيرمي مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَ سُكْرٍ) كَأَنْ زَالَ بِمَرَضٍ قَامَ بِهِ ع ش (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ فَمَنْ نَامَ إلَخْ) أَيْ وَغَيْرُ النَّوْمِ مِمَّا ذُكِرَ أَبْلَغُ مِنْهُ فِي الذُّهُولِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِ شَيْءٍ مِنْ الدُّبُرِ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ الْخَبَرُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: فِي تَعْرِيفِ الْعَقْلِ إلَخْ) وَالْعَقْلُ لُغَةً الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ صَاحِبَهُ مِنْ ارْتِكَابِ الْفَوَاحِشِ وَأَمَّا اصْطِلَاحًا فَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ إنَّهُ صِفَةٌ يُمَيِّزُ بِهَا بَيْنَ الْحَسَنِ وَالْقَبِيحِ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ آلَةُ التَّمْيِيزِ وَقِيلَ هُوَ غَرِيزَةٌ يَتْبَعُهَا الْعِلْمُ بِالضَّرُورِيَّاتِ عِنْدَ سَلَامَةِ الْآلَاتِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ فِي مَحَلِّهِ فَقَالَ أَصْحَابُنَا: وَجُمْهُورُ الْمُتَكَلِّمِينَ إنَّهُ فِي الْقَلْبِ وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَكْثَرُ الْأَطِبَّاءِ إنَّهُ فِي الدِّمَاغِ.

(فَائِدَةٌ)

قَالَ الْغَزَالِيُّ الْجُنُونُ يُزِيلُ الْعَقْلَ وَالْإِغْمَاءُ يَغْمُرُهُ وَالنَّوْمُ يَسْتُرُهُ مُغْنِي عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ فِي الْقَلْبِ وَلَهُ شُعَاعٌ مُتَّصِلُ بِالدِّمَاغِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْعِلْمِ) إنْ أُرِيدَ بِالْأَفْضَلِ الْأَشْرَفُ فَهُوَ مُحْتَمَلٌ أَوْ الْأَكْثَرُ ثَوَابًا فَمَحَلُّ تَأَمُّلٍ إنْ أُرِيدَ بِالْعَقْلِ الْغَرِيزَةُ إذْ لَا صُنْعَ لَهُ فِيهَا بَصْرِيٌّ أَقُولُ وَكَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ عَكَسَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا.

وَقَالَ الرَّمْلِيُّ بِالثَّانِي أَيْ الْعِلْمُ أَفْضَلُ مِنْ الْعَقْلِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِاسْتِلْزَامِهِ لَهُ؛ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُوصَفُ بِهِ لَا بِالْعَقْلِ اهـ وَقَوْلُهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَدْ يُنَافِي قَوْلَهُ بَعْدُ وَهَذَا الْخِلَافُ مِمَّا لَا طَائِلَ تَحْتَهُ اهـ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ اسْتِلْزَامُهُ) يُتَأَمَّلُ سم عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّّ مَا نَصُّهُ وَكَانَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ الْكَافِيجِيُّ يَقُولُ الْعِلْمُ أَفْضَلُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ أَقْرَبَ إلَى الْإِفْضَاءِ إلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَالْعَقْلُ أَفْضَلُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَنْبَعًا لِلْعِلْمِ وَأَصْلًا لَهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ فَضِيلَةَ الْعِلْمِ بِالذَّاتِ وَفَضِيلَةَ الْعَقْلِ بِالْوَسِيلَةِ إلَى الْعِلْمِ اهـ.

(قَوْلُهُ: مُتَّصِلٌ) إلَى قَوْلِهِ أَوْ هَلْ زَالَتْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ قَاعِدٍ وَقَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ إلَى وَخَرَجَ وَقَوْلُهُ الْقَاعِدُ وَإِلَى قَوْلِهِ كَسَائِرٍ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا مَا ذُكِرَ وَقَوْلُهُ مَعَ عَدَمِ تَذَكُّرٍ إلَى مَعَ الشَّكِّ قَوْلُ الْمَتْنِ (إلَّا نَوْمَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ النَّوْمَ الْمَذْكُورَ مُسْتَثْنًى مِنْ مَحْذُوفٍ أَيْ زَوَالُ الْعَقْلِ بِشَيْءٍ إلَّا نَوْمَ إلَخْ سم وَيُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ لِمَنْ نَامَ مُتَمَكِّنًا خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ مُغْنِي وَأَسْنَى وَكُرْدِيٌّ وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ قَاعِدٍ) التَّقْيِيدُ بِالْقَاعِدِ الَّذِي زَادَهُ قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْقَائِمَ قَدْ يَكُونُ مُمَكِّنًا كَمَا لَوْ انْتَصَبَ وَفَرَّجَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ وَأَلْصَقَ الْمَخْرَجَ بِشَيْءٍ مُرْتَفِعٍ إلَى حَدِّ الْمَخْرَجِ وَلَا يَتَّجِهُ إلَّا أَنَّ هَذَا تَمَكُّنٌ مَانِعٌ مِنْ النَّقْضِ فَيَنْبَغِي الْإِطْلَاقُ وَلَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش.

وَنَقَلَ شَيْخُنَا عَنْ الشَّيْخِ عَطِيَّةَ أَنَّ مَنْ قَامَ قَائِمًا مُتَمَكِّنًا فَلَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ تُفِيدُهُ عِبَارَةُ الشَّيْخِ الْخَطِيبِ ثُمَّ سَاقَهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ دَابَّةً سَائِرَةً) فَغَيْرُ السَّائِرَةِ مِنْ بَابِ أَوْلَى كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ احْتَبَى) أَيْ ضَمَّ ظَهْرَهُ وَسَاقَيْهِ بِعِمَامَةٍ أَوْ غَيْرِهَا نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ الِاحْتِبَاءُ هُوَ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى أَلْيَتَيْهِ رَافِعًا رُكْبَتَيْهِ مُحْتَوِيًا عَلَيْهِمَا بِيَدَيْهِ أَوْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَظَهْرُهُ بِنَحْوِ عِمَامَةٍ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الصُّوفِيَّةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ إلَخْ) وَلَا فَرْقَ بَيْنَ النَّحِيفِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا نَعَمْ إنْ كَانَ بَيْنَ مَقْعَدِهِ وَمَقَرِّهِ تَجَافٍ نُقِضَ كَمَا نَقَلَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّهُ خَطِيبٌ وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ تَجَافٍ) وَلَوْ سَدَّ التَّجَافِيَ بِنَحْوِ قُطْنٍ لَا يَنْتَقِضُ زِيَادِيٌّ وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِلْأَمْنِ مِنْ خُرُوجِ شَيْءٍ) أَيْ مِنْ دُبُرِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِاحْتِمَالِ خُرُوجِ رِيحٍ مِنْ قُبُلِهِ، وَإِنْ اعْتَادَهُ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ النُّدْرَةُ شَيْخُنَا وع ش وَرُشَيْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ التَّمْكِينُ (قَوْلُهُ: حَتَّى تَخْفِقَ رُءُوسُهُمْ) أَيْ يَقْرَبُ خَفَقَانُ رُءُوسِهِمْ إذْ لَوْ خَفَقَتْ رُءُوسُهُمْ الْأَرْضَ حَقِيقَةً أَيْ وَصَلَتْ إلَيْهَا

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

أَنْ تُجْعَلَ أَوْ مَجَازًا عَنْ الْوَاوِ وَيُكْتَفَى بِذَلِكَ فِي هَذَا الْحُكْمِ أَوْ يُخَصُّ ذَلِكَ الْحُكْمُ بِحَيْثُ لَا يَشْمَلُ مَا نَحْنُ فِيهِ

(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ اسْتَلْزَمَهُ) يُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: إلَّا نَوْمَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ النَّوْمَ الْمَذْكُورَ مُسْتَثْنًى مِنْ مَحْذُوفٍ أَيْ زَوَالُ الْعَقْلِ بِشَيْءٍ إلَّا نَوْمَ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَاعِدٍ مُمَكَّنٍ) التَّقْيِيدُ بِالْقَاعِدِ الَّذِي زَادَهُ قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْقَائِمَ قَدْ يَكُونُ مُمَكَّنًا كَمَا لَوْ انْتَصَبَ وَفَرَّجَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ وَأَلْصَقَ الْمَخْرَجَ بِشَيْءٍ مُرْتَفِعٍ إلَى حَدِّ الْمَخْرَجِ وَلَا يَتَّجِهُ إلَّا أَنَّ هَذَا تَمَكُّنٌ مَانِعٌ مِنْ النَّقْضِ فَيَنْبَغِي الْإِطْلَاقُ وَلَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ حَمَلْنَا خَبَرَ مُسْلِمٍ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت حَمْلُ الْخَبَرِ عَلَى هَذَا لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى النَّوْمِ الْخَفِيفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ إدْرَاكَ خُرُوجِ الْخَارِجِ قُلْت بَلْ هُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ خُرُوجَ الْخَارِجِ قَدْ يَخِفُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>