وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ لِلْأَمْنِ إلَى آخِرِهِ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ نَائِمًا غَيْرَ مُمَكَّنٍ مَعْصُومٌ كَالْخَضِرِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ نَبِيٌّ بِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ وَقَدْ تُنَازِعُهُ قَاعِدَةُ أَنَّ مَا نِيطَ بِالْمَظِنَّةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ وُجُودِهِ وَعَدَمِهِ كَالْمَشَقَّةِ فِي السَّفَرِ وَعَلَى هَذَا يَتَّجِهُ عَدُّ الْمَتْنِ الزَّوَالَ نَفْسَهُ فِي غَيْرِ النَّائِمِ الْمُمَكَّنِ سَبَبًا لِلْحَدَثِ.
وَأَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَوَجْهُ عَدِّهِ أَنَّهُ سَبَبٌ لِخُرُوجِ شَيْءٍ مِنْ الدُّبُرِ غَالِبًا فَكَأَنَّهُ قَالَ الْأَوَّلُ الْخُرُوجُ نَفْسُهُ وَالثَّانِي سَبَبُهُ وَخَرَجَ بِالْقَاعِدِ الْمُمَكِّنُ غَيْرَهُ كَالنَّائِمِ عَلَى قَفَاهُ، وَإِنْ اسْتَثْفَرَ وَأَلْصَقَ مَقْعَدَهُ بِمَقَرِّهِ وَبِالنَّوْمِ النُّعَاسُ وَأَوَائِلُ نَشْأَةِ السُّكْرِ لِبَقَاءِ نَوْعٍ مِنْ التَّمْيِيزِ مَعَهُمَا إذْ مِنْ عَلَامَاتِ النُّعَاسِ سَمَاعُ كَلَامِ الْحَاضِرِينَ، وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْهُ وَلَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُ شَاكٍّ هَلْ نَامَ أَوْ نَعَسَ أَوْ هَلْ كَانَ مُمَكِّنًا أَوْ لَا أَوْ هَلْ زَالَتْ أَلْيَتُهُ قَبْلَ الْيَقِظَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَتَيَقُّنُ الرُّؤْيَا مَعَ عَدَمِ تَذَكُّرِ نَوْمٍ لَا أَثَرَ لَهُ بِخِلَافِهِ
ــ
[حاشية الشرواني]
ارْتَفَعَ الْأَلْيَانِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ إلَخْ) وَلَوْ نَامَ مُمَكِّنًا فَأَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِخُرُوجِ رِيحٍ مِنْهُ أَوْ بِنَحْوِ مَسِّهَا لَهُ اعْتَمَدَ الشَّارِحُ فِي الْإِيعَابِ وَغَيْرِهِ وُجُوبَ الْأَخْذِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ ظَنٌّ أَقَامَهُ الشَّارِعُ مَقَامَ الْيَقِينِ بَلْ صَوَّبَهُ فِي فَتَاوِيهِ قَالَ الزِّيَادِيُّ فِي شَرْحِ الْمُحَرَّرِ: الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُ خَبَرِهِ فَلَا نَقْضَ بِإِخْبَارِ الْعَدْلِ اهـ وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِنَوْمِ مُمَكِّنٍ قَالَ الْقَلْيُوبِيُّ، وَإِنْ طَالَ وَلَوْ فِي رُكْنٍ قَصِيرٍ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي الرُّكْنِ الْقَصِيرِ؛ لِأَنَّ تَعَاطِيَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَهُوَ كَالْعَمْدِ وَفِيهِ بَحْثٌ انْتَهَى اهـ.
كُرْدِيٌّ وَأَقَرَّ سم وعِ ش مَا قَالَهُ الرَّمْلِيُّ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَاعْتَمَدَ الْبُجَيْرِمِيُّّ مَا قَالَهُ الرَّمْلِيُّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَكَذَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا ثُمَّ قَالَ وَلَوْ أَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ أَوْ عَدَدُ التَّوَاتُرِ بِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ حَالَ تَمَكُّنِهِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ لِتَيَقُّنِ الْخُرُوجِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُنَازِعُهُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر سم وَقَالَ الْبَصْرِيُّ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ وَيُضْعِفُ الْمُنَازَعَةَ فِيهِ تَعْلِيلُهُمْ لِاسْتِثْنَاءِ نَوْمِ الْأَنْبِيَاءِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ - بِيَقِظَةِ قُلُوبِهِمْ فَتُدْرِكُ الْخَارِجَ فَتَأَمَّلْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى النِّزَاعِ وَ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ الْمَأْخُوذِ مِنْ قَوْلِهِمْ لِلْأَمْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَوَجْهُ عَدِّهِ) أَيْ عَدِّ زَوَالِ الْعَقْلِ سَبَبًا لِلْحَدَثِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَثْفَرَ) وَفِي الْقَامُوسِ وَالِاسْتِثْفَارُ بِثَاءٍ فَفَاءٍ أَنْ يُدْخِلَ إزَارَهُ بَيْنَ فَخِذَيْهِ مَلْوِيًّا اهـ.
(قَوْلُهُ: النُّعَاسُ) وَهُوَ أَوَائِلُ النَّوْمِ مَا لَمْ يَزُلْ تَمْيِيزُهُ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: نَشْوَةِ السُّكْرِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ بِلَا هَمْزٍ ع ش عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّّ عَنْ الْبِرْمَاوِيِّ بِفَتْحِ الْوَاوِ عَلَى الْأَفْصَحِ مُقَدِّمَاتِ السُّكْرِ وَأَمَّا بِالْهَمْزِ فَالنُّمُوُّ مِنْ قَوْلِهِمْ نَشَأَ الصَّبِيُّ نَمَا وَزَادَ اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ نَعَسَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ سم عَلَى حَجّ وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ نَعَسَ يَنْعَسُ بِالضَّمِّ وَمِثْلُهُ فِي الصِّحَاحِ ع ش وَعِبَارَةُ الْقَامُوسِ نَعَسَ كَمَنَعَ فَهُوَ نَاعِسٌ اهـ، وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ أَوْ هَلْ زَالَتْ أَلْيَتُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَوْ زَالَتْ إحْدَى أَلْيَتَيْ نَائِمٍ مُمَكِّنٍ قَبْلَ انْتِبَاهِهِ نُقِضَ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ شَكَّ فِي تَقَدُّمِهِ أَوْ أَنَّ مَا خَطَرَ بِبَالِهِ رُؤْيَا أَوْ حَدِيثُ نَفْسٍ فَلَا اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا أَثَرَ لَهُ بِخِلَافِهِ مَعَ الشَّكِّ) هَذِهِ التَّفْرِقَةُ غَيْرُ مُتَّجِهَةٍ؛ لِأَنَّ الرُّؤْيَا إنْ كَانَتْ مِنْ خَصَائِصِ النَّوْمِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ عَدَمِ التَّذَكُّرِ وَالشَّكِّ فِي النَّقْضِ حَيْثُ لَا تَمْكِينَ بَلْ هِيَ مُرَجَّحَةٌ مَعَ عَدَمِ التَّذَكُّرِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ وُجُودَ خَاصَّةِ الشَّيْءِ يُرَجِّحُ بَلْ قَدْ يُعَيَّنُ وُجُودُهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ خَصَائِصِهِ فَلَا وَجْهَ لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا بِالنَّقْضِ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ إذْ لَا نَقْضَ بِالشَّكِّ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُتَمَكِّنًا وَلَوْ احْتِمَالًا فَلَا نَقْضَ فِيهِمَا وَإِلَّا حَصَلَ النَّقْضُ فِيهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَمِنْ عَلَامَةِ النَّوْمِ الرُّؤْيَا فَلَوْ رَأَى رُؤْيَا وَشَكَّ هَلْ نَامَ أَوْ نَعَسَ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ اهـ.
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
جِدًّا بِحَيْثُ يَخْفَى مَعَ أَدْنَى نَوْمٍ بِخِلَافِ التَّمَكُّنِ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْخُرُوجَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ إلَخْ) فِي فَتَاوَى الشَّارِحِ أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ حَدَثٌ فَهَلْ يَلْزَمُهُ قَبُولُ خَبَرِهِ أَوْ لَا كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْيَمَنِ فَأَجَابَ بِأَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَزَعَمَ أَنَّ خَبَرَهُ لَا يُفِيدُ الْيَقِينَ بَلْ الظَّنَّ وَلَا يُرْفَعُ يَقِينُ طُهْرٍ بِظَنِّ حَدَثٍ يُبْطِلُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ بِوُقُوعِ نَجَاسَةٍ فِي الْمَاءِ لَزِمَهُ قَبُولُ خَبَرِهِ مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَوَجْهُهُ أَنَّ هَذَا، وَإِنْ كَانَ ظَنًّا إلَّا أَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْيَقِينِ شَرْعًا فِي أَبْوَابٍ كَثِيرَةٍ اهـ.
وَقَضِيَّةُ تَوْجِيهِهِ أَنَّهُ لَوْ أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ الَّذِي أَخْبَرَهُ بِوُقُوعِ نَجَاسَةٍ فِيهِ لَزِمَهُ تَطْهِيرُهُ ثُمَّ رَأَيْت التَّنْبِيهَ الْآتِيَ فِي كَلَامِهِ وَالْوَجْهُ أَنَّ شَرْطَ لُزُومِ قَبُولِ خَبَرِهِ أَنْ لَا يَعْلَمَ أَنَّ مُسْتَنَدَهُ فِي إخْبَارِهِ ظَنُّهُ بِاجْتِهَادٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ بِتَرَدُّدٍ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ظَنَّهُ نَفْسَهُ لَا يُؤَثِّرُ فَظَنُّ غَيْرِهِ أَوْلَى وَلَعَلَّ هَذَا فِي غَايَةِ الظُّهُورِ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ تَذَكَّرْت قَوْلَ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ وَلَوْ أَخْبَرَهُ بِتَنَجُّسِهِ مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ إلَخْ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي لُزُومِ التَّطْهِيرِ مِمَّا أَصَابَهُ مِنْ الْمَاءِ الَّذِي أَخْبَرَ الْعَدْلُ بِوُقُوعِ نَجَاسَةٍ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تُنَازِعُهُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ نَعَسَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: وَتَيَقَّنَ الرُّؤْيَا مَعَ عَدَمِ تَذَكُّرِ نَوْمٍ لَا أَثَرَ لَهُ بِخِلَافِهِ مَعَ الشَّكِّ إلَخْ) هَذِهِ التَّفْرِقَةُ غَيْرُ مُتَّجِهَةٍ؛ لِأَنَّ الرُّؤْيَا إنْ كَانَتْ مِنْ خَصَائِصِ النَّوْمِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّذَكُّرِ وَالشَّكِّ فِي النَّقْضِ حَيْثُ لَا تَمْكِينَ بَلْ هِيَ مُرَجَّحَةٌ مَعَ عَدَمِ التَّذَكُّرِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ وُجُودَ خَاصَّةِ الشَّيْءِ تُرَجِّحُ بَلْ قَدْ تَعَيَّنَ وُجُودُهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ خَصَائِصِهِ فَلَا وَجْهَ لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا بِالنَّقْضِ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ إذْ لَا نَقْضَ بِالشَّكِّ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُتَمَكِّنًا وَلَوْ احْتِمَالًا فَلَا نَقْضَ فِيهِمَا وَإِلَّا حَصَلَ النَّقْضُ فِيهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَتَيَقَّنَ الرُّؤْيَا إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ تَيَقُّنُ الرُّؤْيَا مِنْ غَيْرِ تَذَكُّرِ نَوْمٍ وَلَا شَكَّ فِيهِ، وَهُوَ