للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَيْهِ فَظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَهُ قَبْلَ الْفَجْرِ تَصْوِيرٌ وَأَنَّ مَعْنَى مَا أَفَادَهُ الْمَتْنُ مِنْ وُقُوعِهِ عَنْهُ إجْزَاءُ نِيَّتِهِ لَوْ بَانَ مِنْهُ وَلَوْ بَعْدَ الْفَجْرِ وَإِنْ حَكَمْنَا بِأَنَّهُ يَوْمُ شَكٍّ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ فَإِذَا بَانَ خِلَافُهُ مَعَ وُقُوعِ النِّيَّةِ صَحِيحَةً وَجَبَ وُقُوعُهُ عَنْ رَمَضَانَ وَفَارَقَ هَذَا مَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَى مُعْتَقِدِ صِدْقِ مُخْبِرِهِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ وَهَذَا فِي الظَّنِّ كَمَا تَقَرَّرَ وَشَتَّانَ مَا بَيْنَهُمَا (وَلَوْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ صَوْمَ غَدٍ إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ أَجْزَأَهُ إنْ كَانَ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ وَحُذِفَ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِتَرَدُّدٍ يَبْقَى بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَلَوْ بِعَدْلٍ؛ لِأَنَّهُ وَاضِحٌ.

(وَلَوْ اشْتَبَهَ) رَمَضَانُ عَلَى نَحْوِ أَسِيرٍ أَوْ مَحْبُوسٍ (صَامَ شَهْرًا بِالِاجْتِهَادِ) كَمَا يَجْتَهِدُ لِلصَّلَاةِ فِي نَحْوِ الْقِبْلَةِ وَالْوَقْتِ فَلَوْ صَامَ بِلَا اجْتِهَادٍ لَمْ يُجْزِئْهُ وَإِنْ بَانَ رَمَضَانُ لِتَرَدُّدِهِ وَلَوْ تَحَيَّرَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ دُخُولِ الْوَقْتِ وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْقِبْلَةِ

ــ

[حاشية الشرواني]

مَوْضِعَانِ وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّ كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ مُتَنَاقِضٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فِي مَوْضِعٍ يَجِبُ وَفِي مَوْضِعٍ يَجُوزُ وَفِي مَوْضِعٍ يَمْتَنِعُ اهـ وَيَأْتِي عَنْ سم مَا يُوَافِقُهُ وَقَوْلُهُ الْمُعْتَقِدُ إلَخْ أَيْ: الظَّانُّ لِذَلِكَ كَمَا مَرَّ تَفْسِيرُهُ بِهِ فِي كَلَامِهِ وَيُفِيدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي، وَأَمَّا مَنْ ظَنُّهُ إلَخْ وَهُوَ الَّذِي يَنْدَفِعُ بِهِ التَّنَافِي.

(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ عَنْ زَعْمِ التَّنَافِي بَيْنَ مَا هُنَا مِنْ الصِّحَّةِ وَمَا يَأْتِي مِنْ الِامْتِنَاعِ وَالْحُرْمَةِ وَنَقَلَ الشَّارِحُ فِي الْإِيعَابِ هَذَا الْجَوَابَ عَنْ السُّبْكِيّ وَغَيْرِهِ وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ فَظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَهُ إلَخْ) كَذَا فِي أَصْلِهِ بِخَطِّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَكَأَنَّ الْمُرَادَ قَوْلُ الْقَائِلِ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مَرْجِعٌ مَخْصُوصٌ بَصْرِيٌّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ الشَّارِحِ عَلَى سَبِيلِ التَّجْرِيدِ.

(قَوْلُهُ تَصْوِيرٌ) يُؤَيِّدُهُ أَنَّ كَلَامَهُمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ مُطْلَقٌ وَعِبَارَتُهُمَا فَإِنْ لَمْ يَسْتَنِدْ اعْتِقَادُهُ إلَى مَا يُثِيرُ ظَنًّا فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ وَإِنْ اسْتَنَدَ إلَيْهِ بِأَنْ اعْتَقَدَ قَوْلَ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ صِبْيَانٍ ذَوِي رُشْدٍ وَنَوَى صَوْمَهُ عَنْ رَمَضَانَ أَجْزَأَهُ إذَا بَانَ مِنْ رَمَضَانَ انْتَهَتْ اهـ بَصْرِيٌّ.

(قَوْلُهُ إجْزَاءُ نِيَّتِهِ لَوْ بَانَ مِنْهُ وَلَوْ بَعْدَ الْفَجْرِ) قَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ هَذَا الْمَعْنَى جَوَازُ إمْسَاكِهِ عَلَى رَجَاءِ التَّبَيُّنِ إلَى الْغُرُوبِ وَعَلَيْهِ فَمَعْنَى قَوْلِهِ السَّابِقِ وَإِلَّا كَانَ يَوْمَ شَكٍّ إلَخْ أَيْ: بِحَسَبِ الظَّاهِرِ كَمَا يَأْتِي وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى فَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ مَا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ مَا أَفَادَهُ الْمَتْنُ) أَيْ: الِاسْتِثْنَاءُ الْمُتَقَدِّمُ (قَوْلُهُ خِلَافُهُ) أَيْ: خِلَافُ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ أَوْ خِلَافُ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ وَفَارَقَ هَذَا) أَيْ: مَا فِي الْمَتْنِ هُنَا مِنْ صِحَّةِ النِّيَّةِ فَقَطْ بِدُونِ وُجُوبِ الصَّوْمِ (مَا مَرَّ) أَيْ: فِي الْمَتْنِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ (قَوْلُهُ كَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ: فِي تَفْسِيرٍ اعْتَقَدَ بِقَوْلِهِ أَيْ: ظَنَّ (قَوْلُهُ وَحَذَفَ) أَيْ: الْمِنْهَاجُ (مِنْ أَصْلِهِ) أَيْ: مِنْ كَلَامِ الْمُحَرَّرِ.

(قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِتَرَدُّدٍ يَبْقَى إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَهُ الِاعْتِمَادُ فِي نِيَّتِهِ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ وَلَوْ بِشَهَادَةِ عَدْلٍ وَلَا أَثَرَ لِتَرَدُّدٍ إلَخْ وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ مَا جَرَى عَلَيْهِ فِي الْإِسْعَادِ وَتَبِعَهُ الشَّمْسُ الْجَوْجَرِيُّ مِنْ جَعْلِ حُكْمِهِ مُفِيدًا لِلْجَزْمِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ بِعَدْلٍ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَنْ جَهِلَ حَالَ الشَّاهِدِ أَمَّا الْعَالِمُ بِفِسْقِهِ وَكَذِبِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ؛ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْجَزْمُ بِالنِّيَّةِ بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ صَوْمُهُ حَيْثُ حَرُمَ صَوْمُهُ كَيَوْمِ الشَّكِّ مُغْنِي وَأَسْنَى وَتَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ مِثْلُهُ بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ وَاضِحٌ) أَيْ: وَلِفَهْمِهِ مِنْ كَلَامِهِ مُغْنِي.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَوْ اشْتَبَهَ إلَخْ) وَفِي الْمَجْمُوعِ لَوْ وَطِئَ فِي صَوْمِ الِاجْتِهَادِ وَصَادَفَ رَمَضَانَ كَفَّرَ وَإِلَّا فَلَا إيعَابٌ اهـ سم (قَوْلُهُ رَمَضَانُ) إلَى الْفَصْلِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَإِنْ نَوَى بِهِ الْقَضَاءَ وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ أَوْ وَافَقَ رَمَضَانَ السَّنَةَ إلَى أَوْ أَنَّهُ كَانَ (قَوْلُهُ رَمَضَانُ) وَمِثْلُهُ مُعَيَّنٌ نَذَرَ صَوْمَهُ إيعَابٌ (قَوْلُهُ عَلَى نَحْوِ أَسِيرٍ إلَخْ) كَقَرِيبِ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ قَوْلُ الْمَتْنِ (صَامَ شَهْرًا إلَخْ) وَلَوْ تَحَرَّى لِشَهْرٍ نَذَرَهُ فَوَافَقَ رَمَضَانَ لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَوَى النَّذْرَ وَرَمَضَانُ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمُ قَضَاءٍ فَأَتَى بِهِ فَوَافَقَ رَمَضَانَ فَلَا يَصِحُّ أَدَاءٌ وَلَا قَضَاءٌ أَسْنَى وَمُغْنِي وَإِيعَابٌ زَادَ النِّهَايَةُ وَلَوْ صَامَ يَوْمَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ نَفْلٍ ثُمَّ إنَّهُ لَمْ يَنْوِ فِي أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَدْرِ أَهُوَ الْفَرْضُ أَوْ النَّفَلُ لَزِمَتْهُ إعَادَةُ الْفَرْضِ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (بِالِاجْتِهَادِ) أَيْ بِأَمَارَاتٍ كَالرَّبِيعِ وَالْخَرِيفِ وَالْحَرِّ وَالْبَرْدِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ كَمَا يَجْتَهِدُ لِلصَّلَاةِ إلَخْ) وَلَوْ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى فَوَاتِ رَمَضَانَ وَأَرَادَ قَضَاءَهُ فَالْوَجْهُ قَضَاءُ ثَلَاثِينَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ كَمَالُ رَمَضَانَ نَعَمْ لَوْ عَلِمَ نَقْصَ رَمَضَانَ الْفَائِتِ كَفَاهُ قَضَاءُ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَكَذَا إنْ ظَنَّ نَقْصَهُ بِالِاجْتِهَادِ فِيمَا يَظْهَرُ بِأَنْ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى شَهْرٍ مُعَيَّنٍ سَابِقٍ وَعَلِمَ نَقْصَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.

(قَوْلُهُ فِي نَحْوِ الْقِبْلَةِ إلَخْ) أَيْ كَسَاتِرِ الْعَوْرَةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ بَانَ) أَيْ: وَافَقَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) أَيْ: مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الْوُجُوبُ فَإِنْ تَحَقَّقَ وَلَا بُدَّ وَجَبَ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ كَمَا إذَا مَضَى عَلَيْهِ مُدَّةٌ يَقْطَعُ بِأَنَّهُ مَضَى فِيهَا رَمَضَانُ وَلَا بُدَّ فَلْيُرَاجَعْ رَشِيدِيٌّ أَقُولُ وَيُفِيدُهُ قَوْلُهُمْ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ دُخُولِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ الصَّوْمُ وَيَقْضِي كَالْمُتَحَيِّرِ فِي الْقِبْلَةِ أُجِيبُ بِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الْوُجُوبُ وَلَمْ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

يَصِحُّ تَطَوُّعًا حَيْثُ جَازَ أَوْ لَا وَكَذَا لَمْ يَبِنْ ذَلِكَ عَلَى الْأَوَّلِ (فَرْعٌ) نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ صَوْمَ رَمَضَانَ فَهَلْ يَتْبَعُهُ غَيْرُهُ يُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ إنْ اعْتَقَدَ غَيْرَهُ أَنَّهُ اعْتَمَدَ فِي نِيَّتِهِ عَلَى مَا لَوْ حَصَلَ لِذَلِكَ الْغَيْرِ لَزِمَهُ الصَّوْمُ كَأَنْ اعْتَمَدَ عَلَى خَبَرِ مَنْ اعْتَقَدَ صِدْقَهُ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ الْغَيْرُ صِدْقَهُ لَزِمَهُ الصَّوْمُ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ أُخْبِرَ أَنَّ فَاسِقًا أَخْبَرَهُ وَاعْتَقَدَ صِدْقَهُ فَإِنْ اعْتَقَدْنَا صِدْقَهُ عَنْ ذَلِكَ الْفَاسِقِ وَصَدَقَ ذَلِكَ الْفَاسِقُ لَزِمَنَا الصَّوْمُ وَإِلَّا فَلَا هَكَذَا يُتَّجَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ م ر.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ صَامَ شَهْرًا بِالِاجْتِهَادِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ وَفِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ وَطِئَ فِي صَوْمِ الِاجْتِهَادِ وَصَادَفَ رَمَضَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>